عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية
في الثالث من نوفمبر 2013م، كتب السفير الأمريكي السابق في افغانستان والعراق ريان كروكر مقالا تاريخيا في نيويورك تايمز بعنوان (الحديث إلى ايران هو الحل)، وتحدث فيه بصراحة انه أجرى لقاءات مع دبلوماسيين إيرانيين؛ لمناقشة الوضع في افغانستان بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011م؛ لتنسيق الجهود ضد العدو المشترك لطهران وواشنطن وهما طالبان وحلفاؤها من القاعدة، ويؤكد السفير كيف أبدت كلتا الحكومتين استعدادا للتعاون، وكيف كان الإيرانيون ايجابيين وبراغماتيين، حتى أنهم أعدوا في احدى المراحل خريطة قيمة للغاية تتضمن خطة طالبان العسكرية قبل بداية العمل العسكري الأميركي. ويستنتج السفير أن التجربة الأفغانية أكدت له ولبلاده أن (التقدم الدبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران أمر ممكن)، هذا ليس مضمونا بطبيعة الحال، لكن التوصل إلى حل دبلوماسي صلب، دائما أفضل من البدائل الاخرى.
ثم يعترف السفير كيف أجرى مجموعة أخرى من المفاوضات مع دبلوماسيين إيرانيين عندما كان سفيرا للعراق في عام 2007، وكان الهدف إقناع إيران بوقف دعم جماعات مثل جيش المهدي، التابع لمقتدى الصدر الذي كان يستهدف الحكومة العراقية وقوات التحالف. وخلافا للمفاوضات الأفغانية، جرت هذه المحادثات على مرأى ومسمع من وسائل الإعلام، ويختتم السفير بقوله: «صحيح أن حكومة الجمهورية الإسلامية عدو صريح، لكنها في الوقت ذاته لاعب عقلاني، وهي ككل الحكومات، قادرة على أن تكون واقعية ومرنة عندما يكون في مصلحتها القيام بذلك».
قبل ثلاثة أشهر، نظم المعهد الأفغاني للدراسات الاستراتيجية في هرات مؤتمرا كانت خلاصته (الشعور الأفغاني بالخوف والقلق المتنامي بشأن الطموحات الإيرانية الطامعة بالنسبة لمستقبل أفغانستان، حيث أشار -المتحدث الرئيسي دكتور رانجين دادفار سبانتا ومستشار الأمن القومي للرئيس الافغاني حامد كرزاي ووزير الخارجية السابق- بوضوح إلى عدم الارتياح من جانب الحكومة الأفغانية. وخاصة بعد ظهور حوارات بين الولايات المتحدة وإيران في محاولة لتطبيع علاقاتهما العدائية قبل الانتخابات الرئاسية في أفغانستان المقررة العام القادم (2014)، حيث إن الولايات المتحدة وقواتها المتحالفة في قوة المساعدة الأمنية الدولية سوف تُقلل تدريجياً من وجودها في عام 2014.
إن أفغانستان قلقة من عدم كفاية ضمانات الولايات المتحدة الأمنية لردع طموحات إيران الإقليمية، وأن وجود اتفاق ضمني بين واشنطن وطهران يمكن أن يترك كابول تحت رحمة الأيدولوجية الإيرانية، وهذا الأمر معلن فقد اقترح حسين شيخ الإسلام أحد كبار مستشاري رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني ان يتم الاتفاق مع الأمريكان قائلاً: «إن إيران يمكن أن تساعد الولايات المتحدة بانسحاب مشرف ومنخفض التكلفة من أفغانستان. كما قال: إن إيران مستعدة للحديث والتفاوض مع الولايات المتحدة على شروط». إن تورط الحرس الثوري الإيراني في الاتجار بالمخدرات الأفغانية ليس سرا، وهو جزء من مشروع محظور قيمته عدة مليارات من الدولارات، يقوم به الحرس الثوري بادارته باحتراف(وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة توفر أفغانستان أكثر من 90% من هيروين العالم).
في ضوء الذوبان الأخير بين الولايات المتحدة وإيران، يسرع العديد من المحللين اليوم إلى وضع سيناريوهات متشائمة للغاية عن مستقبل أفغانستان، بعد أن يتم تسوية الملف النووي الإيراني المثير للجدل مع القوى العالمية الرئيسية.
ما نخشاه أن يكون هناك مستقبل مقلق ومزعج للغاية ينتظر أفغانستان، وهو انها ستكون عراقا جديدا تحت رحمه ايران إذا ترك الأمريكان أفغانستان بدون وضع حماية كافية، وهو الغالب والمتوقع.
المصدر: اليوم السعودية