كشف لـ ”الاقتصادية” مسؤول في مؤسسة النقد العربي السعودي ”ساما” عن زيادة في أعداد حالات الاشتباه بغسل الأموال في المصارف السعودية.
وأشار المصدر إلى أن موظفي المصارف عادة لا يملكون صلاحيات معرفة تاريخ حسابات العملاء, بينما مؤسسة النقد لديها الصلاحيات كافة لمعرفة تاريخ الشخص المصرفي, وحساباته في المصارف المحلية والعالمية, وتستطيع المؤسسة تتبع عمليات الإيداع المشتبه فيها على مستوى العالم.
واعتبر المصدر أن تجارة المخدرات هي المصدر الأول لجرائم غسل الأموال في السعودية بنسبة 80 في المائة, مشيرا إلى أنه تم الاشتباه بنحو 33 ألف حالة يرفع بها موظفو مصرف واحد فقط في السعودية شهرياً، ثم يتم فلترتها عن طريق وحدة عمليات غسل الأموال في مؤسسة النقد, ليتم التحقق منها لتصل إلى 1500 حالة فقط ترفع لوحدة التحريات المالية في وزارة الداخلية للتحقق, فيما لا تثبت الداخلية حالة الاشتباه إلا على 3 في المائة من إجمالي 1500 حالة.
ولفت إلى أن عدد الحالات التي تحال للقضاء ويتم وإيقاع العقوبة فيها لا تتجاوز 350 حالة في السنة.
وأضاف المصدر: ”تصل العقوبات بإيقاع غرامات تصل إلى 70 مليون ريال وسجن يراوح بين خمس و15 سنة, إضافة إلى مصادرة المال. وذلك بعد الرفع بحالة الاشتباه والتحقق من أن حركة الأموال غير طبيعية, وأن الشخص لا يملك تجارة تدر أموالا طائلة.”
وقد نصت قوانين المملكة لمكافحة غسل الأموال على 19 مادة للتجريم, إذ تتكون جريمة غسل الأموال من جريمتين: الجريمة الأصلية التي عبرها جاء المال، إضافة لجريمة غسل الأموال.
وبين المصدر أن عملية التجريم ومحاسبة المُغسل تتم عن طريق مؤسسة النقد ووزارة الداخلية وهيئة التحقيق والادعاء العام, إذ تقوم المؤسسة بتقديم أدلة الاتهام, وتقوم الداخلية بالتحقيق في الجرم, ورفع قضية ضده لدى هيئة التحقيق والادعاء العام, وغالباً ما يصعب إثبات الجريمة الأولى، إلا أنه يسهل إثبات الجريمة الثانية وهي غسل الأموال.
وأضاف: تحال مهمة ”عبء إثبات التهمة” لـ ”المدعى عليه” بدلاً من ”المدعي”, وإذا فشل المتهم في نفي التهم الموجهة ضده, ”نص القانون على إيقاع الجرم”, وإذا أثبت أنه بريء تسحب التهمة ويبرَّأ.
يذكر أن السعودية عضو في منظمة ”فاتف” التي تهدف إلى محاربة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب, وتقوم المنظمة بزيارات ربع سنوية للتأكد من التزام السعودية بمحاربة المال القذر وتجريمه, إذ إن أغلبية تلك الأموال تذهب لتمويل الإرهاب, وتنص المنظمة على 49 مادة أساسية لتجريم تلك الجرائم وتعتبر أي دولة غير منضمة لها مساندة للإرهاب وجرائم غسل الأموال وتخضع لمقاطعة المنظمة والدول الأعضاء فيها.
إلى ذلك, قال الدكتور خالد البسام الأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز, إن عمليات غسل الأموال والتستر, والفساد المالي والإداري, وتجارة الممنوعات مثل المخدرات وخلافه تدخل ضمن إشكال الاقتصاد الخفي أو ما يعرف بالاقتصاد الأسود, مقدراً حجم هذه المجالات الأربعة بنحو 80 في المائة من حجم الاقتصاد الخفي في المملكة المقدر بنحو 249.992 مليار ريال سعودي خلال عام 2011، وتشكل نسبة الاقتصاد الخفي المقدر نحو 30.1 في المائة من حجم الاقتصاد الحقيقي ”الاقتصاد السعودي غير النفطي” والبالغ 832.427 مليار خلال العام نفسه.
وكشف البسام أن من أكثر أشكال غسل الأموال ”تحويل أموال غير شرعية لأموال شرعية عن طريق دخولها الجهاز المصرفي”, هي الأنشطة العقارية, وقطاع البناء والتشييد, تليها الأنشطة الخدمية, وقطاع الجملة والتجزئة, إذ ضبطت الجهات المختصة في المملكة 1633 عملية غسل أموال منذ 2007, أي بمعدل 326 حالة سنوياً خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وأشار إلى أن عمليات غسل الأموال أسهمت في نمو عرض النقود في أموال المصارف السعودية بنسبة 18 في المائة سنوياً, وهذه تعد معدلات عالية ومتسارعة تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم, وهذه أحد آثار السلبية لتبييض الأموال, كما أن مضاعفة أسعار العقارات تشير إلى وجود عمليات غسل أموال بشكل قاطع.
وبين البسام من خلال بحثه العلمي تحت عنوان ”تقدير الاقتصاد الخفي في المملكة” أن زيادة نمو الاقتصاد الخفي في السعودية في الآونة الأخيرة أدت إلى زيادة مخاطر عدم الاستقرار الأمني والاجتماعي والاقتصادي للبلاد, إضافة إلى تعثر سياسات سعودة الوظائف وتفاقم من مشكلة البطالة، وإعاقة النمو الاقتصادي، وزيادة البطالة, وهروب الأموال غير المشروعة.
المصدر: رنا حكيم من جدة – الاقتصادية