كاتب و مدون سعودي
في لقاء ممتع في دبي مع الصديق اليتيم والكاتب العامل والمعرفي “الإنسيكلوبيدي” أحمد العرفج تنبهت من وحي حديثه الشيق لحقيقة ربما تغيب عن الكثيرين، وخصوصا من يرى في نفسه مهتما بالشأن العام ومراقبا له وكاتبا ومعلقا على أحداثه، تلك حقيقة أننا كمجتمع نتعامل مع القراءة في أحيان كثيرة باعتبارها وسيلة ترفيه وزيادة رصيد اطلاعي بعيدا عن سعينا لتحويل تلك المعرفة المبعثرة إلى برامج حياتية ودروس مستفادة وآلية لفهم الواقع بهدف استشراف وتفهم المستقبل.
ففي مدارسنا يحفظ الطلبة أكثر من كونهم يفهمون، ويدفعون للقراءة لكي يجمعوا معلومات ينثروها على صفحات الاختبار آخر السنة، وليخرج من عامه ذاك لعامه التالي وقد بدأ من جديد في تحصيل علم في رأيي لن يفيده جزء كبير منه مستقبلا. سؤالي هو: ما الفائدة الحقيقية من علم وقراءة لا ينعكسان عمليا في حياة الفرد!
سيخرج أحدهم هنا ويبدأ في إعطاء محاضرة عن أهمية الدراسات النظرية في بناء الأجيال والدور الذي لعبته تاريخيا في مجدنا الماضي، وما إلى ذلك من العبارات التعبيرية التي حفظت على طريقة الكتاتيب، فلا ذهنا تحرك ولا بصيرة استنارت، وكل ما أنتجه لنا مزيد من خريجي التخصصات التي ليس لها سوق عمل.
القراءة والاطلاع هما وقود العقل، فإما أن نستخدم وقودا يتناسب مع متطلبات العقل والعصر الذي نعيش فيه وإلا ستبقى كل المعارف التي نتحصل عليها من الكتب التي نشتريها من معارض الكتب والصحف التي نتابع موادها ورقيا وإلكترونيا وكل المحتوى الفكري الذي يزخر به محيطنا اليومي مجرد اطلاع ترفيهي، ومعرفة لا تعمل، ولا يمكن أن تنتج لنا سوى إفادتنا ببعض المحسنات اللفظية يستخدمها البسطاء في تغريدة أو تعليق بطولي..
عندما تقرأ الكم الهائل من التغريدات في “تويتر” والمواقع المختلفة من المؤكد أنك ستخرج بانطباع أن المجتمع واع لدرجة عالية جدا، إلا أنك ستجد في ذات الوقت كما هائلا في المجتمع ممن يعيشون على حافته وظيفيا وفكريا، فإما أن ثقافتهم هي مجرد كلام ليس فيه انعكاس عملي، أو أن مجتمعنا لا يضع المعرفة كأساس في النهوض وعامل أول للتطور والنجاح.
المصدر: الوطن أون لاين