شرطة دبي تجمع أخاً وأختاً بأمّهما بعد فراق ‬33 عاماً

منوعات

ربما يبدو الأمر ضرباً من الخيال عندما يلتقي ابن وشقيقته بأمهما بعد فراق دام 32 عاماً، فالقصة مستساغة عندما تشاهدها في تفاصيل فيلم هندي معلقاً عليها بسخرية، لكن أن تتحول إلى حقيقة وأن يتم العثور على أم فقدت ابنيها خلال هذه الفترة فهو ما حدث بالفعل، بعدما نجحت شرطة دبي في لم شمل أسرة ذاقت من مرارة الفراق والحرمان الكثير، لتتوج بذلك دور المؤسسة الشرطية الإنساني والمجتمعي منقطع النظير. لم تكن الابنة والكبرى تدرك أنها سترى أمها مرة أخرى بعد فراقهما.

خاصة وأنها لم تعرف أي معلومات تدل عليها، فتفاصيل الواقعة وفقاً للعقيد عبدالله مطر بخيت الفلاسي مدير مركز شرطة القصيص، بدأت يوم السابع عشر من شهر يونيو الحالي، حيث توجه أخ وشقيقته إلى مركز شرطة القصيص طالبين البحث عن أمهما التي لم يعرفا عنها أي شيء منذ 32 عاماً، وأحضرا معهما صوة قديمة غير واضحة لجواز الأم متأملين أن تساعدهم شرطة دبي على العثور عليها.

مهمة مستحيلة

وقال الفلاسي: إن الأمر كان أشبه بالبحث عن إبرة في كوم قش، خاصة وأن الأم آسيوية الأصل خليجية الجنسية بناء على كلام الأبناء، وتم تسلم الأوراق من الأخوين على وعد بالمساعدة، وأقر الأخوان أنهما فارقا الأم منذ أن كان عمر الابنة الكبرى 3 أعوام وعمر الابن عاماً واحداً.

وأشارت ريم محمد الأميري مسؤولة قسم التواصل عن الضحية بمركز شرطة القصيص، والتي تمكنت من لم شمل الأسرة بعد مجهود دام 3 أيام متواصلة، أن الابنة قصت لها حكايتها الغريبة، والتي تعود إلى عام 1981، وكان عمرها 3 سنوات عندما انفصل والدها عن أمها أثناء وجودهما في الإمارات، وأن الأب يحمل الجنسية الخليجية فيما الأم خليجية من أصل آسيوي، وقام الأب وقتها بأخذها وإخوتها ابنة عمرها عامان وطفل عمره عام، وعلمت من أحد الأقارب أن أباها قام بمنح أخيها لعائلة لتربيته فيما أخذها معه إلى وطنه الأصلي وعاشت هناك منذ ذلك الوقت، ولا تعرف شيئاً عن أختهما الوسطى.

وأضافت الأميري أن الابنة أخبرتها أنها طوال السنوات الماضية كانت دائمة السؤال عن أمها، إلا أن الأب كان ينهرها ويتهرب منها، ومنذ عامين تقريباً مرض الأب وكان على فارش الموت وحاولت الابنة سؤاله عن أمها، إلا أنه رفض الحديث وتوفى، وفي جنازة الأب اقتربت إحدى السيدات من الابنة وأخبرتها بأنها تعرف معلومات عن أخيها وأن الأم ربما تكون معه، وأعطتها هاتف العائلة التي ربت أخاها، وبالفعل حضرت الابنة إلى الدولة وتقابلت مع شقيقها وسط دموع كثيفة، وكانت معها بعض الأوراق البسيطة التي عثرت عليها في حاجات الأب.

وأوضحت الأميري أن الابنة وأخاها الذي يقطن في منطقة القصيص، حضرا إلى المركز منذ نحو 4 أيام وطلبا المساعدة في العثور على الأم، وبالفعل تم تكثيف البحث والتحري بناء على المعلومات المتوافرة وخلال 3 أيام فقط، تبين أن الأم مازالت على قيد الحياة وتقطن في إمارة مجاورة.

وقامت الأميري بالاتصال بها دون أن تخبرها عن ماهية الأمر، وطلبت منها الحضور في مركز شرطة القصيص، وبالفعل حضرت الأم وبالحديث الودي معها تأكدت الأميري أنها الأم الحقيقية للأبناء، وأنها تزوجت بعد طلاقها من زوجها الأول وأنجبت 9 أبناء وحضرت بصحبة زوجها، واستأذنت منهما وقامت بالاتصال بالابنين لإحضارهما إلى المركز دون أن تخبرهما بوجود الأم.

مشهد إنساني

وفي مشهد إنساني عميق التقيا في غرفة واحدة دون أن يتعرفا إلى الأم وبدأت المهمة الصعبة لريم الأميري، حيث قامت بتعريف الطرفين ببعضهما، وما إن حدث ذلك حتى تعالت أصوات الفرحة ودموع اللقاء بعد الفراق، وبكت الأم واحتضنت أبنيها وبكى زوج الأم الذي لم يصدق ما يحدث، وتعانق الأبناء طويلاً مع أمهما وسط تعجب ومشاركة في البكاء من الموظفين الموجودين في مركز شرطة القصيص الذين تأثروا كثيراً بما يحدث. وأكدت ريم الأميري أن جمعها للأسرة تعتبره إنجازاً كبيراً يفوق أي إنجاز إداري أو شرطي تقوم به، وأن معايشتها لهذه القصة المؤثرة خلق داخلها فخراً كبيراً بعملها الإنساني الشرطي.

 جهاز مجتمعي

لم تكن الواقعة الأولى التي تقوم فيها شرطة دبي بلم شمل الأسر، ففي شهر مارس الماضي تمكنت الإدارة العامة لحقوق الإنسان من جمع أم بابنها بعد فراق 18 عاماً، حيث أخذ الزوج الابن من أمه وهرب به إلى بلده الأصلي، وظلت الأم تبحث عنه لسنوات دون جدوى، حتى عرفت أنه يدرس في إحدى الجامعات في دبي، فلجأت إلى شرطة دبي وأعادت ابنها.

والواقعتان تؤكدان أن شرطة دبي ليست جهازاً أمنياً بقدر ما هي جهاز مجتمعي يسعى إلى فعل المستحيل لخدمة الناس.

 المصدر: البيان