كاتب سعودي
مطفوق: هل جربت تشيل شنطة المدرسة لأحد عيالك؟
أنا: قصدك أنها ثقيلة صح؟
مطفوق: طبعاً صح، مليانة كتب. وهذه الكتب مليانة “حشو” ومليانة “دش”، ويشيلونها العيال كل يوم ليقوم المعلم والمعلمة بحقن عقولهم الصغيرة بهذا الهذر الفظيع من الكلام. وعلشان ينجح الطالب فعليه أن يحفظ أكبر قدر ممكن من هذه الصفحات، لكن الفهم والاستيعاب ـ وهو الأهم ـ غير موجود، وغير ضروري، وسترى أن كل هذه “الحشوات” العلمية لأكثر المواد ستنقشع مثل السراب وتسقط بمجرد انتهاء الدراسة والدخول في العطلة الصيفية، لأنها قص ولزق. قل لي بالله عليك أنت وخلال 12 سنة تعليم عام (ابتدائي وإعدادي وثانوي)، وقد تسلمت أكثر من كتاب، وفي كل كتاب 200 صفحة على الأقل، ولو افترضنا أن لديك عشر مواد دراسية كل سنة فهذا يعني 2000 صفحة في السنة، بما يعني 24000 ألف صفحة خلال 12 عاما.. الآن بعد أن غادرت مقاعد الدراسة منذ زمن طويل، ماذا بقي لك من هذه الآلاف المؤلفة من الصفحات؟ ماذا تتذكر؟ وماذا نسيت؟
أنا: بقي لي في الذاكرة يمكن خمس صفحات محفوظة، وثلاث قصائد تساقط معظم أبياتها من الذاكرة، وشيء من نواقض الوضوء، وبعض العواصم العربية والأجنبية التي صرت أعرفها أكثر بواسطة نشرة الطقس في التلفزيون. كما أنني ما زلت أحفظ من جدول الضرب الأرقام المتقابلة المضروبة في بعضها 1×1، 2×2، 3×3، 4×4، 5×5 .. وهكذا، لكنني أعجز الآن عن استحضار أحكام التجويد وبعض الأحاديث النبوية وما يستفاد منها، كما أنني في تلك المرحلة وحتى الآن لا أعرف زكاة الغنم وبنت لبون والحقة!!
مطفوق: هذا لأن تعليمنا تلقيني، حيث يقوم المعلم بصب المعلومات في الأذن اليمنى، وتتسرب من اليسرى، وكان الأولى به أن يحذف كثيراً من الحشو، وأن يعمد إلى التفهيم والتقريب والتمثيل بالواقع المعاش. المشكلة ليست في سوء المنهج فقط، رغم سوئه، ولكنها في هذا المعلم الذي لا يحترمه أحد، ولا هيبة له. أظن أن التعليم عندنا سيرتقي عندما يفز كل من في مجلس البيت إذا دخل المعلم، وأن يأخذ مكانه في رأس المجلس، وأن نوقره ونقدره ونكرمه لكي يعلم الطالب الناشئ أن المعلم هو رأس التعليم، فهو أولى بالأهمية من وزير التعليم والوكيل ومدير المدرسة وولي أمر الطالب مهما علا. ولن يرتفع شأن العلم والمعلم والمدرسة طالما أن معلم الصبيان يُحتقر ويُهان ويُنظر له بدونية لا تليق.
ارفعوا مرتبة وراتب المعلم وقيمته ومكانته، واحفظوا هيبته، ودربوه دائماً على رأس العمل ليخرج لنا جيلاً علمياً مختلفاً.. افعلوا ما سبق وإلا فستبقون كما أنتم.. “ساجين” و”داجين”.
المصدر: الوطن أون لاين