كاتب وأكاديمي سعودي
بدايةً دعونا نتفق على أن ناصر القصبي هو الأيقونة الأبرز في المسلسل الرمضاني الكوميدي “سيلفي” من دون أن نهضم حق الآخرين المشاركين في العمل على مستوى الكتابة الدرامية والأداء التمثيلي والتكلفة الإنتاجية. في 2011 حل القصبي وتوأمه الفني “السابق” عبدالله السدحان ضيفين على طاولة داوود الشريان في برنامجه واجه الصحافة بحضور الكاتب الجميل سعد الدوسري. يومها كان القصبي يشتكي من عدم ملائمة المناخ الدرامي وإحجام بعض المؤسسات الحكومية عن التعاون معه إضافة إلى بعض المشكلات الأخرى التي يواجههامسلسل”طاش ما طاش ” خصوصاً وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.
توقف “طاش” وانفصل التوأم . وغاب القصبي سوى عن ظهور لم يكن بالشكل المأمول عبر مسلسل أبو الملايين ربمالأن الخط الدرامي للمسلسل المذكور كان قد حصر ظهور القصبي في شخصية واحدة في الوقت الذي اعتاد جمهور القصبي منه تعدد تقمصهللأدوار والشخصيات من حلقة إلى أخرى في طاش. تلك الصعوبة في الخروج من عباءة طاش والتحول إلى أعمال جديدة ترضي ذائقة المشاهد كان القصبي قد تنبأ بها في الحلقة ذاتها مع داوود الشريان.
كان سقف طاش عبر مواسمه الثمانية عشر متذبذباً . لكن أقصى مداه لم يكن ليتجاوز قضايا البيروقراطية في بعض الدوائر الحكومية أو الاختلاط وقضايا المرأة والعمالة الوافدة والليبرالية والصحوة وغيرها من القضايا التي كانت تلامس نبض الشارع على استحياء لكنها لا تلج إلى عمق التفاصيل.
في سيلفي الوضع مختلف!
ففي الوقت الذي لم يتجاوز عمر المسلسل عشر حلقات، نجده بنبش بجرأة في ملفاتٍ حساسة لم يكن طاش ولا غيره من الأعمال المحلية ليجرؤ عليها. ترى ما الذي تغير؟ هل ارتفع سقف الحرية لأسباب عديدة ـ-لا تخفى على القارئ الكريم ولا يتسع المجال لذكرها هنا–ـ هي منجعلت من الدراما السعودية تباشر ممارسة دورها الحقيقي لتسبق ببضع خطوات بقية الفنون البصرية الأخرى؟ وهو ما أتاح للقصبي ورفاقه حضوراً درامياً مختلفاً ؟ أم أن القصبي نفسه قد شعر بأن واجبه الإنساني والوطني قياساً بعمره وتاريخه الفني يُحتم عليه أن يكون هو من يمتلك زمام المبادرة معلقاً الجرس في محاولة جريئة يرفع من خلالها سقف الحرية مفسحاً المجال لغيره كي يلحق به ؟ شخصياً سأكون متفائلاً جداً حين أتمنى أن يكون التفسير الأول صحيحاً، كونه يعني بالضرورة بأننا لسنا أمام جرأة شخصية وحسب! بل بأننا نقف على أعتاب مرحلة جديدة يكون فيها الفن رسالة سامية إيجابية وعلى قدرٍ كبيرٍ من المسؤلية كما يفترض فيه دائماً أن يكون.
خاص لـ “الهتلان بوست”