هوس «جراحة التجميل» يصيب الرجال ويساهم بـ15 في المائة من الإنفاق السياحي

منوعات

لرجال ينافسون النساء في عمليات التجميل

من الرأس حتى أخمص القدمين، من التكبير إلى التصغير، من الرخيص إلى الغالي، من الجراحات التجميلية العلاجية إلى تغيير الملامح، كل هذا صار رائجا في لبنان بعد انتشار ثقافة الجمال فيه بشكل واسع؛ ثقافة وضعت من يخرج عنها في خانة الشاذ عن القاعدة.

عمليات التجميل بدأت تغزو عقول الشباب الذكور، ولم تعد هذه العمليات حكرا على الفتيات فقط، بل نسبة كبيرة لا يستهان بها من الرجال أخذوا يرتادون عيادات التجميل طلبا للوجه الجميل والطلة البهية.

هوس «عمليات التجميل» بات يقود الرجل اللبناني إلى مراكز التجميل لمعالجة مشكلة، أو تشوه خلقي، أو بعد تعرضه لحادث، أو كي يصبح، بكل بساطة، أجمل، مثل أشخاص يعملون في التلفزيون، وآخرين يعدونها «موضة» فيتبعونها مثل اتباع آخر الصيحات في الملابس.

ويقول خبير الترميم والتجميل الدكتور مكرم أبي فاضل في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في عيادته: «من الملاحظ أن نسب الرجال من المنخرطين في هذا العالم ارتفعت في الأعوام الأخيرة من خمسة في المائة إلى عشرة في المائة، والآن وصلت إلى 15 في المائة، والأسباب تعود إلى وعي الرجل بضرورة المحافظة على مظهر لائق، الذي بات مهما جدا لديه مع تطور الميديا، والاهتمام الزائد بالصورة، لا سيما أن هناك وظائف كالفن والتمثيل تتطلب ذلك».

ويضيف أن «متابعة شباب اليوم عبر الإنترنت آخر التطورات في جراحة التجميل، والأجهزة الخاصة بها، فضلا عن تأثرهم بالمشاهير العرب والعالميين، أمر يدفعهم إلى تقليدهم؛ حيث أصبح من الطبيعي أن نسمع شخصا يريد أنفه كأنف هذا المطرب أو ذاك الممثل».

ويؤكد عماد.و. (موظف في أحد المصارف في بيروت) أنه يستعمل بعض المواد التجميلية لوجهه «ليس بهدف التغيير في خلق الله، بل للتقليل من التجاعيد التي تشوه الوجه وتجعله يبدو أكبر سنا». فيما يشير زياد.خ. (مهندس ديكور داخلي) الذي أجرى عملية تجميل لأنفه، وتناول كميات من الهرمونات، إلى أنه يعتمد برنامج تنحيف عبر طبيب مختص، وأنه يهتم بشكله من أجل نفسه.

بدوره، يرى أحمد. ك. (محام) أن هناك أناسا مهمين جدا لا يهتمون بشكلهم الخارجي كبعض النواب والوزراء، كاشفا أن بعض الفضائيات ساهمت في لفت انتباهه مع مجموعة من أصدقائه إلى معايير خاصة في الوسامة والأناقة أيضا.

«مروحة خيارات عمليات التجميل الخاصة بالرجال جرى توسيعها، فبعدما كان الأمر يقتصر سابقا على تصغير وتحسين شكل الأنف وزراعة الشعر، أصبح الطلب اليوم على شفط المعدة والخواصر، وشد الترهلات، وعمليات الصدر، ونحت العضلات، وشد العيون والوجه..»، بحسب أبي فاضل.

وردا على سؤال، يجيب أن «لكل نوع من هذه العمليات فئة عمرية تنجذب إليه، فعمليات تصغير الأنف يرغبها الشباب من عمر 20 إلى 25 عاما، في حين تقوم بعمليات شفط الدهون الفئة العمرية بين 30 و35 عاما، وبعد سن الـ40 يلجأ الرجال إلى شد الوجه والجفون، بالإضافة إلى البوتوكس والفيلينغ».

واللافت أن لبنان يحتل المركز الـ24 في العالم، نسبة إلى عدد السكان على مقياس «International Society Of Aesthetic Plastic Surgery» التي تحتسب حجم العمليات الجراحية في السنة قياسا إلى عدد السكان. وبحسب المصدر عينه، تنمو الجراحات بنسبة 20 في المائة سنويا. كما يفوق عدد الجراحات التجميلية التي تجرى في كل مركز تجميلي 120 جراحة شهريا. فيما يؤكد المصرفيون وأطباء التجميل، أن قطاع التجميل في لبنان ظل بمنأى عن الأزمات المتلاحقة التي هزت أركان اقتصاده، ولم تمس بتاتا هذا القطاع.

ففي بلد بلغ فيه الحد الأدنى للأجور 675 ألف «ل.ل»، ونسبة البطالة 21 في المائة منذ اللجوء السوري، وعدد الفقراء 28 في المائة من السكان، 25 في المائة منهم يعانون الفقر المدقع، تجرى 18500 جراحة تجميل سنويا، فيما ساهمت عمليات التجميل بنحو 15 في المائة من الإنفاق السياحي في لبنان.

ولا يغطي الضمان وشركات التأمين هذا النوع من العمليات، لذلك، فإن عمليات التجميل تقتصر على متوسطي وميسوري الدخل، لهذا استغلت بعض المصارف توق اللبنانيين إلى الجمال، فقدمت قروضا خاصة للراغبين بالقيام بعمليات التجميل. وارتفعت نسبة إقبال الرجل اللبناني على عمليات التجميل خلال السنوات الأخيرة لتتجاوز 12 في المائة من حجم هذه العمليات، بعدما كانت لا تتعدى اثنين في المائة منذ عشر سنوات.

ويبلغ عدد أطباء جراحة التجميل في لبنان والمنتسبين رسميا للجمعية اللبنانية لجراحة التجميل والترميم (lspras) نحو السبعين طبيبا، وهم حريصون على مواكبة كل جديد على الساحة «التجميلية».

ولا يقتصر زبائن التجميل في لبنان على أهله؛ إذ غدا قِبلة العرب على اختلاف جنسياتهم، فهو بلد «السياحة التجميلية» المعروف بنخبة أطبائه وبانفتاح أبنائه، إضافة إلى أن تكلفة عمليات التجميل تعد مقبولة مقارنة بدول أخرى، حتى صارت نسبة السياح العرب الذين يقصدونه في هذا الصدد تتضاعف يوما بعد يوم.

ويمكن تعداد أسماء بعض هذه المراكز، على سبيل المثال لا الحصر، وهي: «مستشفى الدكتور نادر صعب» في منطقة النقاش، و«مركز العيادات البرازيلية للتجميل» للدكتور طوني نصار، ومراكز «سيف بيوتي كلينيك» في بيروت، و«المركز اللبناني لزرع الشعر» بشارع المتحف.

وفي الختام عادة ما يصعب تحديد تكلفة أسعار إجراء عمليات التجميل، لأسباب تتعلق بمتطلبات كل عملية وبالوضع الصحي للزبون. وفي الإجمال، فإن تكلفة عملية ترميم الأنف تتراوح بين 1500 و3000 دولار، فيما تلامس تكلفة عملية شفط الدهون، وهي تعد ثاني أكثر عمليات التجميل رواجا في لبنان، 5000 دولار. أما عمليات شد البطن والجفون والوجه الرائجة أيضا في صفوف النساء والرجال، فتتراوح تكلفتها بين 3000 و8000 دولار.

المصدر: بيروت: مازن مجوز – الشرق الأوسط