كاتب سعودي
لكأن الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ يحفظه الله ـ يستظهر ما في دواخلنا، عندما التفت إلى العلماء والمشايخ وقال: إنه فيكم كسل وصمت.
مشيرا بذلك إلى الصمت المطبق حول الأفعال الشنيعة والإرهاب الذي يمارسه تنظيم “داعش”، ويدعي أن ما يقوم به من أفعال شنيعة ومشينة تمثل الإسلام، ومعلوم أن دين السلامة والسماحة يرفض هذه الأفعال تحت أي ظرف، وتجاه أي إنسان مهما كان دينه أو طائفته.
كلما تقاطرت على هاتفي وسائط مرئية لبعض أفعال هذه الطغمة المارقة من حزّ للرؤوس، وقطع للرقاب، وقتل للمجاميع البشرية دونما رحمة، ودون أي محاكمة، ثم يعقب تلك الأفعال تكبير وتلاوة لبعض الآيات القرآنية الكريمة، التي يتم اعتسافها وإخراجها من سياقها والاستشهاد بها على أفعالهم التي ينبذها القرآن الكريم الذي به يستشهدون.
كنت بعد تلك المشاهد المروعة أتساءل داخل نفسي: عن دور العلماء في دفع هذه الأفعال، والتشنيع بها، وردع المتقولين بنسبة هذا التوحش إلى دين الإسلام.
كنت أنتظر، وكثيرون غيري، أن يتولى العلماء تباعا توضيح الحكم في مثل هذه السلوكيات الخارجة عن سماحة الإسلام، والإعلام بحجم الجرم الذي يرتكبه مثل هؤلاء في حق هذا الدين، الذي تشوهه مثل هذه التصرفات، التي تنسب إليه، خاصة ما ينتج عن انتشار مثل هذه “الأفلام” في العالم، فتكون هذه التصرفات حجة على عنف الإسلام وإرهابه.
كنا، نحن المواطنين، بل وجميع المسلمين، ننتظر أن يقطع العلماء الطريق على من يتحينون الفرص لتشويه هذا الدين، وذلك من خلال قيامهم بالدور المنوط بهم في حق هذا الدين، من خلال الخطب والمحاضرات، واستثمار الوسائل الإعلامية، ووسائط التواصل الاجتماعي؛ للتوضيح وبيان سوء الأفعال الإرهابية التي يقوم بها “داعش”.
إن السكوت المطبق والصمت الرهيب على ما يفعله “داعش” وغيره من التنظيمات الإرهابية، كحزب الله أو القاعدة أو جبهة النصرة أو الحوثيين، لهو خطأ لا يغتفر، وهو ما قد يجد له أرضية خصبة للنمو لدى صغار السن من الذين قد تستهويهم هذه الأفعال، وما يدّعى من بطولات.
ومن هنا، بل وبسبب ذلك، وجدنا كيف يتقاطر بعض شبابنا ـ هداهم الله ـ على الانخراط في مثل هذه التنظيمات المارقة.
كنا ننتظر من العلماء ورواد التربية وأساتذة التعليم، أن يقوموا بواجبهم تجاه الناس، وتوجيههم إلى الطريق السوي.
وفي لفتة عظيمة، قام ولي أمر الأمة خادم الحرمين الشريفين، بالتنبيه على ذلك، وقد لام في ذلك العلماء والشيوخ في المملكة والعالم الإسلامي، ودعاهم إلى القيام بواجبهم؛ للوقوف في وجه من يحاولون اختطاف الإسلام، وتقديمه للعالم على أنه دين التطرف والكراهية والإرهاب.
وقد حذر ـ يحفظه الله ـ من هذه الفتنة التي وجدت لها أرضا خصبة في العالمين العربي والإسلامي، وذلك طبعا بعد أن سهل لها المغرضون الحاقدون على أمتنا كل الأمور، ولهذا استقوت بذلك، وصارت تعيث في الأرض إرهابا وفسادا.
وقد أكد ـ يحفظه الله ـ أن الإرهابيين تعمدوا تشويه نقاء الإسلام وصفائه وإنسانيته، وكان ـ يحفظه الله ـ قد أكد أن المتخاذلين عن مسؤولياتهم التاريخية تجاه الإرهاب من أجل مصالح وقتية أو مخططات مشبوهة سيكونون أول ضحاياه في الغد.
لقد وضع الملك عبدالله بن عبدالعزيز، النقاط على الحروف، وأبان كلمة الحق والقول الفصل، وبقي دور العلماء ورجال التربية للقيام بالأدوار المنوطة بهم في هذا الأمر؛ لحماية أبنائنا وتحصينهم ضد هذا المد المتطرف.
كما أن على القوى الدولية إدراك الأبعاد الخلفية لكلمته عن المخططات المشبوهة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
المصدر: الوطن أون لاين
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=22452