تعرض القمة العالمية للحكومات 13 ابتكاراً من 12 دولة، نجحت في مواكبة سرعة التغير، وتماشت مع الاتجاهات العالمية الناشئة، بهدف الارتقاء بخدماتها بما يعود بالنفع على شعوبها.
وتستعرض القمة، التي تقام دورتها الخامسة في دبي، بين 12 و14 فبراير الجاري، بتنظيم من مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي، التجارب المبتكرة التي تحولت إلى آليات عمل تسهم في الارتقاء بالعمل الحكومي.
وقالت مديرة المركز، هدى الهاشمي، إن «ابتكارات هذا العام تمتاز بمحاكاتها للاحتياجات الأساسية للناس، وبتأثيرها الإيجابي في تعزيز أداء عدد من الحكومات حول العالم»، مضيفة أن «الهدف من تسليط الضوء على هذه الابتكارات، هو تقديم دليل واقعي وملموس، على قدرة الأفراد والمجتمعات على المشاركة في رفع مستوى الخدمات الحكومية، التي تعود بالفائدة على المجتمع. وتتجلى رسالة متحف الحكومات الخلاقة في تحقيق التقارب بين الشعوب وحكوماتها، لبناء علاقة تكاملية يقودها الابتكار، ويثريها حسّ المسؤولية تجاه قضايا الناس».
وأكدت أن معظم التجارب المعروضة مستوحاة من التقرير الذي طوره المركز بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، عن «الاتجاهات العالمية في الابتكار الحكومي».
«رابطة الحلاقين»
تستعرض «رابطة الحلاقين» في ليون، التي بدأت نشاطها في المملكة المتحدة، ثم انتشرت دولياً لتصل إلى هولندا وأيرلندا، برنامجها المبتكر «باربر توك»، الذي أسهم في الحد من حالات الانتحار بين الرجال في إنجلترا وويلز.
ويأتي البرنامج المدعوم من نظام الصحة البريطاني كحل مبتكر لأحد التحديات التي تواجهها إنجلترا، حيث بلغت نسبة الذكور من إجمالي ضحايا الانتحار 74% في عام 2014، علماً بأن 75% من الأشخاص الذين يقدمون على الانتحار لم يلجأوا إلى خدمات الصحة النفسية.
ومن خلال رصد ظاهرة ميل الرجال إلى التحدث بحرية مع الحلاقين، تبين أن 53% من الرجال يناقشون قضاياهم الخاصة ومشكلاتهم النفسية معهم، فتم إنشاء «رابطة الحلاقين» التي ابتكرت برنامجاً تدريبياً للتوعية حول الصحة النفسية «باربر توك»، بهدف منع حالات الانتحار، من خلال مساعدة الحلاقين على تحديد علامات مشكلات الصحة النفسية المختلفة، ومنحهم التدريب اللازم الذي يمكنهم من مناقشة قضايا الصحة النفسية والإنصات إلى الآخرين من دون انتقاد، ومن دون التسرع في إطلاق الأحكام.
• بلديات يابانية طوّرت برنامجاً استخدم أحدث التقنيات لتحديد أصغر أنواع المخلفات على جوانب الطرق.
• وزارة التطوير في البرتغال تستعرض تجربتها في وضع ميزانية تشاركية هي الأولى من نوعها في العالم.
• (وكلاء الحكومة المفتوحة) مبادرة برازيلية تهدف إلى الاستفادة من خبرات أفراد المجتمع في تعزيز أداء الموظف.
ويضم المتحف نماذج وتجارب مبتكرة قامت بها حكومات من مختلف أنحاء العالم، سيتم عرض بعضها في تجربة «ابتكارات الحكومات الخلاقة»، حتى يتمكن الزائرون من الاطلاع على هذه الابتكارات المثيرة للاهتمام، التي تبرز الاتجاهات العالمية الناشئة، والمنهجيات المبتكرة التي تتبعها الحكومات للتغلب على التحديات المعاصرة في بيئة سريعة التغير.
وتتمحور المبادرات الحكومية المبتكرة المعروضة في تجربة الحكومات الخلاقة، حول كيفية تطوير قدرة الحكومات على استباق الأحداث، من خلال رصد المتغيرات والتنبؤ بالتحديات والفرص والتوجهات المستقبلية، من خلال أدوات غير تقليدية، وتقنيات حديثة مصممة للاكتشاف المبكر للتحديات في مختلف القطاعات الحيوية وتحليلها، واتخاذ القرارات الفعّالة.
ويستعرض ائتلاف علم الميتاجينوميكس والتصميم المعرفي لنظم المواصلات التحتية والمنظومات الحيوية في المناطق الحضرية (ميتاسب)، وهو ائتلاف يضم 70 مدينة من أنحاء العالم، مشروعه المبتكر «أولمبيوم»، لتحليل مجموعة الميكروبات المتعايشة مع الإنسان، أو أي من الأحياء الأخرى، قبل وأثناء وبعد دورة الألعاب الأولمبية، علماً بأنه لم يكن هناك بنية تحتية متوافرة من قبل لرصد أثر مثل هذه الفعالية الضخمة على الخريطة الجينية للمدينة.
كما سيتم استعراض تجربة بلديات يابانية طورت برنامجاً استخدم أحدث التقنيات لتحديد أصغر أنواع المخلفات، كأعقاب السجائر، ما أسهم في جمع النفايات بفعالية أكبر، وساعد العديد من المدن اليابانية على التمتع ببيئة خالية من المخلفات. ويأتي برنامج «تاكانوم» كحل مبتكر لأحد التحديات التي واجهتها الحكومة اليابانية على مر السنوات، في إطار سعيها المتواصل لجعل شوارع اليابان نظيفة وخالية من النفايات.
وتستعرض وزارة التطوير الإداري في البرتغال تجربتها المبتكرة في وضع ميزانية تشاركية هي الأولى من نوعها على مستوى العالم، بهدف تعزيز الثقة بين الأفراد والحكومة الاتحادية، وللوصول إلى المناطق الفقيرة والنائية.
وسيتم استعراض مشروع صرف الميزانيات قبل وقوع الكوارث الطبيعية، الذي ابتكرته وزارة البيئة في توغو، بالتعاون مع بعض الشركاء الدوليين.
ويشكل التمويل القائم على التنبؤات، الذي صمم العام الماضي، آلية مالية مبتكرة تمكن الأجهزة الحكومية من توفير الأموال اللازمة لاتخاذ إجراءات استباقية قبل حدوث الكوارث الطبيعية.
تستعرض تجربة ابتكارات الحكومات الخلاقة تجربة وزارة البيئة بجمهورية بيرو، في الاستعانة بالنسور لتحديد مواقع مكبات النفايات غير القانونية.
وسيتسنّى للزوار التعرف إلى «وكلاء الحكومة المفتوحة»، وهي مبادرة فريدة من نوعها ابتكرتها حكومة البرازيل، من أجل الاستفادة من خبرات أفراد المجتمع لتعزيز أداء موظفيها. وبفضل هذا الابتكار أصبح بإمكان مواطني ساو باولو، البالغ عددهم 12 مليون نسمة، التقدم بطلب ليصبحوا «وكلاء للحكومة المفتوحة»، وتقديم برامج تدريبية لرفع كفاءة موظفي الحكومة في أربعة مجالات رئيسة، هي التكنولوجيا مفتوحة المصدر، والشفافية والبيانات المفتوحة، والتواصل الاجتماعي، والتخطيط والإدارة.
وسيكون للذكاء الاصطناعي حصة كبيرة في تجربة ابتكارات الحكومات الخلاقة، حيث سيطرح حملة «لا تدفع»، التي ابتكرها طالب في جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة الأميركية، وهي عبارة عن «أول محامٍ روبوت مجاني في العالم».
وجاء الابتكار بعدما سئم الطالب من مخالفات المواقف التي كانت قيمتها أكبر مما تستحق، وبفضل المحامي ــ الروبوت تمكن من الفوز بـ160 ألف قضية من أصل 250 ألفاً.
وتشكل تجربة ابتكارات الحكومات الخلاقة منصة لطرح المفاهيم الجديدة والتقنيات الحديثة التي تستخدم خارج القطاع الحكومي، مثل إنترنت التعاملات الرقمية (البلوك تشين)، والاقتصاد التشاركي والطائرات بدون طيار. وتبرز تجربة الولايات المتحدة الأميركية كنموذج رائد لتبني الحكومات للابتكارات الحديثة التي لاتزال مقتصرة على القطاع الخاص.
وشهدت مدينة بروكلين أول عملية للتبادل التجاري للطاقة بين الأفراد على قاعدة بيانات إنترنت التعاملات الرقمية (البلوك تشين)، عندما تم إطلاق شبكة «بروكلين مايكروغريد» كمبادرة مجتمعية تضم حالياً 40 شخصاً ممن يمتلكون الألواح الشمسية ومئات المستهلكين الذين يرغبون في شراء الطاقة الشمسية منهم.
كما سيتم استعراض تجربة فنلندا، التي خصصت حكومتها مكتباً لاختبار الأفكار المبتكرة ضمن مكتب رئيس الوزراء، التي أطلقتها تحت مسمى «إكسبيرمنتال فنلندا»، وجاءت هذه الخطوة إيماناً من حكومة فنلندا بالدور الذي تؤديه التجارب كوسيلة فعالة لاكتساب أدلة ملموسة حول سبل تطوير سياسات ونماذج التشغيل.
وقد تضمنت التجربة الرئيسة الأولى، التي أطلقتها الحكومة أخيراً، اختيار آلاف المواطنين العاطلين عن العمل بصورة عشوائية، لمنحهم دخلاً أساسياً مضموناً، إضافة إلى إجراء تجربة أخرى تسعى إلى استكشاف أثر الفنون في الرفاه الاجتماعي.
ومع تنامي الخدمات ذات الطابع الشخصي في قطاع الأعمال الخاصة، بات الأفراد يتوقعون من حكوماتهم أكثر من مجرد «خدمة واحدة تناسب الجميع»، ما دفع ببعض الحكومات إلى مراعاة الاحتياجات الفردية، وتصميم خدمات ذات طابع شخصي، باستخدام تقنيات حديثة تتيح فرصاً جديدة للابتكار.
وتقدم بلدية وارسو تجربتها المبتكرة في تلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، حيث أطلقت المدينة تطبيق «مدينة وارسو الافتراضية»، الذي يحولها إلى مدينة ذكية افتراضية، تستند إلى تكنولوجيا إنترنت الأشياء لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية.
وقامت بلدية وارسو بمد شبكات في جميع الطرق، تضم مئات الآلاف من أجهزة الاستشعار المجهزة بتقنية البلوتوث، لمساعدة السكان من ذوي الإعاقة البصرية على الاعتماد على أنفسهم في التجول في أنحاء المدينة، باستخدام هواتفهم الذكية فقط، ومن دون الحاجة إلى طلب المساعدة من أي أحد. والمتوقع أن يتوسع نطاق تنفيذ هذه المبادرة ليشمل 24 بلدية إقليمية أخرى بحلول عام 2021.
أما دار «لانترن» لرعاية المسنين في الولايات المتحدة الأميركية، فصمم ليكون نسخة عن البيئة المنزلية التي يألفها الإنسان، ويبني فيها ذكرياته، بناء على نتائج إحصاءات العام 2016، التي كشفت أن مرضى الزهايمر يشعرون بارتباط شديد بذكرياتهم القديمة وبالبيئة التي نشأوا فيها، لذلك قد لا يشعرون بالراحة عند نقلهم إلى دور رعاية مختلفة في تصميمها عن منازلهم التي اعتادوها، إضافة إلى وجود أشخاص مجهولين بالنسبة إليهم.
المصدر: الإمارات اليوم