قادت العقوبات الصارمة التي تفرضها وزارة العمل السعودية على الشركات غير الملتزمة بسداد رسوم العمالة الوافدة، إلى التزام نحو 60 في المائة من الشركات الكبرى والمتوسطة، بسداد الرسوم المفروضة على العمالة الوافدة، التي لم تحقق شركاتها نسب توطين كبيره لوظائفها، في حين أفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس، بأن الشركات الصغيرة تبدو أكثر التزاما من الشركات الكبيرة والمتوسطة، نظرا لانخفاض عدد عمالتها.
وتأتي هذه المستجدات، عقب قرار وزارة العمل القاضي بفرض رسوم جديدة على العمالة الوافدة، إذ بلغت الرسوم الإضافية ما قيمته 2400 ريال سنويا (640 دولارا) تضاف إلى المبلغ السابق الذي يتحصل عليه مكتب العمل في البلاد والبالغ 100 ريال (26.6 دولار)، ليكون بذلك مجموع الرسوم التي يتم دفعها مقابل العمالة الوافدة في السعودية نحو 2500 ريال سنويا (666.6 دولار).
وأشارت المصادر ذاتها أمس، إلى أن الدعوى القضائية التي يعمل بعض رجال الأعمال السعوديين عليها خلال هذه الفترة، للاعتراض على قرار رسوم العمالة الوافدة، من الممكن أن يتأخر حسمها والحكم فيها، موضحة أن التأخر المتوقع في صدور الحكم القضائي، بالإضافة إلى توقف خدمات مكتب العمل أمام الشركات غير الملتزمة بسداد رسوم العمالة الوافدة، كان من الأسباب الرئيسية التي قادت نحو 60 في المائة من الشركات السعودية الكبرى والمتوسطة إلى الرضوخ والالتزام بالقرار.
وقالت المصادر ذاتها: «الشركات التي يطبق عليها دفع رسوم العمالة الوافدة، لا تقوم بسداد رسوم جميع عامليها، هي تقوم بسداد رسوم العمالة التي تحتاج إلى تجديد إقامة، أو إتمام عمليات الخروج والعودة، لأن هذه الشركات ما زال لديها الأمل في أن يتم إعفاؤها من سداد هذه الرسوم عقب صدور الحكم القضائي، رغم أن القرار ساري التنفيذ خلال الفترة الحالية».
وفي ظل هذه التطورات الجديدة، قفزت نسبة الشركات الكبرى والملتزمة بسداد رسوم العمالة الوافدة بما يقارب 30 في المائة، عما كانت عليه قبل نحو شهرين من الآن، وهو الأمر الذي يعني أن هذا الالتزام سيكون مكتمل العدد خلال 12 شهرا من الآن، يأتي ذلك بسبب حاجة الشركات وقطاع الأعمال بشكل عام، إلى خدمات مكتب العمل في السوق السعودية.
يشار إلى أن الوقت يعتبر أمرا مرهقا بالنسبة لشركات ومؤسسات القطاع الخاص الممتنعين عن دفع رسوم العمالة الوافدة، حيث لن تستطيع هذه الشركات إكمال إجراءات عمالتهم لدى مكتب العمل في السعودية، أو الدوائر الحكومية الأخرى ذات العلاقة، دون أن يقوموا بسداد الرسوم الجديدة المفروضة على هذه العمالة.
وكان بعض رجال الأعمال في قطاع الإنشاءات والمقاولات، قد بدأ بالبحث وبشكل مكثف عن توظيف سعوديين بشكل وهمي، بحثا عن زيادة نسب التوطين. ويأتي ذلك بهدف الهروب من النطاق الأحمر من جهة، والتقليل من نسب المصروفات التي يتم دفعها على العمالة الوافدة من جهة أخرى.
وأمام هذه التطورات قال مصدر مسؤول لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق: «لن يكون أمام شركات ومؤسسات القطاع الخاص في السعودية، أي خيار سوى الالتزام بقرار وزارة العمل المتمثل في دفع الرسوم الجديدة على العمالة الوافدة، خصوصا أن الوزارة ما زالت متمسكة بقرارها وبشكل قوي».
وكانت مصادر مطلعة قد قدرت حجم المبالغ المالية التي سيقوم قطاع الأعمال السعودي بدفعها إلى وزارة العمل في البلاد، مقابل الرسوم الجديدة على العمالة الوافدة، خلال العام الهجري الحالي بنحو 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار)، ويأتي ذلك في الوقت الذي شرع فيه مجلس الغرف السعودي في إعداد تقرير مفصل، عن آثار قرار زيادة الرسوم على العمالة الوافدة.
وبحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» قبل 3 أشهر، فإن عدد العمالة الحالي التي ستفرض عليها الرسوم الجديدة البالغة 2400 ريال للعامل الواحد (640 دولارا) يصل إلى 4 ملايين عامل، حيث يستثنى من القرار كل من العمالة المنزلية، والشركات التي تبلغ لديها نسب التوطين أكثر من 50 في المائة، وهو الأمر الذي لا ينطبق على كثير من الشركات.
وأمام هذه الأرقام، سيكون قطاع المقاولات السعودي من أكثر القطاعات التي ستتحمل الرقم الأكبر من حجم فاتورة الرسوم المالية الجديدة على العمالة الوافدة، حيث من المتوقع أن يدفع هذا القطاع أكثر من 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار) مقابل رسوم العمالة الوافدة خلال العام الحالي، إلا أن تحركات قطاع الأعمال السعودي ضد القرار قد تنجح في ثنيه عن الاستمرار، وإخضاعه للدراسة مجددا.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط