فاطمة الشويهي
فاطمة الشويهي
إعلامية إماراتية

85 مليون وظيفة!

آراء

“سوف تصدمنا الأرقام، فنسبة البطالة في المنطقة تبلغ حوالي 14% بالمائة، ومنطقتنا تحتاج في هذه اللحظة إلى 15 مليون فرصة عمل، وعالمنا العربي يحتاج خلال السنوات العشرين المقبلة مابين 74 و85 مليون فرصة عمل”

مقتطف من كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي في المنتدى الاقتصادي العالمي في البحر الميت عند إطلاقه لمبادرة التنمية الإنسانية القائمة على الاقتصاد المعرفي وليس ذلك القائم على المال والأعمال.

أرقام مهولة وإحصائيات تنذر بالخطر! في خضم ذلك، ماذا فعلنا لإعداد رأس المال البشري المواطن، كيف سننتقل بشبابنا العربي إلى المجتمعات القائمة على اقتصاد المعرفة إن لم يتم القضاء على البطالة ؟

فالبطالة في الوطن العربي قنبلة موقوتة في وجه التحضر، وجدارا عازلا يقف عائقا في طريق التقدم. فهل من جهود حقيقية على أرض الواقع للتصدي لهذا الطوفان الهائج الذي يصحى على صوت الفقر والعجز ويمسي على صوت صياح الاطفال الجوعى وعلى أنين أمهات أنهكهن المرض.

فالجهل كالقمامة الحالكة التي تعم عقل صاحبها وتجره إلى ليل سرمدي حتى يقع في جب مظلم لا مخرج منه إلا بالمعرفة، فهي بمثابة الشمس التي تمد خيط نورها للباحث عن العلم لتنتشلة من دجى الليل إلى مجتمعات اقتصاد المعرفة.

ماذا بعد، هل تعلم بأن نسبة البطالة في الجزائر تبلغ 45% وهي الاعلى في العالم العربي، وتبلغ في ليبيا 28%، وفي المملكة العربية السعودية حوالي 26%، وفي جمهورية مصر العربية 25%، وتبلغ في سوريا حوالي 20%، وذلك وفق تقرير المعرفة العربي.

نحن دائما متفائلون ولا ننظر للأمور من منظار أسود ولكن من وجهة نظري، يتوجب علينا دراسة ما يدور حولنا ومناقشة الأمور الإيجابية والسلبية لكي نصل في نهاية المطاف لما هو في مصلحة الوطن والمواطن على حد سواء.

فعند مقارنة نسبة البطالة بمعدل الاقتصاد المعرفي في الدول، سنلاحظ بأن الدول التي تتميز بنسب بطالة عالية، تقع في مواقع متأخرة ضمن مؤشر اقتصاد المعرفة للدول العربية، والمقسم إلى 4 مجموعات، فعلى سبيل المثال، نلاحظ بأن دول مجلس التعاون تقع في المجموعة الثانية، بينما تقع 7 من الدول العربية في المجموعة الثالثة ومنها، تونس ومصر والمغرب والجزائر وليبيا وسوريا والعراق. وهنا استحضر قول الراحل مؤسس دولة الإمارات رحمه الله حين قال: ” الثروة الحقيقية هي ثروة الرجال وليس المال والنفط ، ولا فائدة في المال إذا لم يسخر لخدمة الشعب “، وكذلك قوله: ” إن المواطن هو الثروة الحقيقية على هذه الأرض، وهو أغلى إمكانيات هذا البلد، ولا تنمية للقدرة المادية بدون أن تكون هناك ثروة بشرية وكوادر وطنية مؤهلة وقادرة على بناء الوطن.” وهكذا أصبحت الإمارات من الأمثلة المبهرة في تنمية الموارد البشرية وخير دليل على تقدم الإمارات في مجال تنمية رأس المال البشري الإماراتي، النتائج الإيجابية التي حصلت عليها دولتنا الفتية في مؤشر التنافسية العالمية 2013، الذي يصدره سنوياً المعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا. حيث أستذكر ما صرح به قائد دولتنا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفضه الله، حيث قال ” إننا وفي مثل هذا اليوم نذكر بالخير، ونتذكر بالعرفان الوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وإخوانه الآباء المؤسسين، ونشعر جميعاً بأن ما غرس آباؤنا، ورعاه بالعناية الأبناء والأحفاد أثمر إنجازات مشهودة، فدولتنا الأولى عالمياً في الكفاءة الحكومية، والأولى عالمياً في الترابط المجتمعي، والأولى عالمياً في القيم والسلوكيات، والخامسة عالمياً في التوظيف، والسادسة في ممارسات الأعمال، إلى جانب تقدمها في 19 مؤشراً مختلفاً، لتُصنّف ضمن الـ10 الأوائل عالمياً في التنافسية العالمية”.

هكذا هي دولة الاتحاد، لا تألو جهدا في سبيل الأخذ بيد مواطنيها نحو مجتمعات اقتصاد المعرفة، فترى معارض التوظيف تعم كافات إمارات الدولة، وتخصص عددا من الشواغر لمرتادي المعرض. ومن التجارب التي أود أن أتطرق إليها، هي تجربة القيادة العامة لشرطة دبي، ففي كل عام تقوم شرطة دبي بتخصيص مقر للمقابلات الوظيفية في أرض المعرض، وتوظف الاكفاء في حينها، وذلك لتفعيل دور معارض التوظيف، لتحقيق الأهداف المرجوة من المشاركة في مثل هذه المعارض.

وكذلك من أهم المبادرات التي يشار إليها بالبنان، مبادرة “أبشر” وهي إحدى المبادرات الرامية إلى توفير كل ما من شأنه تأمين الاستقرار والرفاهية للمواطنين، بما يحقق لهم الاستقرار الاسري والاجتماعي، وفق رؤية متكاملة وواضحة تدعم مبادىء رؤية الإمارات 2021، نظرا لتوفيرها فرص عمل للمواطنين، وكذلك التدريب والتطوير، والإرشاد والتوجيه المهني، وتشجيع المواطنين على الالتحاق بالعمل في القطاع الخاص، مما سيتيح الفرصة لتنوع مجالات العمل أما المواطنين وعدم تكدسهم في القطاع الحكومي. والجدير بالذكر، إنها تتوافق ورؤية مجلس أبوظبي للتوطين الرامي إلى المساهمة في تأهيل العنصر البشري والكفاءات التنافسية مما يساعد وبشكل فاعل على بناء اقتصاد وطني مبني على المعرفة. كما ويساهم في تعزيز فرص التوطين في القطاعات الاقتصادية القائمة على المعرفة.

واختم مقالي بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عند إطلاق مبادرة “أبشر” حيث قال: “سيدي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان قال أولا المواطن، وثانيا المواطن، وثالثا المواطن.”