كاتبة سعودية
قبل سنوات أجرت الجامعة الإسلامية بالتعاون مع إدارة التعليم في المدينة المنورة دراسة ميدانية عن ظاهرة التنمر في المدارس شملت 1148 طالبا وطالبة، أشارت إلى أن نسبة انتشار الظاهرة كانت %43 من الذكور و%38 من الإناث. وهذه النتيجة غير مفاجئة وأكدتها نتائج TIMSS 2019.
حيث إن نسبة التنمر في المملكة أعلى من النسبة العالمية. والتنمر هو قرار، وحماية الطالب من تأثيراته قرار، والقرار كما يقول العلماء يخضع للكثير من التأثير العاطفي والاجتماعي والمعرفي حتى يصدر، مما يدفع للتساؤل، هل يمكننا أن نغير قرار الطالب في مسألة التنمر وتوجيهه نحو اختيار الحوار والمنطق والسلوك المهذب في تعامله مع زملائه، ونبذ ما يدفعه للتصرف ضد مصلحته بشكل عام؟
الإجابة توجد لدى ما يسمى بعلم الاقتصاد السلوكي والذي بحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD أنشئت له الكثير من المنظمات في التعليم وغيره، أكثر من 250 وحدة حول العالم للاستفادة منه في تغيير قرارات الناس دون أن يشعروا بأن في ذلك تعديا على حريتهم وحقهم في صنع قرارهم.
فما علم الاقتصاد السلوكي؟
هو علم يجمع بين مبادئ علمي النفس والاقتصاد، يفهم من خلاله كيف يتخذ الناس قراراتهم وماهي المؤثرات التي يمكن استغلالها لجعلهم يختارون القرار الصائب الذي يصب في مصلحتهم ومصلحة المجتمع، وأيضا المنظمة التي يعملون فيها، على المدى البعيد.
وضع العلماء لهذا العلم عددا من المبادئ التي تفسر كيف يتخذ الناس هذه القرارات، وتساعد المربين وأصحاب المصلحة بالتأثير فيهم دون أن يشعروا بأن أحدا يتدخل في قراراتهم أو يغير قناعاتهم. ثلاثة من هذه المبادئ يمكن الإشارة إليها في هذا المقال القصير نسبيا وهي كالتالي:
التحفيز أو الدفع ( Nudge)، ويرى علماء النفس أن التعزيز الإيجابي غير المباشر قد يؤثر في القرارات، مثل أن يجد الطلاب مشاجب لمعاطفهم بمستوى طولهم، فيبدأون بوضع المعاطف بأنفسهم دون مساعدة ودون أن يلقوها على الأرض. كذلك مبدأ التحيز للحاضر أو Present bias، وهذا المبدأ يشير لخطأ كبير نقع فيه كمربين مع المراهق عندما ندعوه للاجتهاد عبر التذكير بمستقبله، بينما هو يقدر مكاسب الحاضر أكثر من اهتمامه بما يحدث في المستقبل.
وآخر مبدأ أذكره هنا هو مبدأ التأطير Framing، وهو يقوم على حقيقة أن لكل منا زاويته التي ينظر منها للشيء حتى لو كان هذا الشيء واحدا، لذا عليك أن تفكر بطريقة تؤثر إيجابا في المتلقي لتضمن أنه سيختار ما تريده أنت، ففي دراسة ظهر أن «الكثير من الناس يدعمون السياسات الاقتصادية عند التأكيد والإكثار من التركيز على العمالة الناشطة أكثر من السياسات المرتبطة بمحو البطالة».
هل سينجح ذلك عندما نركز على المعلمين المهرة أكثر من المتسيبين؟
ما سبق ثلاثة مبادئ فقط، لكن هناك العديد من المبادئ التي سيساهم – قطعاً- استخدامها في إحلال الكثير من السلوكيات الإيجابية في ميدان التعليم.
المصدر: الوطن السعودية