إن القدرة المؤسسية على التعافي من النكسات، والتكيف بشكل جيد مع التغيير ومواجهة التحديات الشدائد، تعريف مختصر للمرونة المؤسسية.
كما أن المكونات السبعة المتكاملة والمترابطة لتشكيل المرونة للأفراد هي: الكفاءة والثقة والاتصال والشخصية والمساهمة والتكيف والتحكم. وهي سمات يجب أن يتحلى بها أفراد المؤسسات المرنة القادرة على مواجهة الأزمات بكفاءة وفاعلية.
إن «شهر الابتكار» لهذا العام يأتي في عام «الاستدامة»، وعلى بُعد أشهر معدودة من استضافتنا لقمة (COP28)، ومع ما تعانيه الكرة الأرضية من تحديات تغيّر مناخي واحتباس حراري، وجفاف ونقص في المياه والغذاء، وحروب وصراعات ممتدة، وأزمات اقتصادية وتضخم، يدفعنا إلى التطلع لنهج غير تقليدي في مواجهة هذه التحديات، التي بدأت تجعل الكل ينظر إلى العولمة بأنها التحدي بحد ذاته. فهذه دولة تمنع بيع شرائح لشركة عالمية بدولة أخرى بحجة أنها ستسهم في تطوّر عسكري، بينما فعلياً ستحرم العالم من تطبيقات وأجهزة تقنية مبتكرة تعزّز جودة الحياة. ولعل وطن التسامح كان الاستثناء الوحيد، حيث امتدت يد العطاء من نقل لأفراد من بؤر العدوى، إلى توزيع كريم للأدوية واللقاحات وحتى الغذاء للمحتاجين، ذكّر العالم بمكارم الأخلاق وإسهامات العرب المسلمين الإنسانية.
نحن وطن لم يعد يستشرف المستقبل، بل يتجهز له وتقاس جاهزية مؤسساته. فحتى جوائز التميّز تطوّرت لتنتقل من أدوات تحفيز إلى أدوات حوكمة وقياس، تضمّنت معايير وفئات خاصة بالجاهزية والنضج والمرونة المؤسسية.
هل سنرى نضجاً أكبر وممارسة إماراتية متميّزة في تطبيق مفاهيم مبادرة الجيل الجديد (الرابع) من المباني الحكومية، (وهو ما أعلنت وزارة الطاقة والبنية التحتية عن إطلاقه في نوفمبر عام 2021)، لتصبح معياراً ومواصفة إماراتية تشمل كل المباني لتحتوي على منصّات ذكية تفاعلية مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وممكنات الثورة الصناعية الرابعة؟
إن إنشاء قاعدة بيانات لرصد استهلاك الطاقة والمياه في المباني الحكومية، لن يساعد على معرفة استهلاك الطاقة والمياه في المباني وتحديد المباني الأكثر استهلاكاً فحسب، بل سيسهم في وضع برامج ومشروعات للترشيد وخفض استهلاك الطاقة والمياه وخفض البصمة الكربونية، وتقليل التكاليف التشغيلية في المباني الحكومية، والإسهام في تحقيق مستهدفات استراتيجية الإمارات للطاقة 2050. هل سنرى تعميماً لهذا النموذج من إدارة البيانات ليتطوّر إلى منظومة وطنية مبتكرة تشجع الجميع على اتباع نمط حياة مستدام، وإحداث أثر إيجابي للحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية؟
هل سنرى مبادرات عملية تبني وعي أفراد المجتمع في مجال ترشيد استهلاك الطاقة والماء ليصبح نمط سلوك يومي؟
لقد تم الإعلان عن البرنامج الوطني لإدارة الطلب على الطاقة والمياه في يوليو 2021، وما تم في إمارة أبوظبي من بدء توجيه استخدام المياه المعالجة في القطاع الزراعي خطوة إيجابية مهمة تسير في الاتجاه نفسه، وتتطلب توفير ممكنات تقنية وتمويلية وتجهيزات، تشمل فلترة إضافية، بالشراكة مع شركة «مصدر»، حيث نتطلع لإسهامات عملاق الطاقة المتجدّدة في دعم التحوّل الوطني للطاقة، ودعم القطاع الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي.
إن الإعلان عن مشروع يهدف إلى خفض استهلاك الطاقة والمياه في 422 مبنى اتحادي، خطوة مهمة يجب أن تتبعها خطوات، ونتساءل: «هل سنشهد مبادرات وشراكات مبتكرة تحقق هذه الغايات خلال (شهر الابتكار) لتنعكس على عام الاستدامة؟».. نأمل ذلك.
المصدر: البيان