باحث إماراتي
عشر سنوات انقضت على رحيل الشيخ زايد، طيب الله ثراه، إلا أن شخصية بحجم الشيخ زايد لا يمكن إلا أن تحفر اسمها بماء الذهب على صفحات التاريخ، الذي يبقى لنا نحن الإماراتيين ليس تاريخاً وإنما حاضر ومستقبل. كيف لا وزايد هُوية وطن.
إننا حين نتحدث عن هُوية اللغة والتاريخ والثقافة والدين، فإن الكثير من الشعوب تشاطر بعضها البعض في هذه الهويات. وكما أن للشعب الإماراتي هُويته الخاصة والمتمثلة في دولته، فإن بقية الشعوب لديها كذلك هوياتها الخاصة فيما يتعلق بهُوية الوطن.
ولكن يأبى، طيب الله ثراه، إلا أن يُضفي على الشعب الإماراتي ما يميزه عن غيره. فأصبحنا حتى بعد رحيله نتغنى بهجة وسروراً حين نسمع عبارة «عيال زايد»، فمن منا لم يسمع هذه العبارة عند زيارته لإحدى الدول سواء الخليجية أو العربية؟
من هذا المنطلق ونظراً لأهمية الهُوية في تعزيز الوحدة الوطنية، نسير مع القارئ لعرض بعض التصورات والمقترحات.
لا شك أن نشر ثقافة زايد بوصفه «هُوية» هو أمر في غاية الأهمية لنا نحن الإماراتيين. فحين نتحدث عن أهمية الهُوية في المجتمع، فإنه بالإضافة إلى هُوية الدين واللغة، يتعين أن يكون زايد من أهم الهُويات التي يتوجب وضعها في الحسبان.
فكيف يمكن تحقيق ذلك؟ لنتخيل التالي: يزور عدد من الأهالي أبناءهم الذين تشرفوا بدخول الخدمة الوطنية وإذا بعبارة «عيال زايد» طرزت على زيهم العسكري مباشرة فوق أسمائهم. تذرف الدمعة من أحد الأهالي، مستذكراً ما قاله زايد: «هذا الوطن يتطلب جنداً قوي عزيمة».
بدأ العام الدراسي 2016، عاد الطلبة في يومهم الأول بكتبهم الدراسية. يُقلب أحد الآباء كتب ابنه وإذا بكتاب «زايد هُوية وطن»، وهو يستفسر من أحد المدرسين عن ماهية هذا الكتاب. يُجيب «خُصص في هذا الكتاب جميع المقولات الخالدة لزايد في جميع الأنشطة والمجالات. فحين نتحدث مثلاً عن مجال التعليم أو المرأة في كتاب التربية الوطنية، نرفق ملاحظة في نهاية كل موضوع عبارة أنظر كتاب «زايد هُوية وطن»، ليلاحظ فيه الطالب مساهمة زايد ودوره في هذا المجال، ويدرك مدى أهمية زايد لنا ولأجيالنا القادمة.
تنطلق أسرة إماراتية في سياحة داخلية من أبوظبي باتجاه إمارة رأس الخيمة، على طول الطريق تنتشر لوحات زُينت بصور الشيخ زايد ومقولاته الخالدة. يتناوب الأب والأم على قراءة العبارات الخالدة للشيخ زايد ويتركان العبارة الأخيرة لأبنائهم ليرددوها بصوت واحد. ما هي تلك العبارة. لنسمعهم ماذا يقولون:«زايد هُوية وطن».
إنه ديسمبر 2018م. يصطحب أحد المواطنين صديقه الزائر بناء على طلبه إلى مسجد الشيخ زايد، وهو يستذكر عبارته في عام 2013م حين قال إنه استمتع بهذه الزيارة لكنه لا يعلم الكثير عن من سُمي هذا المسجد باسمه.
يدعو المواطن صديقه قبل الذهاب إلى باحة المسجد أن يدخل معه متحف «زايد هُوية وطن» الذي شُيد في الباحة الشمالية لمسجد الشيخ زايد، وتم افتتاحه مع احتفالات الدولة بالعيد الوطني.
يدخل الزائر وإذا بالمتحف مكتظ بالزائرين، سواء من المواطنين أو الوافدين الذين يصطحبهم عدد من الشباب والشابات الإماراتيات في جولة في المتحف المخصص لتاريخ الشيخ زايد ودوره في بناء هذا الوطن ومساهماته، سواء العربية أو الإسلامية أو الدولية. يخرج الزائرون وإذا بهم كونوا معرفة تامة عنه، طيب الله ثراه، قبل أن يقوموا بزيارة باحة المسجد. يدور حديث بين عدد من الزائرين الأجانب مجمله أنهم لم يكونوا على علم بأن هذا المسجد يحمل اسم من قام بتشييد العديد من المساجد والمساكن والمستشفيات في بلادهم.
يسأل الزائر صديقه، كم متحفاً للشيخ زايد؟ يقول المواطن: في قلب كل إماراتي متحف لزايد، فهل نكتفي نحن الإماراتيين بتشييد متحف أو حتى عشرة متاحف لمن أضفى علينا هُوية خاصة. إنه «زايد هُوية وطن».
هل هناك حدث في عام 2015م؟ يتساءل القارئ. نعم إنه العيد الوطني الـ«44» لدولة الإمارات وشعاره «زايد هُوية وطن».
إنه عام 2034م الذكرى الثلاثين لرحيل الشيخ زايد، طيب الله ثراه، ولا يزال أبناء الشعب الإماراتي على عهده باقون وفي تلاحمه ماضون.
كيف لا وزايد هُوية وطن، كيف لا ونحن كما قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «لسنا إمارات، نحن دولة الإمارات».
المصدر: الإتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=82149