كاتب و مدون سعودي
سألني صديق أسكتلندي قبل يومين، أين يمكن له أن يذهب في وقت فراغه؟ خاصة بعد أن ينهي ارتباطاته العملية، التي غالبا ما تكون في فترة العصر، قلت له إن رمضان هو شهر خاص في المملكة، إذ يختلف الجدول اليومي ويتحول الليل نهارا والنهار ليلا.
فقال: ولكن هل هذا ينعكس كذلك فيما يتعلق بالأماكن السياحية في المدينة، أم أنه فقط شأن يتعلق بساعات الدوام الرسمية، فترددت قبل أن أجيب، لا لأني لا أملك الجواب، ولكن لأني لست على يقين في الكيفية التي بإمكاني أن أقدم له حقيقة أنه ليس لدينا واقعيا شيء يمكن أن يطلق عليه أماكن سياحية. فجل ما يعرف السعودي لقضاء وقت فراغه هو إما الأسواق أو الاستراحات أو المتنزهات، التي خصصت للعائلات ومن تنطبق عليهم مواصفات الفضيلة.
في أي مدينة في العالم، ستجد عندما تصل إلى الفندق الذي ستسكن فيه زاوية مخصصة لمطويات تدلك على أين تذهب؟ وماذا تفعل لتتعرف على المدينة؟، فالجولات التعريفية متعددة، والمتاحف متنوعة تناسب جميع الاهتمامات، والمباني التاريخية والرسمية تجدول زيارات خاصة للاطلاع عليها وعلى ما تقدمه من خدمات للمواطن وإرث تاريخي، والمتنزهات مفتوحة للجميع، وتقدم كل عوامل الجذب، فهي لا تكتفي بشجيرات متهالكة وكشك مرطبات ومقاعد أكلها الدهر و شرب.
ليس نقدا لجهة رسمية ما أحاول أن أرمي إليه، بل دعوة لتحويل كل مدينة في مملكتنا الحبيبة إلى مركز جذب حقيقي لسياح الداخل والخارج، وهذا لن يتأتى إلا بخلق صناعة سياحية حقيقية، تبدأ من الأسفل إلى الأعلى، فبعد أن شهدت مدننا زيادة ملحوظة في الفنادق، لا بد لنا أن نشجع الصناعات الصغيرة التي تخدم قطاع السياحة مثل مكاتب تنظيم الحملات أو الجولات السياحية، وتنشيط مكاتب التسويق السياحي الربحية، وتحويل العمل السياحي إلى عمل محلي يخدم المنطقة، وإن كانت صغيرة.
حملات الحج أثبتت نجاحها كوسيلة في إدارة الجموع، والمواطن والمقيم والزائر عناصر مهمة في تنشيط الاقتصاد في جانبه السياحي، ومن حقه أن يجد من ينظم له نشاطاته، ليكتشف من خلالها ما تتضمنه مدننا من قيمة تاريخية وجمالية غائبة عن الكثيرين.
همسة أخيرة لهيئة السياحة و الآثار أقول: إن الحملات الإعلانية التي تقوم بها الهيئة للترويج عن السياحة الداخلية تخبر الناس أن هناك سياحة داخلية، ولكنها لا تخلق سياحة داخلية حقيقية، أعطوا المجال لصغار المستثمرين، فصناعة السياحة عالميا ترتكز عليهم.
المصدر: الوطن أون لاين