كاتب سعودي
كما يزداد اللصوص بعد حالات الحروب، واستغلالها في السرقة في ظل انعدام القانون، فإنه يزداد الدجالون في حالات الأمراض والأوبئة، خاصة حينما يصل المريض إلى مرحلة من الإحباط، فيصدق كل شيء، وقد يقبل أن يتذوّق الزرنيخ في محاولات يائسة للشفاء، ومع فيروس كورونا تهافت الدجالون بشكل كبير، وخاصة مع توفر وسائل التواصل الاجتماعي، ومع الواتساب الذي يضخ العديد من الوصفات الكاذبة، للعبث بعقول المرضى أو ذويهم، بل حتى الأصحاء الذين يخشون مباغتة المرض لهم وهم في غفلة عنه!
خذ مثلاً هذه الخلطة السحرية، زبادي، وثوم، وحبة سوداء، وزنجبيل، وزمزم … إلخ، أو خذ هذه الوصفة الوقائية الخطيرة: اصنع بخوراً من المستكة، واللبان الذكر، والجاوي، وسيهرب الفيروس الشرير مذعوراً من النافذة، ولن يفكر، ولو مجرّد تفكير، أن يعود من جديد إلى البيت، وهو يشم تلكم الرائحة الكريهة!
لماذا يظل الإنسان خاصة مع توفر هذين الشرطين، الوقوع بالمرض أو الخوف منه، وتدني المستوى الثقافي له، أسيراً لوصفات الكذابين والدجالين وتجار الأمراض والأوبئة، في مقابل تجاهله للتوصيات الطبية المعتمدة التي تبثها وزارة الصحة، أو المنظمات الطبية الدولية المعرفة والمعتمدة؟
نشرت وزارة الصحة السعودية، العديد من التعليمات وشروط المحافظة على النظافة والسلامة، وفي مختلف وسائل الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي، وفي الإعلامين التقليدي والجديد، كما حرص معظم المواطنين على تدوير الرسائل المتضمّنة على الإرشادات، في مجموعات الأهل والأصدقاء في الواتساب والرسائل النصية، وهذا هو ما يجب فعله، أما تسويق الوهم والدجل في رسائل تتضمّن استخدام خلطات عشبية غريبة، وطرد الفيروس بالبخور وما شابه، فهو أمر يجب الحذر منه.
وفي ظل هذا الوجل والخوف من المرض، يمكن تسويق أي عقار طبي، والتكسب منه، وهو الأمر الذي يجب أن تتنبّه له وزارة الصحة، ووزارة التجارة، والمواطن أيضاً، ليس في الحذر من هذه العقارات فحسب، بل التبليغ عنها فوراً، وعن مروّجيها، خاصة مع سهولة الوصول إلى هاتين الجهتين الرسميتين، الصحة والتجارة، وذلك بالتواصل الفوري والمباشر مع حسابات الوزراء في تويتر، أو من يمثلهم من هاتين الوزارتين.
ولعل أجمل خبر يمكن أن يسمعه المواطن في ظل هذه الفوضى من تسويق الدجل، هو أن تبادر وزارة الصحة بالإعلان عن توفر عقار في مختلف صيدليات المستشفيات الحكومية والخاصة، يقضي على المرض، فذلك الإعلان هو وحده ما سيوقف العبث في السوق، والعبث بعقول المرضى أو المشتبه بهم، وهو أمر أراه ضرورياً، بل لعله تحدٍّ خاص للصحة، وللبلاد، خاصة إنه مضى على اكتشاف أول حالة إصابة بالمرض ما يقارب العامين الكاملين، وهي مدة كافية، لو كان العمل جاداً ومنضبطاً، لاكتشاف عقار يقضي على هذا الفيروس، كما حدث مع مختلف الفيروسات التي انتشرت خلال العقد الماضي من السنوات، من توفير العقار الناجح للقضاء عليها!
المصدر: الجزيرة السعودية