كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
هل فقدت جائزة نوبل للآداب التي تعلن اليوم نتيجتها لهذا العام بعض وهجها الذي كان يحيط بحامليها، أم إن هذا الوهج كان يأتيها من الأسماء البارزة التي تفوز بها؟
مثل هذا السؤال يصبح مشروعا إذا تتبعنا الأسماء الفائزة بها ما بعد عام ألفين، فقليلة هي الأسماء المؤثرة التي حققت الحضور قبل الفوز وبعده على المستوى العالمي وليس المحلي، لأن الحديث هنا عن أهم جائزة عالمية.
وباستثناء التركي أورهان باموك الحائز على الجائزة عام 2006، لا نكاد نرى اسماً نستطيع القول بثقة إنه أديب عالمي. وهذا الأمر يختلف عن الأعوام السابقة، إذ نجد من تركوا بصمة واضحة بكتاباتهم مثل الألماني غونتر غراس، والبرتغالي خوسيه ساراماغو، والمصري نجيب محفوظ، والنيجيري وولي سوينكا. وقبلهم الكولومبي جابرييل غارسيا ماركيز، والتشيلي بابلو نيرودا، والأيرلندي صموئيل بيكيت، والفرنسي جان بول سارتر الذي رفض استلام الجائزة… وغيرهم.
وهج نوبل الذي يخبو تدريجيا، يصاحبه تراجع من الجائزة في الاهتمام بالشعر كواحد من أهم الفنون الكتابية. وبالرغم من عودة الشعر إلى التتويج العام الماضي عبر فوز الشاعر السويدي توماس ترانسترومر، بعد 16 عاما على فوز الشاعرة البولونية شيمبورسكا بالجائزة، إلا أن سيطرة الروائيين على السنوات الأخيرة كانت واضحة. ومن الخلل أن يغيب الشعراء عن الفوز بجائزة نوبل كل تلك السنوات. قد يقول قائل إن الزمن هو زمن الرواية، ربما يكون الكلام صحيحا إلى حد ما، لكن “نوبل” بابتعادها عن الشعراء واتجاهها إلى الروائيين تساهم في تكريس انزياح الشعر عن المشهد الثقافي وسيطرة الرواية عليه.
من الملاحظ أيضا هذا العام غياب الأسماء الروائية الكبيرة عن الترشيحات التي تظهر عادة خلال الأيام التي تسبق إعلان الجائزة. فمبدع كالبرازيلي باولو كويليو، والتشيكي ميلان كونديرا وغيرهما ممن تخطوا حدود أوطانهم إلى العالمية يستحقون الفوز بجائزة عالمية. تلك الجائزة التي لم يخطر على بال القائمين عليها أن شعراء وكتابا بأهمية الراحلين الداغستاني رسول حمزاتوف والفلسطيني محمود درويش يمنح اقتران اسم أي منهم خلال حياته بـ”نوبل” للجائزة أبعادا أخرى بناء على حضور أي منهم لدى شعبه ولدى أهل اللغات الأخرى، لكن أموراً كثيرة تجعل البوصلة تنحرف عن الوجهة الصحيحة.
حتى تعيد جائزة “نوبل” الوهج إليها، يجب ألا تتأثر نتائجها بالعوامل الخارجية الضاغطة، وتبقى ضمن المعايير الإبداعية الدقيقة، كي تندرج الأسماء الهامة المنتشرة عالميا ضمن لائحة الفائزين بها عبر تاريخها، مع مراعاة إعطاء كل فن أدبي إبداعي حقه في التقييم بحسب إنتاج مبدعه.
المصدر: الوطن اون لاين