كاتب سعودي
سرب الحوثيون خبر تفاوضهم الأخير مع السعودية عبر بعض وسائل الإعلام التي حاولت خدمة الرواية الحوثية، مما انطوى على بعض الأخطاء والبروباغندا، لكن يبقى السؤال هو: هل الحوثيون جادون فعلاً في التفاوض مع السعوديين؟
اللقاء التفاوضي تم في السعودية، وتحديدًا في عسير، وليس الرياض أو غيرها كما ردد البعض. كما أن الوفد الحوثي لم يقدم حسن نيات تجاه السعودية بإطلاق سراح ضابط سعودي كبير، وكما تردد دعائيًا، فهذه قصة غير صحيحة، ولا يوجد ضابط سعودي كبير في الأسر أصلاً. إذن لماذا جاء الحوثيون إلى السعودية؟ وهل هم جادون؟ أول تسريبات المفاوضات، قبل مفاوضات السعودية، كانت عبر شخصيتين أمميتين، والهدف منها هو محاولة ادعاء النجاح من قبل أطراف بالأمم المتحدة، لكنّ الحوثيين هم من قام بتسريب اللقاء، وتفاصيله، في السعودية، ومن خلال شخصية حوثية معروفة.
والسؤال: لماذا سرب الحوثيون هذه القصة؟ هناك معلومات تشير إلى أن دوائر المخلوع علي عبد الله صالح تقوم بإشاعة خبر مرضه، والخطة هي أن يسري الخبر، وينال مصداقية وترقبًا، ثم، وكما هو متوقع، يقوم صالح بالظهور إعلاميا في الذكرى الخامسة لتقديمه لمبادرته التي عرفت بمبادرة «ملعب الثورة» عام 2011، ومن ثم يسافر صالح للخارج بدواعي العلاج، وهي «الفكرة المخرج» التي وافقت عليها العام الماضي بعض الدول المؤثرة، بما فيها دول غربية. والواضح أن الحوثيين استوعبوا هذا الأمر، وقرروا التحرك الآن لإحراج صالح، وقطع الطريق عليه، وإفساد خطته. ويفعل الحوثيون ذلك إدراكًا منهم بأن الأوضاع على الأرض لا تسير بالطريقة التي يتمنونها، كما يدرك الحوثيون أن الإيرانيين، ورغم كل الدعاية التي يقومون بها، لن يكون بمقدورهم الاندفاع أكثر في الدفاع عن الحوثيين، وحتى لو أعلنت شخصيات إيرانية عن إمكانية إرسال مستشارين عسكريين لمساعدة الحوثيين، والسبب بسيط وهو أن هناك قرارًا أمميًا يمنع تسليح الحوثيين والتعاون العسكري معهم، وينص على إلغاء الانقلاب باليمن، وعودة الشرعية. وأشك أن تحاول إيران الآن الدخول في صراع من هذا المستوى مع مجلس الأمن، وإن فعلت فذاك أمر جيد لأنه يفضح إيران دوليًا أكثر.
وعليه، وكما سمعت من مطّلعين، أدرك الحوثيون أن مركب الانقلاب يغرق، والمركب الغارق لا يتحمل اثنين، ولذا يبدو أن الحوثيين يتحركون للتفاوض الآن، وقطع الطريق على علي عبد الله صالح، وسبق أن سمعت من مصدر موثوق رواية مهمة تقول إنه حين وضع الحوثيون الرئيس هادي ورئيس الوزراء بحاح تحت الإقامة الجبرية، ذكّر أحدهم قياديًا حوثيًا بعلي عبد الله صالح، فكان رد القيادي الحوثي هو: «هذا له يوم»!
هل هذا هو اليوم؟ الله أعلم! وهل يمكن الثقة بالحوثيين؟ المعلومات تقول إن الحوثيين وقعوا حتى الآن 67 اتفاقا مع خصومهم ولم ينفذوا واحدًا منها! ولذا أعتقد أن السعوديين سيكونون معنيين بالأفعال أكثر من الأقوال في تفاوضهم مع الحوثيين الآن، أو لاحقًا.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط