أعربت دولة الإمارات مجدداً عن بالغ قلقها إزاء تصاعد وتيرة استهداف المدنيين في سوريا خاصة في مدينة حلب ، بما في ذلك استهداف الطيران الحكومي بصورة لا أخلاقية للمشافي والخدمات الطبية الضرورية وذلك تحت حصار وظروف غير إنسانية بالغة الصعوبة، مشددة على أن هذا المشهد يستصرخ الضمير العالمي لكي يتحرك سريعاً لحقن دماء السوريين.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها خليفة الطنيجي القائم بالأعمال بالإنابة للمندوب الدائم للدولة لدى الجامعة العربية أمام الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين الذي عقد امس في مقر الأمانة العامة للجامعة في القاهرة ، لبحث التصعيد الخطر في مدينة حلب السورية.
وعقد الاجتماع برئاسة راشد بن عبد الرحمن آل خليفة سفير مملكة البحرين لدى مصر ومندوبها الدائم في الجامعة العربية ، وحضور الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة.
وضم وفد الدولة المشارك في الاجتماع.. هاني بن هويدن مسؤول مندوبية الدولة لدى جامعة الدول العربية.
وقال خليفة الطنيجي إنه وخلال أقل من أسبوعين يجتمع المجلس لمناقشة الشأن السوري وهذه المرة يجتمع للوقوف على الهجوم الوحشي على مدينة حلب. وأضاف أن الاجتماع الذي جاء بطلب من دولة قطر وبتأييد من دولة الإمارات وعدد من الدول يبحث تداعيات هذا الهجوم الذي يعد تطوراً خطراً ومتصاعداً في الأزمة السورية التي تزداد تعقيداً وتفاقماً يوماً بعد يوم. وأشار إلى تخوف دولة الإمارات من تقويض المسار السياسي جراء هذا التصعيد غير المبرر ضد السكان المدنيين ، ومن ضمن ذلك الاتفاق على وقف إطلاق النار والذي ساهم بشكل إيجابي في تراجع وتيرة العنف الذي يتعرض له الشعب السوري الشقيق. وقال إن دولة الإمارات تطالب الأطراف المتحاربة في سوريا بالسعي المخلص والصادق لإنجاح العملية السياسية ووقف العنف الموجه ضد المدنيين وتسهيل إيصال المساعدات الإغاثية العاجلة للمناطق المحاصرة. وأضاف الطنيجي أن دولة الإمارات تؤكد ضرورة تحمل مجلس الأمن الدولي لمسؤولياته خاصة تنفيذ القرار رقم (2254) ، وضرورة حقن دماء المدنيين السوريين الذين يتعرضون لهجمات شرسة ولا إنسانية نتيجة استمرار القتال والإصرار على حسم الأمور عسكرياً ومطالبة الحكومة السورية بالالتزام بتطبيق وقف إطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة. وأشار إلى أن دولة الإمارات ترحب بالجهود والمساعي الدبلوماسية الدولية كافة الرامية إلى تجديد الهدنة في مناطق القتال في سوريا خاصة مدينة حلب. وأكد مجدداً إيمان دولة الإمارات التام بالحل السياسي للأزمة في سوريا من خلال المرجعيات الدولية وضرورة الالتزام بهذا الإطار ، بعيداً عن التصعيد والعنف.
من جانبه، قال المندوب الدائم لمملكة البحرين لدى الجامعة رئيس الدورة الحالية لمجلسها إن استهداف المدنيين بشكل وحشي في حلب والمستشفيات يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذا التصعيد الخطر، معتبراً أن سقوط مئات المدنيين يعد خرقاً واضحاً للقوانين الدولية خاصة القوانين الإنسانية الدولية. وأكد أن مواصلة القصف لمدينة حلب يشكل انتهاكاً صارخاً لقرارات مجلس الأمن التي تطالب بوقف الأعمال العدائية في سوريا، محذراً من خطورة الوضع الإنساني فيها. وأدان مندوب البحرين الاعتداء على المدنيين، مؤكدا أنه يشكل خرقاً واضحاً للهدنة التي أقرها مجلس الأمن، داعياً إلى بذل المزيد من الجهود لوقف العنف وضمان وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي في سوريا.
وطالب بضرورة اتخاذ موقف حازم تجاه هذا الوضع الإنساني الخطر، مشدداً على أهمية التحرك على المستوى الدولي لوقف هذه المجازر. وطالب آل خليفة مجلس الأمن بالتدخل لوقف هذا التصعيد الخطر مع تأكيد ضرورة معاقبة المسؤولين عن هذه الجريمة وتقديمهم للمحاكمة الدولية. و أكد أهمية التحرك العربي لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإيقاف القصف الوحشي لحلب وضمان دخول المساعدات الإنسانية للمدنيين المنكوبين.
من جانبه، طالب نبيل العربي المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتوفير الحماية لأبناء الشعب السوري الأمر الذي لن يتحقق إلا بوقف القتال، مشددا على ضرورة أن يتحمل مجلس الأمن واجباته ومسؤولياته المباشرة تجاه مفاوضات جنيف.
ودعا العربي في كلمته أمام الاجتماع إلى ضرورة وقف الاقتتال الأمر الذي يقع على عاتق أمريكا وروسيا باعتبارهما الرئاسة المشتركة والمعنيين بوقف الأعمال القتالية مع ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة. وأكد أهمية انعقاد هذه الدورة الطارئة بناء على طلب قطر وتأييد البحرين والسعودية والإمارات والكويت والمغرب وجيبوتي ، لبحث مستجدات الأوضاع الخطرة والوحشية التي أصابت مدينة حلب المنكوبة، وقال إن هذا التصعيد يهدد على نحو مفجع المدنيين الذين يدفعون ثمن هذه المأساة الإنسانية غير المسبوقة في سوريا. وأدان جميع عمليات التصعيد العسكري واستهداف المستشفيات والمدارس في حلب والتي ترتكبها قوات النظام السوري أو تلك التي تشنها الجماعات المسلحة المتحالفة مع قوات داعش. وجدد الأمين العام للجامعة العربية تأكيد أن الحل السياسي خيار الحل الأمثل، مؤكداً ضرورة أن يكون سورياً وأن يعبر عن السوريين أنفسهم و طموحاتهم، داعياً المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته السياسية والأخلاقية تجاه الأزمة.
من جانبه، وجّه السفير سيف بن مقدم البوعينين مندوب دولة قطر الدائم لدى الجامعة العربية الشكر والتقدير لاستجابة المجلس السريعة لعقد هذه الدورة غير العادية لبحث التصعيد الخطر الذي تشهده مدينة حلب وما يتعرض له المدنيون من مذابح وتهجير علي يد قوات النظام السوري. وأكد إدانة دولة قطر واستنكارها الشديدين للوضع الكارثي والمأساوي في مدينة حلب جراء الغارات الغاشمة التي يشنها النظام السوري. وشدد البوعينين على أن ما يتعرض له الشعب السوري من عدوان ممنهج يتنافى مع جميع المواثيق والشرائع الدولية والقانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان.
من جانبه، أعرب السفير طارق القوني مندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية عن قلق بلاده إزاء تطورات الأوضاع في سوريا والذي خلف سقوط المزيد من المدنيين كضحايا لهذا التصعيد وأدى إلى تفاقم المأساة التي يعيشها الشعب السوري منذ خمس سنوات. وأضاف أن هذه الأحداث تعد انتكاسة للأزمة السورية خاصة في ظل تصاعد الأعمال العدائية ، وآخرها قصف مستشفى القدس في مدينة حلب والذي خلف الكثير من الضحايا. وناشد القوني الأطراف كافة لبذل جهود كبيرة لتثبيت اتفاق وقف الأعمال العدائية وإيصال المساعدات الإنسانية والطبية للمدينة. وقال إن مصر تؤكد مجدداً أن السبيل الوحيد لحل الأزمة ومنع تكرار المآسي التي يعيشها الشعب السوري هو الحل السياسي ودعم الجهود التي يقوم بها ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا في مهمته القائمة على دعم العملية السياسية هناك.
المصدر: الخليج