كاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
بين يديَّ درع تذكارية ـ تسلمتها قبل قليل بعدما شاركت في ندوة ـ ستنضم إلى زحمة من الدروع أرصها بدون فخر في دولاب ينوء بها، أعتقد أنني سأتخلص من معظمها، فهي لا تعني لي الكثير باستثناء اثنتين، درع بسيطة هي جائزة علي وعثمان حافظ للصحافة، حصلت عليها مع شيك بقيمة 10 آلاف ريال عام 1990 وتسلمتها من الناشرين هشام رحمه الله ومحمد علي حافظ المؤسسين لأعرق المؤسسات الصحافية، لا السعودية فقط، بل العربية، وهي الشركة السعودية للأبحاث والنشر.
هذه الدرع تعني لي الكثير، إذ كنت يومها صحافياً ناشئاً، وحزت التكريم من بين زملاء أسبق مني في المهنة، وقد حملتها معي حيثما حللت في تقلباتي الوظيفية الكثيرة، فهي درع أعتقد أنني استحققتها عن جدارة، إذ كنت يومها صحافياً ميدانياً أغطي الحرب الأفغانية ضد السوفييت، أما بقية الدروع، فهي لا تعدو شكراً لحضور ندوة، أو كانت أقصى ما تفتق عن ذهن مدير العلاقات العامة بدائرة حكومية، وبالتالي لا تؤسس لعلاقة شخصية وإن حملت اسم المُهدى إليه.
بدأت الدروع كلوحة نحاسية يكتب عليها عبارة شكر وتقدير مع اسم المكرم بالحفر، حتى تبقى للتاريخ! ثم أخذت تتطور وتكبر ويثقل وزنها، حتى رأينا دروعاً أو مجسمات تذكارية ينوء بحملها العصبة من الرجال تقدم عادة لكبار المسؤولين، وقد عملت مع مسؤولين كبار، ولا أريد أن أخبر أصحاب هذه الدروع أين تنتهي هداياهم التذكارية الثمينة، التي هي في الحقيقة غير ثمينة، وإلا لما انتهت في مخازن، ثم نُسيت وأهملت، ربما أجرب وضع بعضها في موقع «أي باي»، وأرى فيما إذا كان هناك من هو مستعد أن يدفع بضعة دولارات لسفينة نحاسية مذهبة تحمل اسم المُهدى إليه؟
الهدية التذكارية هي التي يحرص المهدَى إليه أن يحتفظ بها في مكتبه، ليس لمكانة المُهدِي فقط، وإنما لما فيها من قيمة جمالية إبداعية، وهنا لا بد أن أشير إلى هدايا العاهل الأردني عبدالله الثاني، فهي مما يحتل موقعاً بارزاً في مكتب أو منزل المهدَى إليه، لأناقتها وكونها تحفة فنية رائعة، أذكر أنني تلقيت مرة لوحة بها أربع قطع سيراميك، ربما لا تزيد قيمتها على 50 دولاراً، ولكن كانت رائعة فاحتفظت بها ومازلت، بل رأيت مثلها في مكتب رئيسة جامعة برنستون الأمريكية، وقد احتلت مكاناً بارزاً خلفها.
الأمير تركي الفيصل لايزال يحتفظ في بيته بلوحة خضراء صغيرة كتب عليها «لا تثق بالروس أبداً» وعليها توقيع الأمير عبدالرحمن خان، بالطبع لم تكن هدية من صاحب العبارة الشهيرة الذي توفي أوائل القرن الماضي، ولكنها تعبر عن معركة عاشها الأمير تركي الفيصل مع السوفييت في أفغانستان، ولا بد أن من أهداها له عندما كان رئيساً للاستخبارات السعودية أفغانياً عانى الأمرين من السوفييت، لذلك كان لتلك اللوحة معنى عميق حمل تركي الفيصل على الاحتفاظ بها منذ أن أهديت له قبل ما يزيد على ربع قرن. يا أصحاب الدروع التذكارية أبدعوا، حتى لا تنتهي هداياكم في سلال مهملات كبيرة.
المصدر: مجلة روتانا