كاتب وإعلامي سعودي
لست أنقل من تقرير غربي مدسوس من المعارضة الإيرانية، ولا من إعلام عربي يمكن اعتباره من إيران بالمعادي، بل إن هذه المعلومات الصادمة هي من لسان مسؤول إيراني رسمي، وهو مساعد وزير الصحة الإيراني الذي صرح على هامش مؤتمر تنظيم الإيرانيين، والذي عقد في الداخل الإيراني الأسبوع الماضي. وقال علي أكبر سياري إن 30 في المئة من أبناء الشعب الإيراني جياع ولا يجدون قوت يومهم ، وإن 35 في المئة من الإيرانيين الذين يسكنون المدن يعانون التهميش ويسكنون في مدن من الصفيح، وإن 10 ملايين إيراني يعيشون تحت خط الفقر. وقال المسؤول الإيراني إن انتشار الفقر والجوع هو بسبب غياب العدالة الاجتماعية وتجاهل النظام الإيراني لهذا الأمر.
الكثير من أبناء الشعب الإيراني وكلنا يتذكر خرجوا في احتفالات عارمة عشية توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع القوى الدولية تعبيراً لما يمر به الشعب الإيراني من معاناة اقتصادية صعبة، ولكن يبدو أنه مع رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران لم يؤثر في حال الإيرانيين، والمسؤول الإيراني ذكر سبب المعاناة الاقتصادية هناك أنها بسبب غياب العدالة وإهمال الحكومة الإيرانية لهذه الطبقات الفقيرة.
فهل يعقل أن دولة مثل إيران تملك 10 في المئة من احتياطات النفط في العالم، وثاني أكبر احتياط للغاز الطبيعي يوجد بها هذه الملايين من الجياع والمهمشين، فترى أين الخلل غير ما ذكره مساعد وزير الصحة الإيراني؟
باعتقادي أن المشكلة التي يعاني منها النظام الإيراني في هذه القضية هي هدر أمواله خارج حدوده، وهي تقدر بالبليونات، في محاولة لخلق هيمنة على دول الإقليم، خصوصاً في المحيط العربي الذي يعيش حالاً من الفراغ السياسي والأمني، فأذرع إيران من ميليشيات حزبية وأجهزة إعلامية ناشطة وتعمل لتحقيق مصالح النظام الإيراني وليس مصالح الشعب الإيراني، ويبدو أن النظام استطاع حتى الآن تصدير أزماته الداخلية للخارج، وللأسف الشعب الإيراني هو من يدفع الثمن.
مصالح الشعوب ورفاهيتها هي أولوية كل الحكومات الوطنية في العالم، فلا يمكن أن تسيطر وتهيمن وشعبك جائع ومهمش مهما جمّلها الإعلام، فالضمان الوحيد لاستقرار أية دولة هو تصالحها مع شعبها. وكلنا يتذكر تجربة الاتحاد السوفياتي وصرفه على ثورات وأحزاب شيوعية خارج محيطه، وكان شعبه يدفع الثمن، فالعامل الاقتصادي مهم في القوة والنفوذ في الخارج، وكلنا نعرف أن القوى الغربية هيمنت برخاء شعوبها والدفاع عن مصالح شركاتها في أية بقعة من العالم.
المحزن أن إيران لا تستخدم القوة الناعمة في الخارج لتحقيق مصالحها، وهذا حق مشروع، بل إنها بأموال الشعب الإيراني أصبحت دولة تصدّر الإرهاب وترعاه في كل دول العالم، خصوصاً في العالم العربي، والمؤسف أن بعضاً من الشعوب العربية والإسلامية انطلت عليهم هذه الكذبة الكبيرة، فلا هي دافعت عن فلسطين كما تدّعي، بل خلقت منظمات إرهابية تعمل على شق الصف الفلسطيني، وتلك المنظمات أو من يقومون بحلب البقرة الإيرانية لأغراض شخصية، والمسكين الشعب الإيراني الذي يعيش تحت خط الفقر.
المصدر: الحياة