كاتب سعودي
إذا كان حسن نصر الله قد أبدى أوضح أشكال الخيانة للمبدأ الأساسي الذي كان يحاول إيهام الناس أن حزبه يقوم عليه ويتمسك به، أي مبدأ المقاومة، بعد أن شاركت ميليشيات حزب الله النظام السوري في مجزرة القصير ضد مقاومة الشعب السوري، فإن ذلك لا يجب أن يسبب الدهشة والإستغراب من هذه الفعلة إلى حد إعلان الشيخ يوسف القرضاوي اكتشافه المتأخر بأنه كان مخدوعا بحزب الله عندما كان يؤيده، وأنه أصبح يؤيد رأي كبار علماء المملكة في هذا الحزب. كما أنه لا يوجد سبب منطقي للإحتفاء الكبير والإحتفالية الصاخبة بتصريح الشيخ القرضاوي في إعلامنا على خلفية ترحيب بعض علمائنا بتصريحه.
أتمنى كثيرا لو أستطيع تصديق الشيخ القرضاوي بأنه كان مخدوعا في ممارسات حزب الله التي اكتشف الآن أنها عمالة وخيانة وتكريس للطائفية وخدمة لمخططات صانعيه. أتمنى بلع هذه الحكاية لكني لا أجد نفسي قادرا على ذلك لأن الشيخ القرضاوي مثلما هو شخصية دينية لا يستهان بها فإنه أيضا شخصية سياسية تعرف جيدا ألاعيب السياسة بل وتمارسها بدهاء تحت غطاء الدين، ولا أحد يستطيع القول بأن القرضاوي ليس لاعبا أساسيا مهما في ما حدث ويحدث في مصر بعد ثورة يناير حتى وإن كان غير موجود بشكل مباشر في المؤسسة السياسية الرسمية. كما لا يمكن لأحد أن ينفي ” النفس السياسي ” في الحضور الديني للشيخ القرضاوي طوال السنوات الماضية عبر وسائل الإعلام ومن خلال موقعه كرئيس لرابطة العلماء المسلمين، وعندما يكون حزب الله مكشوفا لكل من يتابع ممارساته حتى وإن كان شخصا عاديا وبعيدا عن دهاليز العمل السياسي، فإنه يصعب التسليم بأن رمزا دينيا وسياسيا مهما كالشيخ القرضاوي لم يكن قادرا على كشف حقيقة حزب الله إلا بعد أن شارك في عملية القصير ضد المقاومة الشعبية السورية، رغم أنها كانت مشاركة متوقعة ، ورغم أن ميليشيات الحزب تشارك لوجستيا وميدانيا في قمع الثورة السورية منذ اندلاعها، فما الجديد في الأمر كي يطلق القرضاوي هذه القنبلة الموقوتة، وما هو المغزى من تثمينه لرأي كبار العلماء في السعودية عن حزب الله، الآن وفي هذا التوقيت؟
ومن ناحية أخرى كان يجب على بعض علمائنا تدبر الأمر والتفكير فيه مليا قبل منح القرضاوي كل هذا التكريم والتمجيد وكأنهم كانوا في حاجة ماسة لتوقيعه على رأيهم في حزب الله الذي يتفق معهم فيه كل عاقل ومتدبر، كما كان عليهم عدم خلط الأمور بين ممارسات حزب الله وبقية المنتمين للمذهب الشيعي الذين أدان الكثير منهم حماقات حزب الله، الآن وفي أوقات سابقة. كما أنه كان مؤسفا أن يعود بعض علمائنا في غمرة احتفائهم بتصريح القرضاوي إلى استخدام مصطلحات نحاول إصلاح ما سببته من شروخ وفتنة، كمصطلح الرافضة، فهل نجح القرضاوي السياسي في تحقيق هدف ربما تتضح حقيقته بعد حين؟؟
خاص لـــ (الهتلان بوست)