هاني نسيرة
هاني نسيرة
كاتب مصري

وقفة مع لحظة عالمية فارقة

آراء

لا تقدم لنا الأخبار كل يوم إلا الكثير من الحزن والألم، بل والخوف على مستقبل أبنائنا وأوطاننا وتعايشنا!

في أسبوع واحد كان يستقبل الصائمون فيه أفراح العيد، فإذا بعمليات الإرهاب تقلبها أتراحاً في العديد من الأماكن، من بغداد إلى إسطنبول إلى دكا وبنغلاديش إلى القطيف وجدة، وكانت ذروته أن استهدف الانفجاريون والانتحاريون بتفجيراتهم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي المدينة المنورة.

عربياً ما زالت المآسي السورية مستمرة، ولا يزال المستبد القاتل جاثماً فوق صدر شعبه بمساندة روسية وإيرانية صريحة وواضحة منذ سنوات، وما زال داعش وأخواته كذلك، رغم تراجعهم البطيء، جاثمين أيضاً فوق صدر هذا الشعب، من دون حل سياسي حقيقي أو حسم عسكري صادق من المجتمع الدولي بالقيادة الأوبامية المرتبكة والعاجزة عن أي فعل.

وكذلك حدث ولا حرج عن ليبيا وتنظيم داعش في سرت، وأزمة التوافق العالقة بين الأطراف الأخرى، فلم يجتمع القوم بعد على إنقاذ وطنهم ومواطنيهم وإنقاذه من العودة للعصور الوسطى على مختلف المستويات.

وعلى الرغم من مرور أسابيع، ما زال الانقلابي الحوثي في اليمن مراوغاً في محادثات الكويت، مستغلاً روح التفاوض وفضيلة الحوار التي أبدتها الحكومة الشرعية ودول الخليج في إقرار الأوضاع وبقاء الحال على ما هو عليه، بل والتوسع والتمدد نحو السيطرة على مناطق أخرى.

وهكذا العراق، الذي لا تزال حكومته تعدنا كل يوم بتحرير الموصل وإخراج داعش منها، وهو ما لم يحدث، بينما تسير مع كل تقدم تنويه فظاعات الميليشيات الإيرانية والموالية إليها المعروفة بالحشد الشعبي وجرائمها في حق الطائفة السنية، ما يستفيد منه داعش، ويمثل رافداً له وسط أبناء القبائل، ويحجز ويئد الوفاق الوطني المطلوب من أجل معركة حاسمة ضد أكبر جماعة إرهابية عرفها العالم في العصر الحديث.

لم يقف الإرهاب الواحد، بألوانه الطائفية المختلفة، عند بؤر الصراع المشتعلة فقط، لكنه يستنزف ويستهدف سائر العالم، من شرقه إلى غربه، من الولايات المتحدة نفسها العديد من المرات إلى باريس إلى غيرها، لا يرحم أحداً من بلاد الحرمين، ومن المقدسات الإسلامية الأولى إلى كل عواصم الغرب والشرق.

لا بد من وقفة حاسمة لمواجهة هذا الخطر الداهم المهدد للحضارة ومفهوم العيش المشترك، لن يحله أمثال ترامب من الكارهين، فالكراهية لن تئد كراهية ولكن تزيدها وتبرر لها، والحلول ليست بنشر الإلحاد أو ازدراء الأديان، لكن بالاعتدال والرشاد، وبجهود دولية وإقليمية ووطنية، رسمية وغير رسمية، من أجل صنع لحظة مختلفة وسياق مختلف لا يجد فيها الإرهاب مساحات لعيشه أو تربة خصبة لنموه.

المصدر: الرؤية