يُتداول في وسائل التواصل الإجتماعي، فيديو لشخص عربي، وهو يرمي كلب من فوق بناية، ليلقى حتفه المسكين، فعل قبيح لشخص لا يملك ذرة من الرحمة.
من نحن؟؟ سؤال ما زال يؤرقنا، بطرح نفسه بإستمرار عنيد، هل نحن اولئك القوم، الذين يوصفون بالهمجية؟ ومحبوا الدماء؟ أولئك الذين تعودوا على مشاهد العنف، لدرجة ان الموت صار لدينا شيئاً عادياً، ولم يعد يحرك فينا ساكناً.
أين ذهب تسامح ديننا الحنيف؟ اين انسانيتنا؟ في أي لحظة تاريخية نسينا كيف نحب؟ او لنكون دقيقين، أعدنا تعريف الحب الى شيء نمارسه فقط عندما نتبجح أمام الأخرين.
كيف نفسر لأطفالنا في ظل تفشي مرض الكره بيننا، بأن عليهم ان يحبوا الأخر! بل عليهم ان يحبوا انفسهم في البداية، ثم الحب للأخرين ما يحبونه لأنفسهم، هل فعلاً تعتقدون بأنهم يقتنعون بأن ما نعلمه لهم هو الصواب؟ وهم يرون أناس بيننا يغتبطون لزلزال ضرب بلد ما وقتل فيه المئات من الأطفال والنساء، ومن الرجال ايضاً.
هل تعتقدون بأنهم سيحترمون الإنسانية؟ وهم يرون البعض منا، وهم يرقصون فرحاً لإنفجار قنبلة في مكان عام، في عمل إرهابي عديم الإنسانية والرحمة! لا نتحدث هنا عن انفجار بوسطن فقط، بل عن كل الإنفجارات الإرهابية، في العراق وفي أفغانستان وفي باكستان، وفي لبنان، وفي بريطانيا وفي أي مكان في العالم، فالعمل الإرهابي هو عمل كريه بغض النظر الى من هو موجه.
كيف لنا ان نفسر، لهؤلاء الأطفال المساكين، ان الكره المستشري في المجتمع انما هو عرضي، بينما جوهرنا هو الحب، وهم يسمعوننا ونحن نبتهل بأن لايكون الإرهابي الذي قتل الأبرياء، واحدٌ منا، وإنما من الطائفة الأخرى، او البلد الأخر، أو القبيلة الأخرى، حتى نضرب عصفورين بحجر، فنحن نكره القاتل والمقتول.
ما هو الجواب الصحيح لسؤال الأطفال البريء، عندما يسألوننا: نحن من نحب إذاً؟ ان كنا نكره، جارنا لأن جذوره ليست من نفس جذورنا، ونكره الخادمة لأن دينها مغاير لديننا، ونكره الحلاق لإنه يأكل طعام يختلف عن طعامنا، ونكره المدرس لأن لكنته اجنبية، بل نكره أولاد عمنا، لأن أمهم من بلاد الغال، ونكره الدولة المجاورة لأن على مركز حدودهم كتبوا عبارة لا توافق توجهاتنا، ونكره ونكره ونكره ونكره، لمن تركنا الحب اذاً؟
بتنا فقراء في الحب، بل صرنا نعيش تحت خط الحب، تلزمنا وزارة للحب، وزارة تعيد تعريف الحب الحقيقي الى قلوبنا، تتعاون مع وزارة التربية والتعليم في صياغة مناهج جديدة، تقتصر على الحب فقط، وتعلمنا كيف نوِّفق بين ما نتعلمه عن مفهوم الحب، وبين تصرفاتنا تجاه أنفسنا وتجاه الأخرين، وزارة تنشط في كل الميادين، وتقيم فعاليات يُرفع فيها اسم الحب، تعلمنا أساسيات الحب من جديد، وتتدخل في كل مناحي حياتنا، تتغلل في أدق تفاصيل علاقاتنا، تعلم الرجال ان الحب لا يعني ان تحب ألف إمرأة، بل ان تخلص لإمرأة، وزارة تعيد شرح الحديث النبوي الشريف “دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض” وتبين ان واحد من طرق الوصول للجنة، هو المعاملة الحسنة، والعطف والرحمة على بعضنا البعض، وعلى الحيوانات.
وزارة تغطي لنا الوجه القبيح للكره بالحب، وتكشف لنا عن مؤامرة الكره بالحب.
خاص لـ “الهتلان بوست”