وداعاً راشد!
تنوحُ لنا الدُّنيا بِمَوْتِكَ راشِدُ
فقُلْ لي ولوْ حُلْمًا بأَنّكَ عائِدُ
وحَسْبُ الذي أبدى الدّموعَ: مُحَمّدًا
إِخالُ بكَ “ابْراهيم “وهوَ المُكابِدُ
وما ماتَ ذو القَلْبِ العَظيمِ كَبارُهُ
ولكنْ بقاءُ المَرْءِ فيهِ المَحامِدُ
تُجَرُّ لكَ الدنْيا على رُكُباتِها
ودارُكَ لَمّاحٌ إليها الأَماجِدُ
لَمِثْلُ الذي عَيْناهُ دُرُّ كواكِبٍ
تُطِلُّ على الرّائي ولَوْ هُوَ ساجِدُ
ومثلُ الذي أثْنى عليهِ زَمانُنا
وتاقتْ له في الواسِمينَ القَلائِدُ
وإنّك ذو فَضْلٍ بأَنّكَ فاضِلٌ
تُتيحُ لنا سِلْمًا وأنتَ المُجالِدُ
وإنّكَ لا مِثلَ البُحورِ لأنّها
تَصُبُّ بها بعضَ العَطاءِ الرَّوافِدُ
تحارُ بكَ الأوصافُ ” راشِدُ” إنّما
مزايا ” بني المَكْتومِ” فيكَ تُشاهَدُ
وإنّكَ لو جارَ الزّمانُ لَغافِرٌ
وإنّكَ لو شِئتَ الوُجودَ لَواجِدُ
وإنّكَ مَوْروثُ السِّماتِ ووارِثٌ
وإنّكَ مَحْمودٌ وأنّكَ حامِدُ
أحارُ بُعَيْدَ الموتِ أيْنَ أميرُنا
فيبدو الى النُّظَّارِ ليْثٌ ووالِدُ
حكيمٌ رأى العُبّادَ قالوا: مدامِعٌ
فأثْنى وبعْدَ الدّمعِ قالَ: المَساجِدُ
وشَيْخٌ يخافُ المجْدُ منهُ اذا ارتَضى
أَنامًا لغَيْرِ اللهِ قاموا- وقائِدُ
وإنَّ المرايا ما عكَسْنَ لوَجْهِهِ
شَبيهًا وإنّ الظِلَّ منهُ الفَراقِدُ
سَليلُ الكِرامِ العُرْبِ فابنُ مُكَرَّمٍ
ووالِدُ مَنْ تَبْكي عليْهِ الرّواشِدُ
هجَرْنا لفِعْلِ الموتِ شَوْقَ حياتِنا
وقُلنا: ألا يا موْتُ، كيفَ المَشاهِدُ!
كأنَّ على الأجْداثِ وَجْهًا مِنَ المدى
لبعْضٌ مِنَ الأزْمانِ وجْهٌ وساعِدُ
وداعًا فإنّ اللهَ أوفى بعبْدِهِ
ومهْما بنا طالَ الزّمانُ لَخالِدُ
وإنّكَ في عيْنِ الدّهورِ بَقاؤُها
وإنكَ في ثَغْرِ اليراعِ القصائِدُ
أرانا سُقاةَ الموْتِ حينَ وُرودِهِ
فَمِتْنا كما ماتَ الكِرامُ الأَواحِدُ
تقولُ لنا الدنْيا لَبَعْدَ الذي مضى:
” مصائبُ قوْمٍ عندَ قوْمٍ شَدائِدُ”
— خاص لـ (الهتلان بوست)
ناجي حسين مخ
شاعر لبناني