كاتب إماراتي
«أريس، ساجيتاريوس، أكواريوس، تاتروس»، أسماء غريبة وجدت فجأة أن كل الربع أصبحوا يضعونها بجوار أسمائهم في ملفاتهم التعريفية، خليفة أحمد «تاتروس»، سيف راشد «ساجيتاريوس»، محمد خميس «أكواريوس»، الأمر غريب ولم أفهمه فأنا أعرف أنهم قبليون وليس لديهم «عرق» في مكان آخر، أو للدقة ليس لديهم عرق في «اليونان» تحديداً، فلماذا أصبحت أسماؤهم تذيل بهذه القبائل ذات الأسماء الأقرب إلى التعويذات الشيطانية، حتى فهمت بعد البحث والتحري أن الموضة هي وضع البرج الذي ينتمي إليه صاحب التعريف، رغم أن نصفهم مولود في البيت إياه، وتفضلت إدارة الطب الوقائي بمنحهم تاريخ «1/7» الشهير بمواليد المناطق النائية.
إحداهن جاءت لتعربها «فعمتها»، كتبت فلانة الفلانية «عذراء»! «إنزين مب تشي حجيه! عندك أربع عيال!»، ربما سنحسن الظن ونقول إنهم أطفال أنابيب، عيال بيبات بالبلدي! وحتى تعريب الكثيرين في الـ«بروفايل» جاء مشوهاً إلى حد كبير: محمد حسين «الدلو»، سلطان فيصل «الكبش»، وهكذا، ولله في خلقه شؤون!
بعيداً عن جلد الذات وبعيداً عن القول إن الاهتمام بالأبراج ينبع من إحباطاتنا ومحاولاتنا الهروب من واقع قد لا يرضي الكثيرين منا، إلا أن مواقع الأبراج وصفحات الأبراج وبرامج الأبراج وكتب الأبراج تتصدر الاهتمام لدى الكثير من الشعوب، ولا ينافس كتب الأبراج لدينا في الوطن العربي بحسب الإحصاءات الرسمية لأشهر 16 معرض كتاب سوى كتب الطبخ بالطبع!
انتشار الاهتمام بالأبراج صنع بدوره أسماء مهمة ونجوماً في هذا المجال، فـ«خيتي» كارمن أصبحت أشهر من مجدي يعقوب، و«خيتي» الأخرى «ماجي فرح» يعرفها كل من لا يعرف «منير نايفة»، أما على نطاق البرامج فحدث ولا حرج، فحسين أبوعلاوي أبوالسبع «بلاوي»، أصبح أكثر شهرة من ميسي، وللحصول على موعد للقاء صحافي معه يحتاج إلى موعد مسبق قبل تسعة أشهر، بواسطة طلب يرسل إلى مكتبه في لندن!
كل شخص أدرى بوقته وحلاله وأين يصرفه هو حر! لكن التأثير النفسي لانتشار هذه «الإيمانيات»، أصبح له انعكاس مباشر على حركة التنمية والعطاء في المجال العملي، لدي ذلك الموظف الذي إذا قرأ «تواجه مشكلات في العمل»، فسيبقى ذلك الهاجس مسيطراً عليه حتى يحضر لنا «مصيبة في العمل» فعلاً! دع عنك الانعكاسات الاجتماعية والعائلية والاقتصادية لمجموعة من المشعوذين الذين يصدقهم مجموعة من الأغبياء، كم نتمنى أن تبدأ وسائلنا الإعلامية بلفظ هذا التقليد السيّئ كبداية وخطوة تشجيعية للبقية.
❊❊❊
ورد في مسند الإمام أحمد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى عَرّافاً فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدّقَهُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةُ أَرْبَعِينَ يومًا».. «أربعين يوماً مب لعبة يا جماعة»!
المصدر: الإمارات اليوم