وكيل الادعاء في المحكمة الدولية: عياش العقل المدبر و«الفان» أُحضر من جنوب بيروت الى مكان التفجير
أخبارأنهى وكيل الادعاء غرايم كاميرون مداخلته التمهيدية امام المحكمة الخاصة بلبنان في ليشندام (ضاحية لاهاي) بالقول ان «من سخرية القدر ان الهواتف السرية» التي استخدمها المتهمون في جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق اللبناني رفيق الحريري «هي التي فضحت سلوكهم وكشفت عن هوياتهم». وواصل كاميرون بإسهاب امس تفصيل وقائع الاتصالات بين المتهمين وهم مصطفى بدرالدين وسليم عياش وحسن عنيسي وأسد صبرا الذين يحاكمون غيابياً وتم ضم اسم حسن مرعي متوقفاً عند مرحلة استدراج أحمد ابوعدس لحمله على تسجيل شريط الفيديو الذي تضمن اعلان المسؤولية المزعوم عن الجريمة وصولاً الى اختفائه.
وعاد وسرد، مستنداً الى بيانات وشرائح، الاتصالات الهاتفية في الساعات القليلة الاخيرة من حياة الحريري منذ وصوله الى مقر مجلس النواب صباح ١٤ شباط (فبراير) الى حين اغتياله في الساعة ١٢,٥٥ وخمس ثوان من خلال عرض دقيق ومنهجي يظهر مدى صعوبة ومهنية العمل على تحليل الكمية الهائلة من الاتصالات عبر شبكات الهواتف المختلفة.
وأفادت هذه الاتصالات عن شبكة هواتف قرمزية جرى استخدامها خلال عملية استدراج ابو عدس وتوقفت عن العمل بعد مغادرته منزل أسرته واختفائه محصياً مجموع الاتصالات التي دارت بين عنيسي وصبرا ومرعي في محيط منزل عياش والمسجد الذي كان يتردد اليه.
وقال كاميرون انه في هذه المرحلة تم تفعيل الخطوات التحضيرية وظهرت فيها الأدوات الأخيرة لتنسيق الاعتداء وبعد ان كانت المرحلة السابقة شهدت حركة اتصالات لإيجاد كبش فداء تبين انه ابوعدس الذي غادر منزله لمقابلة صبرا ولم يشاهده احد بعدها.
وأشار الى ان المتهمين بذلوا جهوداً لربط التفجير بمدينة طرابلس حيث الغالبية من المسلمين السنّة استناداً الى شخص ابوعدس وهو بدوره سنّي. وفي هذه الأثناء كانت شبكة الهواتف الحمراء تنشط في محيط مجلس النواب وأماكن وجود الحريري في قريطم، وتولى هذه المراقبة تحديداً عياش اضافة الى خمسة أشخاص آخرين.
وقال كاميرون ان مرعي انضم الى المؤامرة في ١١ تشرين الثاني (نوفمبر) وساعد ووجه صبرا وعنيسي في إطار الإعداد لإعلان المسؤولية زوراً متوقفاً عند اتصال لافت دار بين مرعي بدر الدين لمدة غير اعتيادية قاربت ٢٠ دقيقة. وقال ان الاتصالات كانت تبدأ ببدر الدين وتمر عبر مرعي بين جنوب بيروت وغربيها. وزاد انه في ١٥ كانون الثاني (يناير) اتصل عنيسي بأبو عدس الذي ابلغ عائلته انه سيقابل في اليوم التالي شخصاً يدعى محمد هو في الواقع عنيسي لأنه يحمل له مفاجأة، وصباح ١٦ منه غادر ابوعدس منزله وصمتت الهواتف الأرجوانية التي كانت اشتغلت في شهر أيلول (سبتمبر).
وأوضح ان أسرة ابوعدس تلقت بعدها اتصالاً من شخص يقول انه محمد ابلغها ان ابوعدس عالق في طرابلس لأن السيارة التي كانت تنقله معطلة فطلبت والدته التحدث اليه وأُجيبت بأنه موجود في المنزل ومساء اليوم نفسه تلقت العائلة اتصالاً ثانياً جاء فيه ان ابوعدس يريد الذهاب الى العراق ولن يعود الى المنزل.
وبالنسبة الى شراء الفان الأبيض الذي شكل اداة التفجير، أفاد كاميرون بأن نشاط الهواتف يظهر اتصالات بين المتهمين وأشخاص مجهولين في محيط معرض السيارات في طرابلس وأن عياش كان موجوداً في جنوب بيروت وأن رجلين حضرا الى المعرض للسؤال عن الفان ولاحظ البائع ان لكنته مختلفة عن لكنة سكان طرابلس. وتم شراء الفان نقداً بقطع نقدية من فئة ١٠٠ دولار و ٥٠ دولاراً وبموجب إيصال غير مؤخر يحمل اسمين تبين أنهما مستعاران وأن حركة الاتصالات تظهر ان احد الرجلين عاد من طرابلس الى جنوب بيروت. وذكر ان شراء الفان تم بعد ٩ ايام على اختفاء ابوعدس وكان شريط اعلان المسؤولية قد أعد في هذه الأثناء معتبراً ان ابوعدس خدع واستخدم من قبل المتهمين لتضليل اللبنانيين حول هوية الجهة التي تقف وراء اغتيال الحريري.
وبعد ان اظهر كاميرون الدور المحدود الذي استدرج ابوعدس المعروف بسذاجته للعبه في إطار الجريمة، انتقل كاميرون الى عرض مثير لكيفية مراقبة الحريري والتنسيق بين المشاركين في يوم الاغتيال، فقال ان الحريري عاد الى لبنان في ٧ شباط ٢٠٠٥ وكانت عندها مراقبته مقتصرة على ٦ أشخاص داوموا على مراقبته باستثناء يوم ١٣ شباط الذي سبق موعد الاغتيال.
وعاد في عرضه الى يوم ٨ شباط حيث حضر الحريري جلسة لمجلس النواب ظهراً وكان عياش ومعاونوه جميعاً في محيط مجلس النواب وعند عودته الى قصره في قريطم انتقل عياش وبعض معاونيه الى منطقة قريطم حيث بقوا حتى المساء وأجرى عياش من هناك اتصالات مع عدد من الأشخاص. واستمرت مراقبة الحريري في الأيام التالية، وعندما توجه في ١٣ شباط إلى بدارو للتعزية في احدى الكنائس، تواجد ٣ من الشركاء منهم عياش في محيط الكنيسة وبقوا هناك طيلة بقائه.
وتوقف كاميرون عند ٥ خطوط هاتفية تم شراؤها في أول تشرين الاول (أكتوبر) ما لبثت ان توقفت في وقت لاحق من الشهر نفسه بما يوحي ان هذه الهواتف كانت على صلة بمحاولة اغتيال الوزير السابق مروان حماده.
ارتفاع وتيرة الاتصالات
مساء ١٣ شباط كانت الاتصالات محدودة لكن وتيرتها ارتفعت ليلاً واستمرت حتى الفجر وكانت خارجة عن المألوف من حيث وتيرتها وتخللها اتصال مهم من بدر الدين الى عياش على احد الهواتف الخضراء وتبعته سلسلة اتصالات وشملت ٦ اتصالات بين أربعة من مستخدمي الهواتف الزرقاء وهي من الهواتف التي غادرت جنوب بيروت لتنفيذ الاعتداء.
وزاد انه في ١٤ شباط تظهر الهواتف التي نشطت يوم الاغتيال وعدد الاتصالات التي دارت بين هاتف عياش الأزرق و ٦ هواتف اخرى كانت تشارك في مراقبة الحريري، في حين استُخدم هاتفان فقط من الشبكة الخضراء علماً ان عياش كان بحوزته هاتفان ازرق وأخضر.
وتابع عارضاً توالي الاتصالات بين أفراد الشبكة الذين ارتفع عددهم الى ٢٣ شخصاً وما تم تبادله من اتصالات بين قريطم ومحيط البرلمان وجنوب بيروت، لافتاً الى ان عياش كان في ذاك اليوم المنسق الرئيس بين أفراد الشبكة المختلفين.
وقال انه عند وصول الحريري الى البرلمان كانت الساعة ١١، وبحلول الساعة ١١،٣٠ وصل عياش الى محيط البرلمان واتصل بشخص كان في جنوب قريطم على هاتف احمر. وعدّد الاتصالات التي أجراها عياش من محيط المجلس مع معاونين في محيط قريطم وعلى الطريق الساحلي وعرض كيفية استبدال شبكات الاتصالات المختلفة وصولاً الى وقف العمل بالشبكة الزرقاء.
ورأى ان الاتصالات عكست توزيع المسؤوليات بين المنفذين الذين كانوا يتنقلون بين المناطق الثلاث.
عند الظهيرة غادر الحريري مقر البرلمان وتبادر للمتآمرين انه سيتوجه الى موقع الاغتيال حيث كان الفان في المكان لكن الحريري لم يفعل بل توجه الى مقهى ساحة النجمة حيث أمضى ١٦ دقيقة سجلت خلالها ١٠ اتصالات بين مستخدمي الهواتف الحمراء.
وذكر ان الشخص الذي عرفه بـ آس ٥ اتصل من موقع الجريمة بآخر هو آس ٦ كان غرب مجلس النواب وعاد آس ٥ واتصل بآخر هو آس ٩ قرب مجلس النواب ثم اتصل عياش بـ آس ٧ وكان الاثنان في الموقع نفسه، مشيراً الى ان الاتصالات تشير الى ان آس ٥ وآس ٧ كانا على متن الفان الذي نقل من جنوب بيروت الى مسرح الجريمة وصولاً الى نفق الرئيس سليمان فرنجية حيث اكمل آس ٧ بالشاحنة في حين بقي آس ٥ عند مدخل النفق.
ثم عدّد الاتصالات التي تم تبادلها بين عياش وآس ٩ وآس ٨ اللذين كانا في موقع يتيح لهما رؤية الحريري. واتصل عياش بـ آس ٥ الذي بقي بين مسرح الجريمة والبرلمان.
عند الساعة ١٢,١٦ دقيقة خرج الحريري من المقهى وتحدث لمدة خمس دقائق مع المسؤول الإعلامي السابق للأمم المتحدة في بيروت نجيب فريجي، وعندها اتصل عياش بـ آس ٨ في منطقة البرلمان فيما أنهى الحريري حديثه وعاد الى المقهى فتوقفت حركة الهواتف الحمراء ١٧ دقيقة انتهت عندما اتصل عياش بـ آس ٨ عند الساعة ١٢،٤٣.
ومضى يقول ان الحريري غادر المقهى نحو سيارته الساعة ١٢،٤٩ دقيقة وبدأ الموكب يستعد للمغادرة نحو قريطم وفي اللحظة نفسها اتصل آس ٩ من جنوب مجلس النواب بـ آس ٨ وبعد ٣٠ ثانية أجرى آس ٨ ثلاثة اتصالات على التوالي استغرقت مدة ٥٨ ثانية واتصل آس ٧ بعياش الذي بقي بين البرلمان وموقع الجريمة كما اتصل بـ آس ٩ جنوب غربي مجلس النواب وهذه الاتصالات سمحت للفان بالاقتراب من مسرح الجريمة. وأحصى كاميرون ٣ اتصالات اجريت بين آس ٥ وآس ٦ وآس ٨ وكانوا في محيط مجلس النواب لافتاً الى ان الاتصال بين آس ٥ وآس ٦ سبق الانفجار بثوان.
وأوضح انه تعمد الحديث عن ٨ شباط لأن الحريري قام في ذلك اليوم بالتحركات نفسها التي قام بها في يوم مقتله وكان مراقباً من اصحاب الهواتف الحمراء، لذا لم يكن هناك اي من المتآمرين أبعد من فندق سان جورج لأنهم كانوا يعلمون انه لن يجتازه.
وتناول كاميرون لاحقاً بث اعلان المسؤولية المزورة وشريط الفيديو المرفق الذي تلقته قناة «الجزيرة» وعدد مواصفات المتهمين وأماكن إقامتهم ومهنهم ووضعهم العائلي، مشيراً الى ان عياش الذي انتحل اسم سامي عيسى هو العقل المدبر للمؤامرة التي وصفها بأنها عملية معقدة أعد لها بدقة وانضباط والتزام صارم وبأن عياش هو المنسق الرئيس للاتصالات وأن العملية مموّلة جيداً وأن اختيار بدر الدين معاونيه مرده الى كونهم أشخاصاً عاديين لا يلفتون الانتباه الى أنفسهم وأن العملية تظهر مدى قسوتهم والوحشية وعدم الرحمة التي بدرت منهم لاستدراج ابوعدس واستخدامه لدفع اللوم عن أنفسهم.
وكلاء المتضررين
وبعد استراحة، استؤنفت الجلسة للاستماع إلى وكلاء المتضررين وهم المحامون: بيتر هينز وندى عبد الساتر ومحمد مطر. وجلس إلى جانبهم الممثلون الثمانية عن المتضررين. وبينهم الرئيس الحريري الذي بدا متابعاً ومتأثراً، عبد العرب، سحر درويش، غنى غلاييني، ليليان خلوف، إحسان ناصر، ماريا كستي، روبير عون، محمود الوزان وبسام عثمان.
وقالت عبد الساتر باللغة العربية «إثباتا لهويتي وهوية الضحايا»: «إنه يوم عظيم أشرقت فيه شمس العدالة، أتكلم باسم الضحايا وكل مظلوم وباسم صوت الأحياء وضمير الأموات وأمل الأجنة والإيمان بالعدالة ولكم أن تبرهنوا أن في هذا الكون لا يزال هناك قانون صارم وعدالة.
وباللغة الإنكليزية قالت: «منذ السبعينات (من القرن الماضي) شهد لبنان أعلى نسبة اغتيالات سياسية في العالم لنشر حال من الرعب في أذهان الناس وأصبح الحكم بواسطة الإرهاب وسيلة وكذلك لإخضاع الشعب اللبناني، عدا قتل المفكرين الأحرار وكرامة الإنسان. ولولا حريتنا وكرامتنا ما كنا بشراً، وبسبب الإفلات من العقاب تتراكم أعمال الظلم والاضطهاد عبر السنين والمجتمع الدولي يتفرج. الضحايا هم أبرياء من أي جريمة، الجهود الفردية لم تعد كافية، أعطني رافعة ومكاناً أقف فيه وسأحرك الأرض والمحكمة الخاصة بلبنان هي رافعة العدالة وتتمتع بقوة مضاعفة للحد من الإفلات من العقاب وتطبيق العدالة الدولية».
وتوقفت عند حقوق المتضررين الممثلين بـ «8 منهم متساوون أمام الظلم». وقالت: «ستضغطون على الزر الذي يسمح باقتلاع جبل الإرهاب في العالم أجمع». وقالت «إن الظلم يهدد العدل في كل مكان وتهدف المحكمة إلى وضع حد لعدم المحاسبة. ليس فقط معرفة هوية القتلة أو الجناة أو إرضاء الفضول أو هيبة القضاء».
وعددت الشخصيات التي اغتيلت في لبنان وأخفيت، وسمت الإمام موسى الصدر. وشددت على «واجب أن نتذكر تحصيناً لنا من انحرافات التاريخ». وقالت: «قيل لنا أن لنقلب الصفحة وأن ننسى؟ كيف نسامح ونقلب الصفحة ونسامح ونحن لا نعرف هوية المجرم».
وسألت: «لماذا غابت العدالة حتى الآن؟ إرساء العدالة في هذه الجريمة يحقق بعض العدالة في جرائم أخرى. لو أنشئت محكمة لمحاكمة مغتالي شخصيات سابقة لما كانت هناك ضرورة لهذه المحكمة اليوم. اختيار الرئيس رفيق الحريري كان الشرارة لكن تأثير المحكمة سيكرس قيمة إنسانية بسيطة وهي أن الإرهاب ممنوع والحكم بواسطة القتل غير مقبول بعد الآن».
واستعاد مطر لحظة الانفجار وما بثته محطات التلفزة بشكل مباشر، والمشاهد الفظيعة غير المحتملة للناس المحروقة. وكيف علم بوفاة الرئيس رفيق الحريري، وتحدث عن آخر لقاء له مع الحريري قبل أسبوع من استشهاده. وقال: «سألته عن الانتخابات النيابية وتحالفاته بها وفاجأني بقوله إنه لن يأخذ بالوديعة السورية وهو مستعد للتحالف مع حزب الله إذا رغب الأخير بذلك».
واستعاد مشهد بيروت غداة الجريمة ويوم تشييع الرئيس الحريري: «مدينة أشباح، صامتة، رمادية، وفي ساحة الشهداء التي اكتظت بالآلاف للتشييع، كانت الوجوه على الوجوه والله أكبر يطلقها العرب مسلمين ومسيحيين للاستجارة بالقوة الإلهية عندما يواجهون حدثاً لا طاقة لهم على احتماله».
وقال: «كان مشهداً غير مسبوق وغير متوقع أخرج اللبنانيين من بيوتهم، كسروا حاجز الخوف ونزلوا إلى الشوارع متحدين القاتل كأنهم يصرخون كفى». وأضاف: «وحد قتل الحريري اللبنانيين فنزلوا إلى الشارع واقترعوا بأقدامهم أن لا للقتل ولا للإرهاب، هو خاطب الحلم والأمل بمستقبل أفضل للبنانيين، وكان مشروعه استعدته قوة هالها ما يقدم عليه الحريري وهو اخاف قوى داخل لبنان وفي محيطه، فعلقوا الدستور وكبتوا حرية الرأي وحولوا القضاء ليكون في خدمة القمع وعلقوا الحريات الاقتصادية وأفقروا الناس. إنه منطق أولوية الأمن على السياسة، إنه نظام الخوف».
وقال: «انتفض اللبنانيون كل من موقعه وربما لأسباب خاصة بكل واحد منهم أو بسبب إهانة أو تنازل أجبر عليه خلال عهد الوصاية. شكل الاغتيال تحدياً مباشراً لكل لبناني حر بمعزل عن السياسة وتجاذباتها، جريمة مست كل وطني شريف أدخل القاتل الجريمة إلى كل بيت ودار وأخطأ لأنه لم يتوقع ذلك، فقد قتل رئيسا جمهورية ورجال دين وسياسيون وقضاة على قوس المحكمة ولم يحدث شيء فاغتيال آخر سيكون كما سبقه وإلا ما يفسر إسراع المسؤولين آنذاك في رفع الأنقاض وشطف موقع الجريمة والتلاعب بمسرحها والإصرار على فتح الطريق بذريعة عدم تعطيل حركة السير. لم يدرك القاتل أن هذا الاغتيال بالذات سيوحد اللبنانيين ويكسر خوفهم». واستعاد الانفجار الذي استهدف النائب مروان حمادة قبل اغتيال الحريري، وقال: «عاش مروان حمادة يوماً آخر جديداً ليشهد أنه كان باكورة سلسلة من القتل الممنهج على يد آلة قتل منظمة».
وعدد الشخصيات التي اغتيلت لاحقاً أو نجت من الاغتيال. وقال: «وإلى أولئك الذين خرجوا ولم يعودوا، (سمى الضحايا الذين قضوا مع الحريري وباسل فليحان وفي الانفجارات والاعتداءات التي استهدفت: جبران تويني، بيار الجميل، وليد عيدو وأنطوان غانم ووسام عيد ووسام الحسن ومحمد شطح) لهم هذه المحكمة، مؤكداً أن اللبنانيين «سيواكبون المحكمة ما يشكل تحدياً لنا جميعاً».
التحلي بالصبر
ودعا المتابعين إلى التحلي بالصبر لأن المحاكمات تطول. وقال: «حتى يومنا هذا يستمر القتل متوقفاً عند اغتيال الوزير السابق شطح، هذا الموت يجب أن يتوقف، وعلى المحكمة أن تحقق هذه الغاية النبيلة وأن القتلة سيلاحقون وسيكشفون وسيعرضون للقصاص والعدالة آتية وهذا ما سيعمل عليه فريقنا من دون هوادة، أصبح نظام القيم في بلادي متفاقماً والقتل أصبح منظماً، يغذي العصبيات وتتغذى هذه به في الوقت عينه، يساوون بين القاتل والمقتول، وما عادوا يرون أن القتل يطاول منذ سنين فئة من دون أخرى وأن القتل جرم يجب أن يردع، إنه تبرير وقبول ضمني للجريمة. باتوا يصورون القتل تغييراً لميزان قوى، ويجب أن يقال لهم كلا لا يتساوى القاتل والمقتول. باتت في لبنان عبادة جديدة هي ميزان القوى، يسوغ تعطيل المؤسسات الدستورية ويبرر القتل وتعطيل الاقتصاد الوطني توصلاً إلى تحقيق غاية. إنه تحذير من ثقافة تقضم التسامح وتهدد التعايش وتطيح التسوية التي عاش في كنفها اللبنانيون».
ورأى «أن أناساً باتوا يكافأون على رذائلهم. وصار الاستثناء قاعدة والقاعدة استثناء وبمقدور المحكمة أن تبعث برسالة مفادها أن حكم القانون هو القاعدة وقائم على الثواب والعقاب. ما يطلق مسارات من الأمل والعمل في لبنان يعكس مسارات النكران والإسفاف القائمة. والمحكمة ستثبت الوقائع والقرائن وتقيم الدليل القاطع وفق أعلى معايير العدالة الدولية وهذا يجب أن يكون ونتعهد أن نعمل على ذلك مع المحكمة، ونحن لا نطلب ثأراً إنما عدالة والعدل أساس الملك. والمحكمة تعرضت إلى حملة عشواء للتشكيك بها بهدف تغييب القاتل وفي غالب الأحيان بدافع الجهل بالقانون الدولي، مرد ذلك الشك المقيم في المنطقة عن ثنائية المعايير في تطبيق القرارات الدولية ومحاكمة مرتكبي المجازر، المحكمة هي الفرصة الكبيرة لإقناع اللبنانيين والعرب أن العدالة الدولية قادرة على استدراك ما سبقها عن قعود المجتمع الدولي عما كان يجب أن يقوم به وأنها ستعاقب القتلة». مشيراً إلى «أن كل ما حصل بعد 2005 من أحداث مرتبط بشكل أو بآخر بإنشاء المحكمة». وقال إن المحكمة «ستعطي العالم الحقيقة القانونية التي تتجاوز وجهات النظر».
ولفت إلى أن المحاكمات الغيابية «جزء من نظامنا الجزائي المعمول به ويجب تطبيقه».
وقال هينز: «إنه لحقٌّ مشروع للمتضررين في أي جريمة أن يشاركوا في محاكمة الجريمة المرتكبة في حقهم، ومن حقهم أن يتمثلوا ويُسمَع صوتهم. وفي الواقع أن مؤسسي المحكمة صمموا نموذجاً دولياً يقر بنظام القانون المدني ويعكس النظام الذي ألفه اللبنانيون، وفي نهاية المطاف المحكمة ملزمة تطبيق القانون اللبناني».
واستعاد مسألة إنشاء المحكمة من خلال تحرك المتضررين في لبنان. وقال: «نحن نريد البقاء أوفياء لقواعد المحكمة خلال عملها وإيضاحاً لبعض المخاوف، نحن لسنا محامي عائلة الحريري، ومن حقوق المتضررين الحق بمعرفة حقيقة ما جرى، كثيرون ممن استعملوا الهواتف المغلقة قد تبقى أسماؤهم مجهولة إلى الأبد».
وقال: «من الجلي أن ثمة حقاً غائباً هو حق التعويض في هذه المحكمة، الحصول على نسخة مصدقة من الحكم والتعويض عن الخسائر، المتضررون عددهم 65 وأول 16 منهم يمثلون مجموعة المصابين الناجين من الاعتداء و49 يمثلون أسر المتوفين في الاعتداء وسيمثلون كشهود أمام المحكمة». وتوقف عند كل متضرر أو مصاب حاضر عارضاً حاله خلال الجريمة وبعدها. وحين وصل إلى الرئيس الحريري، قال: «أياً كانت توقعاتهم السياسية، فإن سعد الحريري عانى فقدان والده كما يعاني الجميع».
ولفت إلى أن ثمة متضرراً «نجا حتى الآن من ثلاث انفجارات خلال السنوات الأخيرة ويتساءل متى يحين دوره». وقال إن كل المتضررين يأملون في أن تضع المحكمة حداً للقتل. وأكد رداً على سؤال للقاضي راي، إن المتضررين سيكونون في قاعة المحكمة الإثنين المقبل.
وتوجه القاضي راي إلى محامي الادعاء بالسؤال ما إذا كان سيتم عرض الأدلة يوم الأربعاء، فرد: «نحن مستعدون لاستدعاء الشهود اعتباراً من الأربعاء المقبل». ورفعت الجلسة إلى الإثنين المقبل.
المصدر: الحياة – لايشندام – آرليت خوري ؛ بيروت – ناجية الحصري