إعلامي سعودي
أصعب الكتابات رثاء الأحباب والأصدقاء، فلا تعلم من أي حرف تبدأ أو من أي جملة تعبر عن بوح ألمك وحزنك، فالمراثي إنما تسطر لمن نحب، لتهدئ لوعة الفؤاد بعد أن حال بيننا وبينهم عالم البرزخ، لتكون ضربا من ضروب التواصل الحميمي بين العطاء والوفاء، وليبقى أثرها خالدا في كراسة التاريخ يحفظها.
يا لتلك الليلة الفاجعة.. اختطفت باسم الثغر، وصائن اللسان، وساحر الحضور.. لكنها مشيئة الله التي لا تقبل إلا الخضوع لها والاستسلام لما كتبه وقدره.
رحل الصديق سعود الدوسري عن دنيانا الفانية «فجأة» مخلفا في قلوب الزملاء والأصدقاء والمعارف حسرة وأيّما حسرة. فلم يكن «الرجل النبيل» إلاَّ مثالا لدماثة الأخلاق، وحسن التعامل مع من يعرف ومن لا يعرف. كان وقع رحيله صاعقا، إذ كيف لهذه الحيوية الدافقة والديناميكية الدائمة أن تسكن، وهل كان للسكينة مكان لك في رحلتك يا صديقي؟
من اقترب من «سعود» وسامره، يعلم أنه رجل محب للحياة والفرح، يعشق لمة الأحباب وجمعة الأصدقاء، لم أره يوما يطعن في رفيق، أو يسخر من أداء زميل له في المهنة، كان يتمنى الخير والنجاح للجميع. لقد عاش سعود على الطريقة التي أرادها. ذات يوم كنا قادمين من مدينة أبوظبي بسيارته، بعد أن أنهى تقديم حلقات خاصة عن وفاة الملك عبدالله «رحمه الله» ذكر لي «أنه لا يحب الادخار والاستثمار، وأن ما يحصل عليه من مال يصرفه فيما يحب» وكأنه كان يعلم أن أيامه معدودة، وأن ساعة الرحيل قادمة في أي لحظة.
لقد اخترت أن أكتب عن إنسانية الراحل في ما أعرفه وأشهد به أمام الناس، أما تميزه الإعلامي فسيظل محفورا في الذاكرة العربية والسعودية خاصة، فهو من اتخذ خطا إعلاميا فريدا خاصا به، بل يعتبر من الأوائل الذين فتحوا الباب لجيل كامل من الشباب نراهم اليوم يتألقون في تقديم برامج محلية وعربية. بصمات «الراحل» رائدة في كل المحطات التي عمل بها، أكسبته حضورا لافتا واحتراما كبيرا لذلك لا غرابة أن «هاشتاق» وفاته أصبح «ترندا» عالميا نعاه فيه مشاهير الفن، والسياسة، والإعلام، ورجال دين، وحتى من لا يعرفه عن قرب.
تجاوز الله عنك يا من كنت قريبا من الناس، حبيبا للجلاس، لطيفا مع الصغار والكبار، حتى أحبك الجميع واحترموك، فلما سمعوا بنبأ وفاتك بكتك الأعين، ودعت لك الألسن، وترحم عليك من عرفك ومن لا يعرفك.
رحمك الله يا سعود وأسكنك فسيح جناته.
المصدر: مكة أون لاين