كشفت تقارير استخباراتية من الخزانة الأميركية تورط أفراد من أسرة آل ثاني الحاكمة في قطر في تمويل ورعاية قيادات كبيرة في تنظيم القاعدة على مدى عقود وتأمين مأوى لقيادات التنظيم وحمايتهم على أراضيها.
واستغل أفراد من أسرة آل ثاني الحاكمة وقطريون نفوذهم ومواقعهم لتمويل وتقديم دعم مباشر لتنظيمات إرهابية، واحتضان إرهابيين وتسهيل عملية تنقلهم بين الدول لخدمة أجندتهم الإرهابية، بحسب تقارير استخباراتية ووثائق وزارة الخزانة الأميركية.
ومن أبرز المتورطين عبد الله بن خالد بن حمد آل ثاني، وزير الأوقاف ووزير الداخلية، المتهم بإيوائه 100 متشدد في مزرعته في قطر، من بينهم مقاتلون في أفغانستان، ومدهم بجوازات سفر لتسهيل تنقلاتهم عبر الدول بمن فيهم خالد شيخ محمد، كما استخدم ماله الخاص وأموال وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في قطر لتمويل قادة في فروع تنظيم القاعدة.
احتضان «القاعدة»
أما عبد الكريم آل ثاني، أحد أفراد العائلة الحاكمة في قطر، فقد قدم الحماية في منزله لزعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي، أثناء انتقاله من أفغانستان إلى العراق عام 2002، ومنح جوازاً قطرياً للزرقاوي وموله بمليون دولار أثناء تشكيل تنظيمه شمال العراق.
ومن أفراد العائلة الحاكمة إلى مؤسساتها وتحديداً جمعية قطر الخيرية، التي تصنف أحد أبرز مصادر تمويل تنظيم القاعدة ومدير جمعية قطر الخيرية كان عضواً في تنظيم القاعدة، وسهل سفر وتمويل أفراد في التنظيم من خلال نقلهم من إريتريا.
ومن القيادات التي تمت حمايتها قطرياً إبراهيم أحمد حكمت شاكر، الموظف السابق في وزارة الأوقاف القطرية والمتورط بالتنسيق في هجمات 11 سبتمبر على نيويورك وواشنطن. إبراهيم الذي ثبتت علاقته المباشرة باثنين من المهاجمين اعتقلته السلطات القطرية، وطالب مكتب التحقيقات الفيدرالية إف بي آي الحكومة القطرية بضرورة استجوابه لكن الدوحة أفرجت عنه بسرعة وأعادته إلى بلده الأم العراق.
تمويل بالأرقام
وكانت مصادر مقربة من نظام الحكم في الدوحة، كشفت أخيراً أن دولة قطر تورطت في تمويل أنشطة إرهابية بمبلغ 64.2 مليار دولار أميركي من عام 2010 حتى 2015، في أحدث حلقة من الملف القطري الأسود في دعم الإرهاب، حسبما ذكرت شبكة سكاي نيوز عربية.
وأشارت تقارير إلى أن السلطات السعودية تملك وثائق تثبت تورط الدوحة في دعم عمليات العنف والإرهاب بالمنطقة، حيث وصلت هذه الوثائق للسعودية خلال عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ومنها ما حصلت عليه خلال العامين الماضيين.
وذكرت التقارير أن قطر خصّصت مبلغ 7.6 مليارات دولار لتمويل عمليات إرهابية في 2010، وارتفع المبلغ إلى 10.4 مليارات دولار في 2011، قبل أن يقفز إلى 11.4 مليار دولار في 2012.
وفي عام 2013، زادت دولة قطر المبالغ المالية الداعمة للعمليات الإرهابية لتصل إلى 12.2 مليار دولار، ليقفز المبلغ مجدداً إلى 12.6 مليار دولار في 2014، قبل أن يتقلص إلى 9.9 في 2015.
دعم وغطاء
ولم تتوان قطر عن تقديم الدعم للجماعات المتشددة ولأشخاص إرهابيين بأكثر من دولة في المنطقة وخارجها، وأبرز وجوه هذا الدعم هو الدعم المالي وتوفير الغطاء السياسي لهذه الجماعات. وأشارت تقارير غربية عدة إلى أن قطر تعد أكبر دولة في المنطقة تغض الطرف عن تقديم التمويل للجماعات المتطرفة والإرهابية.
ويعود هذا الدعم إلى عام 2008، حين قدم القطري خليفة محمد تركي السبيعي دعماً مالياً للباكستاني خالد شيخ محمد، القيادي في القاعدة والعقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر 2001، وهو ما ذكرته صحيفة «التلغراف» البريطانية.
وتتهم وزارة الخزانة الأميركية، القطري سليم حسن خليفة راشد الكواري (37 عاماً)، بتحويل مئات الآلاف من الدولارات إلى تنظيم القاعدة عبر شبكة تمويل إرهابية.
وتشير وثائق أميركية إلى أن الكواري عمل مع قطري آخر هو عبد الله غانم الخوار (33 عاماً) على إدارة شبكة تمويل تدعم جماعات إرهابية، وتؤكد مساهمة الخوار بالإفراج عن أفراد من القاعدة في إيران. ومن الأسماء المسجلة على اللائحة السوداء بالولايات المتحدة والأمم المتحدة، عبد الرحمن بن عمير النعيمي، المتهم بتحويل 1.5 مليون دولار شهرياً لـ «القاعدة بالعراق»، و375 آلاف جنيه لـ «القاعدة» في سوريا.
وبين الأسماء أيضاً عبد العزيز بن خليفة العطية، وهو ابن عم وزير الخارجية القطري السابق، وقد سبق أن أدين في محكمة لبنانية بتمويل منظمات إرهابية دولية، وبأنه على صلة بقادة في تنظيم القاعدة.
وذكرت وسائل إعلام لبنانية وقتها أن العطية التقى في مايو 2012 مع عمر القطري وشادي المولوي، وهما قياديان في تنظيم القاعدة، وقام بمنحهما آلاف الدولارات.
تمويل عابر للحدود
وتتسع هذه الدائرة لتشمل مقيمين في قطر يعملون بأنشطة مشبوهة تغض السلطات القطرية الطرف عنها، بهدف تدبير التمويل لجماعات إرهابية مثل الإخوان، وكذلك جماعات في آسيا وإفريقيا وشبه الجزيرة العربية.
ولم يقتصر الدعم القطري للإخوان ممن هم مقيمون على أراضيها، بل شمل جماعات منبثقة عنها في كل من تركيا ومصر واليمن والبحرين وسوريا ولبنان وليبيا.
وقد امتد الدعم المالي القطري للجماعات الإرهابية ليشمل «جبهة النصرة» في كل من سوريا ولبنان، بشكل يجعل هذه الجماعة المصنفة إرهابية، تبدو كأنها «ذراع قطري صرف».
أما في ليبيا فقد دعمت قطر شخصيات إرهابية عدة، من بينها رجل الدين «صديق قطر» على الصلابي، وعبد الحكيم بلحاج رجل القاعدة السابق، وعبد الباسط غويلة، وعناصر إرهابية معروفة ورجال أعمال.
جمع المال
وكان تقرير لصحيفة «نيويورك بوست» أكد أن قطر تسمح لشخصيات تجمع الأموال للجماعات المتطرفة بالعمل بشكل علني، وبعضهم يتمتعون بحصانة قانونية في الدوحة. وخلص إلى أن «أهمية قاعدة العديد الجوية في قطر ليست سبباً كافياً لغض النظر الأميركي عن دعم الدوحة للإرهاب».
ونقل التقرير عن خبير سابق في تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية قوله إن قطر «بكل بساطة ترفض فرض قوانين (الخزانة) ضد تمويل الجماعات الإرهابية». ويذهب التقرير إلى أكثر من ذلك بالقول إن شخصيات مختصة بجمع الأموال لـ«جبهة فتح الشام»، التي كانت معروفة سابقاً بـ«جبهة النصرة» يتمتعون بحصانة قانونية في الدوحة.
المصدر: البيان