كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
والرمان فاكهة، وزهره هو الجلنار، وكم تغنى بهما الشعراء العرب بقصائدهم، خاصة ما ينصب منها في باب العشق. وجاء في تاج العروس أن (الجُلَّنَار بضم الجيم وفتح اللام المشددة أهمله الجوهري، وقال الصغاني: هو فارسي معناه زهر الرمان، وهو مُعَرَّبُ كُلْنار بضمِّ الكاف). وفيه قال أبو الوليد الأندلسي:
وجلنار تبدى … يختال في جل نارِ
أحلى حلى من جميع الـ … أنوار والأزهارِ
حكى خدود العذارى … قد شربت باحمرارِ
وقال لسان الدين بن الخطيب:
قُلْتُ إِذْ وَجَّهَ لِيِ حَبّاً مِنَ الرُّمَّانِ حِبّي
ما مَعي حَبٌ يُكافيك سِوى حبَّة قلبِي
وما بين الرمان وزهرته الحمراء الجميلة (الجلنار)، أبدع كثير من الشعراء قصائدهم الغزلية في معشوقاتهم، فالخدود في صورهم البديعية عن الجلنار، والصدر هو الرمان، وجاء في كتاب “البديع في نقد الشعر” لأسامة بن منقذ الشيزري (488 – 584 هـ):
وقالوا للطبيب: أشر فإنا
نعدكَ للمهمّ من الأمور
فقال: شفاؤهُ الرمانُ لما
تضمنه حشاهُ من السعيرِ
فقلتُ لهُ: أصبتَ بغير عمدٍ
ولكن ذاكَ رمانُ الصدورِ
وتخطى ذلك شعر الفصحى إلى الشعر الشعبي بما فيه المغنّى منه، مثل الحديث عن رمان الصدر في أحد مطالع الموليّا الفراتية “الرقاوية”. غير أن شاعراً شعبياً عراقياً لم يرَ في الرمان ما رآه الشعراء العاشقون، فقال ما يظنه المرء للوهلة الأولى غزلاً:
(جلجل عليه الزمان، النومي فزع لي
هذا الحلو ما أريده، ودوني لأهلي
جم دوب وأظل ملهوف، واقعد بدربه
لا مرّ عليه وفات، ولا انكسر قلبه
يا يمه لا تنطرين، بطلي النطارة
ما جوز أنا من هواي، وماكو كل جارة)
كلمات أبدع المطرب العراقي الأصيل يوسف عمر منذ حوالي نصف قرن في أدائها.
والكلمات المغناة غاصت في السياسة والوطن، فشجر الرمان الذي جلجل (أي كلكل، بمعنى خيّم بثقله وضغط طويلاً) هو الاستعمار العثماني، وشجر الرمان حين يثمر تتدلى أغصانه إلى الأسفل من الثقل فتزعج من يستظل تحتها. أما النومي (ليمون صغير الحجم) فهو الإنجليز (الشقر) الذين فزعوا لنجدة الشعب، غير أنه خرج من استعمار (عثماني) ليقع تحت استعمار آخر (إنجليزي)، ولذلك لم يعد يريد الحلو (التركي والإنجليزي)، ويريد أهله (العرب).
* في بقية الحديث:
هناك في الشام “جلجل الرمان” أكثر من 40 عاماً، وما زال الباحثون عن الجمال والجلنار ينتظرون الشمس.
المصدر: الوطن أون لاين