كاتب و مدون سعودي
لا أدري كيف يمكن قبول أن تعيش مدينة على ساحل البحر سبق لها أن واجهت سيولا جارفة كـ”جدة” أن تواجه أزمة مياه!
المحزن في الأمر أن المسؤولين عن شركة المياه التي تحتكر كما يبدو تجارة وتوزيع المياه على المواطنين؛ اتجهت للعمل على احتواء الأزمة إعلاميا بدلا من إيجاد حلول حقيقية لما يواجهه سكان جدة منذ مدة بالشكل الذي يكفل إيقاف الانقطاع المتكرر وشح المياه.
سبق لمدير وحدة أعمال جدة بشركة المياه أن وعد في أبريل الماضي عبر تصريح نشرته صحيفة المدينة: “بعدم تكرار أزمة المياه التي تعرضت لها بعض أحياة جدة”.. دون أن يحدد، كما جرت العادة من بعض المسؤولين، تاريخا واضحا لإنهاء المشكلة.
إلا أن المشكلة ما زالت مستمرة والمواطن لا يزال يواجه الأمرين والإعلام لا يزال يسلط الضوء، ما دعا المدير ذاته إلى التصريح مجددا للصحيفة ذاتها قبل يومين بأنه: “يوجد ١٠٠ موظف يقومون باستقبال الطلبات، ومتابعة وصولها للمستفيدين”، مؤكدا أن الأزمة كما وصفها وبالتالي اعترف بوجودها، “في طريقها للانتهاء تماما خلال ٧٢ ساعة”.
المثير للسخرية هو أن الـ٧٢ هي ذاتها عدد الساعات التي في العادة يتم إخطار طالب الخدمة عبر رقم الشركة أنه مضطر لانتظارها قبل وصول (وايت) المياه إلى منزله! وقد يواجه عند تأخر وصول المياه عن الموعد المحدد عددا من التبريرات التي لا يمكن فهمها إلا على أنها وسائل (تصريف) العميل، فقد واجهت شخصيا ذلك ولم يخبرني به أحد أو أني نقلته من “تويتر” أو من أحد الأصدقاء، فقد وعدنا أن تصلنا المياه بعد ثلاثة أيام، وبعد أن تأخرت قالت لنا إن السائق في الطريق.. ثم عندما تأخر قالت إنه ليس لدينا طلب مسجل! ثم قالت إن السائق اتصل ولم نرد! وفي المتابعة الخامسة قالوا: إن علينا أن نقوم بتسجيل طلب جديد!
هناك صور تكشف حجم الأزمة، فعشرات من المواطنين يصطفون في مراكز الشركة ليحصلوا على ماء لا يصل.. والسوق السوداء في ازدهار وانتعاش، والمواطن يتكبد 500 ريال للوايت سعة 18 طنا، والشركة مستمرة في تصريحاتها واحتوائها للأزمة إعلاميا!
كيف يحيا البشر دون مياه؟ كيف يمكن قبول أن تكون هناك أزمة مياه في مدينة ساحلية في وقت لا تعيش فيه المدن الأخرى هذه المعاناة؟ لن أقول إنه فساد، كما يحلو للجميع الترديد دون إثبات، ولكنه دون شك سوء إدارة وإهمال.
المصدر: الوطن أون لاين