علي سعد الموسى
علي سعد الموسى
كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية

أنا المواطن الذي لا يحتاج إدارات الحكومة

آراء

لم أتقدم طيلة حياتي مطلقاً لطلب قرض من صناديق التنمية الحكومية المختلفة، ولا توجد في كل سجلاتي منحة أرض من بلدية هذه المدينة. لم أكن طوال حياتي أيضاً طرفاً أول أو عاشراً في قضية أمام كل دوائر الحكومة. لم يستوقفني رجل أمن ولا حتى جندي مرور، ولا أتذكر أنني رفعت (معروضاً) واحداً إلى مسؤول من بين مليوني موظف في سجلات إدارات الحكومة المختلفة. وكل الذي أنا متأكد منه أن الإدارة الحكومية التي ذهبت إليها في العقد الأخير المنصرم هي بضع غارات لإدارة الجوازات من أجل أوراق العاملة المنزلية، وغزوتين أخريين إلى طاولة (كاتب العدل)، وفي كل غاراتي وغزواتي خلال هذه السنين العشر لم أشغل طواقم الحكومة إلا أقل من نصف ساعة في كل تعاملاتي كمواطن مع هذه الحكومة.

حتى زوجتي الكريمة الفاضلة تدبرت أمرها بنفسها في النقل كمعلمة من مدرسة لأخرى، ومازالت حتى اليوم (تعيرني) أنني لم أفعل لها شيئاً في خدماتها الوظيفية، وجوابي الوحيد لها أنها (ربما) استغلت اسمي كشفعة حين نقلت من مدرسة في طرف الحي إلى الطرف البعيد على أطراف هذه المدينة. وكل ما أكتبه في النصف الأعلى من المقال، ليس مثاليات من شخصية شهيرة بالشغب وقوة الشخصية بقدر ما هو تساؤلات عن حاجة (المواطن)، أي مواطن، لكل إدارات الحكومة المختلفة.

أنا في كامل الثقة، أنني لست المواطن الوحيد الذي ستهتز له شعرة من رمش لو أنه استيقظ في الصباح وقد سحبوا من مدينته كل ضباط الأمن وكادر القضاء وفروع كل الوزارات الخدمية حتى بما فيها المشفى الوحيد بهذه المدينة.

أنا واثق أن مليوني موظف حكومي، إنما وضعوا لفريقين: للقوي الذي يحتاج خدماتها لاستثماراته المليارديرية، أو للضعيف الذي يحتاج مكاتب الضمان والمشفى الحكومي، ولست أبداً من هذين الفريقين. إدارات الحكومة تحتاج إلى كتابة (المعاريض) كي تأتي إلينا بخدماتها، وأنا لست من هذا النوع من المواطنين. أنا أعيش بالشارع المظلم الوحيد في كل هذه المدينة لأن البلدية تنتظر (معروضاً) لن أكتبه إلا على (جثتي) مثلما أنا أيضاً، وبصدفة أخرى، أعيش في الشارع الوحيد الذي تجاهلته إدارة المياه عن توصيل الأنبوب، لأن (الماسورة) وحدها تحتاج إلى معروض. وأحياناً أشعر أن وجودي بهذا الشارع أصبح نقمة على جيراني الأعزاء في وسط ثقافة تحول المواطن إلى (حامل معاريض)، ثم تحول هذه المعاريض إلى (فزعة) كي يسكت هذا (القلم) برشوة بيضاء من أربعة أعمدة للإنارة أو خمس (مواسير) لتمديد الماء من الشارع المجاور…

المصدر: الوطن أون لاين