كاتب إماراتي
تناقلت وسائل الإعلام العالمية خبر قيام النجم المحبوب، مارادونا، بصفع أحد الصحافيين الأرجنتينيين، الأسبوع الماضي، وذلك لأنه «تحرّش» بزوجته، أثناء انشغال «بو أرماندو» بالحديث للصحافة الأرجنتينية عن واقع حال الاتحاد الأرجنتيني والكرة الأرجنتينية، بعد خسارة نهائي المونديال أمام الكرة الألمانية، المملة!
مارادونا، وبعد أن شبع من القشيد والمندي، وغرف من الهريس، وعبّ من القهوة، تسللت إليه كروموسومات النخوة العربية والغيرة من حيث لا يدري، وهي ليست غريبة «إنتو حتى الرزفة خليتوه يرزف»! ومن هنا فقد كانت هذه التغيرات النفسية والنخوة تطوراً طبيعياً في حياة النجم الأرجنتيني. لن أستغرب إذا عرفتُ بأن الجُمل التي كان يقولها للصحافي وهو يصفعه على غرار: إنته ما تستحي؟ ما عندك خوات؟ تتحرى عمرك صغير؟ ما تشوف حرمتي بنت حمايل؟ يا جليل الأصل! ترى قوم بن دييجو محد يكسر روسهم!
أو ربما استخدم مسبات المطاوعة الدارجة هذه الأيام: لا أب لك.. لا أم لك.. ثكلتك أمك.. الله يهدي أختك!
دخول المجتمعات العربية ليس كالخروج منها! فأنت تحصل على «باكيج» من الأخلاقيات التي تنعكس على تصرفاتك وتعاطيك مع الآخرين، خصوصاً في الأمور العاطفية، والتعبير عن الآراء والتصرفات المباشرة عند الغضب، ويأتي معها (بونص) عدم القبول بالرأي الآخر، ولا حتى مناقشته إطلاقاً.
لذا فمن الغريب والمريب أن نرى منسوب «الغيرة» يزداد عند من يقيم بيننا مدة معينة، بينما هو «يتناقص» في مجتمعاتنا تجاه القضايا الإنسانية والمصيرية الكبرى.
العربي الذي لا يُحسّ بما يحدث حوله، وفي عز الأزمات السياسية والعسكرية الكبرى يقوم بالبحث عن أفضل محل يقوم بعمليات تقشير وجه للبشرة الرجالية، يحتاج لأن يراجع غيرته، وأن يتعلم شيئاً من مارادونا!
العربي الذي يقضي أوقاته في أوروبا ممارساً الكثير من العُقد والتجاوزات الاجتماعية والأخلاقية، ويعطي نظرة أحادية الاتجاه عن قومه بأنهم غير مبالين، وهم عبارة عن براميل مملوءة بالنقود، وهو يحطم بذلك جهود الآلاف وملايين الجنيهات الإسترلينية التي تنفق على تحسين صورتنا بالخارج، هو فاقد للغيرة، وعليه أن يتعلم من مارادونا!
العربي الذي يشاهد نشرات الأخبار، ويقوم بتغيير القناة إلى إحدى قنوات الرقص الشرقي، وهو يردد عبارة: ماتوا ما ماتوا.. أنا شو يخصني؟ بس ملينا! هو إنسان ماتت غيرته بالكامل، وعليه أن يراوغ على الأقل أمام الآخرين مثل مارادونا!
الغيرة هبة من الله، وهي لا تقتصر على «الأهل»، بل تتجاوزهم إلى الدين والوطن والمعتقد، وفاقد الشيء لا يعطيه! وبالنسبة للأخ مارادونا، فكل ما أتمناه ألا يخورها أمام القضاء الأرجنتيني، ويقول لهم إنها كانت «يد الله»!
المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2014-08-17-1.701643