سيلفستر ستالون سيظل روكي بالبوا السينما حتى لو اصبح عمره 100 عام، وروبرت دونيرو سيبقى جاك لاموتا ملاكم Raging Bull الشهير حتى لو شارف على الثمانين. لذلك من المنطقي ان نشاهد هذين النجمين اللذين لمعا في بداياتهما بفضل افلام ملاكمة، يتصارعان مجدداً بعد ثلاثين عاماً تقريباً على اعتزالهما الملاكمة السينمائية، من خلال الكوميديا الدرامية Grudge Match من اخراج بيتر سيغال. لقاؤهما السينمائي هو الثاني بعد فيلم Copland عام 1997، وهذه المرة هما ليسا شرطيين بل بطلان سابقان في الملاكمة اشعلا الحلبة بمنافستهما الدائمة في بداية الثمانينات. ستالون هو هنري رازور ودونيرو هو بيلي زي كيد، وكل منهما استطاع التفوق على الآخر مرة في الماضي، لكن قبل المباراة الثالثة التي تحدد البطل بينهما عام 1983، انسحب رازور فجأة. لقد اعلن اعتزاله بعدما خانته حبيبته سالي روز (كيم بازنجر) مع بيلي، واضعاً بذلك نقطة النهاية على مسيرة كل منهما. بعد مرور 30 عاماً على انسحابهما من الاضواء، تتاح لهما فرصة المواجهة من جديد عندما يقدم لهما المروّج الرياضي دانتي سلايت جونيور(كيفن هارت) عرضاً لا يقاوم: العودة مرة أخيرة الى الحلبة لتحديد البطل بينهما. العودة الى الملاكمة تعني عودة التمارين المضحكة والماضي بكل أسراره المؤلمة ومفاجآته السارة… صحيح أن Grudge Match لا يدور حول معركة الانتقام بين البطلين الأسطوريين روكي بالبوا وجاك لاموتا، لكن فكرة الفيلم قائمة على هذا الايحاء الراسخ في ذاكرة صانعي الفيلم والجمهور على حدّ سواء، فمن دون موافقة ستالون ودونيرو، كان من المستحيل أن يبصر فيلم كهذا النور لأن أحدا لا يرغب في رؤية مسنّين يتلاكمان. لكن عندما يكون هذان الكهلان هما روكي وجاك لاموتا، فالأمر برمته يختلف. الفيلم يلعب طبعاً على نجومية بطليه، بدليل احتوائه على غمزات عديدة تذكرنا بتاريخهما، مثل لقطة في المسلخ حيث يستعد ستالون لملاكمة اللحوم المعلقة، والمستوحاة طبعاً من احد اشهر افلامه Rocky، اضافة الى جملة دونيرو “you talking to me?” التي سبق وقالها في فيلم Taxi Driver. لكن من الضروري الاشارة الى ان الفيلم ليس شريط ملاكمة، فمشهد المواجهة النهائية بين النجمين لا تتخطى مدته الـ 10 دقائق فقط. الفيلم يتمحور حول الفرصة الثانية في حياة رجلين كهلين، ليتمكنا من تصفية الحسابات التي تثقل كاهلهما منذ سنوات طويلة. هذان الرجلان هما الفيلم كله كما هو متوقع، فرغم اصرار هوليوود على استغلال مجدهما السينمائي ــ الرياضي السابق، إلا أن لا متعة تضاهي رؤيتهما معاً والاستمتاع بسحرهما وطرافتهما ومناكفاتهما وتمارينهما. ومن حولهما مجموعة من الممثلين القديرين في ادوار ثانية قوية وطريفة، مثل الكبير سناً وقدراً والفائز باوسكار افضل ممثل في دور ثان عن Little Miss Sunshine آلن اركن في شخصية لاينينغ العجوز المشاغب مدرّب ستالون، ونجمة الاثارة السابقة كيم بازنجر الفائزة بدورها باوسكار عن L.A. Confidential، اضافة الى الممثل الطريف كيفن هارت و…على طريقة كثير من الأفلام الكوميدية مثل The Hangover، لا ينتهي الشريط قبل نهاية الجنيريك الذي يخبئ مفاجأة طريفة تجمع اسطورتي الملاكمة مايك تايسون وايفاندر هوليفيلد رغم عداوتهما التي فجرتها عضّة تايسون الشهيرة لأذن زميله.
الفيلم يتمحور حول الفرصة الثانية في حياة رجلين كهلين، ليتمكنا من تصفية الحسابات التي تثقل كاهلهما منذ سنوات طويلة
المصدر: جريدة النهار