كاتب إماراتي
يبدو الجميع متململين وهم ينتظرون ذلك المسؤول السمج الذي اعتادوا أن يفرض عليهم الوصول إلى قاعة الاجتماعات قبله لكي يدخل عليهم مثل النجم وهو يرطن ببضعة مصطلحات إنجليزية، ثم يبدأ تشغيل البروجكتر ويريهم «شرائح» عدة تمتلئ برسومات بيانية عن استراتيجية العمل والأهداف التي يجب تحقيقها في المرحلة التالية.. يتطرق إلى معلومة في رسمة بيانية معينة يبدأ البحث عنها في ملف الصور.. البروجكتر لايزال يعمل.. يقوم المحاضر بتقليب الصور.. وفجأة تمتلئ القاعة بالشهقات والضحكات المكتومة الشامتة.. يتلعثم المحاضر.. يبدأ جبينه بالتعرق.. يعتذر كسيراً وهو يقول: أرسلها لي أحد الزملاء ونسيت حذفها.. يحاول بلا جدوى أن يطفئ البروجكتر.. الذي «يجيم» كما هي العادة في هذه المواقف.. ينطفئ أخيراً بعد أن انطفأت ثقته بنفسه.. وسمعته.. إلى الأبد.
في قصة أخرى يقوم أحد محال الهواتف المتحركة الذي يعمل فيه مجموعة من الشباب ولمجرد التسلية بعمل قائمة من الفحوص التي يجب عليهم إجراؤها حين دخول هاتف متحرك للتصليح وبجوار كل منهم مربع صغير: تنظيف الشاشة.. فحص البطارية.. فحص حالة الجهاز الخارجية.. الفحص الأخلاقي.. وهو فحص اقترحه أحدهم لمعرفة مدى أخلاق صاحب الهاتف المتحرك.. فتكون نتيجة هذا الفحص أنهم وجدوا ما لم يجده علي بابا في المغارة.. في هواتف الجميع.. تتغير معاملتهم للزبون المحترم الذي رسب في الفحص الأخلاقي.. يبدؤون بالتغامز لدى دخوله.. يدرك الأمر ويقسم لهم بأن أحد برامج التواصل يقوم بتنزيل الصور المرسلة إليه دون أن يطلب ذلك.
تجلس على الأريكة البيضاء في مكتب محاميك وأنت تحاول إقناعه بأن شقيق جدك من الأم ليس سوى لص كبير.. تريه خرائط الأملاك.. تتناقش معه.. يفتح جهازه بثقة ليريك العقد الذي يجب عليك توقيعه.. تُصدم لأن العقد المعروض أمامك يختلف عن صورة العقد في ذهنك.. تتمنى لو تعقد حالاً على ما تراه على الشاشة أمامك.. ولو كان عقداً عرفياً.. يعتذر المحامي.. ويخرج.. ولا تراه بعدها أبداً.
في مشهد آخر تصلك رسالة نصية من صديقٍ ما يطالبك فيها بأن تقطع علاقتك به للأبد لأنك أرسلت نكتة معيبة وقد فتحها أمام زوجته التي صدمت من أخلاقه وأخلاق أصحابه! أيها المغفل، وهل يوجد طريقة لكي أبلغك بها بمحتوى النكتة قبل إرسالها.. إذا قلت لك نهايتها سلفاً فقد أحرقتها.. أم أرسل عبارة «افتحها لوحدك».. على غرار «إن لم ترسلها فقد منعتك ذنوبك»!
الأخوة خبراء التواصل الاجتماعي.. شكراً لجهودكم وتجمعاتكم ومواسم تكاثركم الفصلية.. ولكن ما نحتاجه بشكل عاجل الآن هو تقنية تشبه «صديق للبيئة» «صديق لطبقة الأوزون».. تسمى «صديق لإعادة الإرسال»، بحيث تكون هناك علامة مميزة لما يرسل أو يمكن إرساله ولا يحتوي على معلومات أو صور قابلة للانفجار..
من أجل سلامتكم وسلامة الآخرين!
المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2015-03-26-1.768910