دلع المفتي
دلع المفتي
كاتبة كويتية

أنتم والزمن عليهن؟!

آراء

«الكويت: لا نمنح المرأة السعودية رخصة قيادة الا بموافقة ولي أمرها». هذا كان عنوان الخبر الذي تناقلته وسائل الأخبار المحلية والعالمية.

فقد صرح رئيس الوفد الكويتي لاجتماع مديري المرور في دول مجلس التعاون الخليجي، العميد صالح الناجم بأن النظام المروري في الكويت لا يمنح رخصة قيادة للمرأة السعودية الا بموافقة ولي أمرها، سواء كانت المرأة السعودية قاصرة أو بالغة أو متزوجة. يعني بالمختصر المفيد.. «لو شافت حلمة أذنها»!

غريب أمرنا، كنا دائما نؤمن بأننا دولة مدنية ديموقراطية حرة، ولكن يصر بعض المسؤولين على تشكيكنا في ذلك! فما معنى أن تحرم المرأة السعودية من مسألة مسموح بها لكل الجنسيات الاخرى على أرض الكويت؟ وما المعيار او المقياس الذي استخدمته الدولة لوضع مثل هذا الشرط؟ ان كانت الكويتية نفسها لا تحتاج موافقة ولي امرها لاستخراج رخصة قيادة.. فكيف نستثني السعودية؟ ولماذا؟ وهل سنجور نحن والزمن عليها؟!

هل سنفصّل قانونا خاصا لكل جنسية على أرضنا، وهل سنتبع معايير الدول الاخرى عندنا؟ ماذا لو طبقنا لكل جنسية قانون بلدها عليها؟!.. كيف ستكون «الشوربة» التي سنسبح فيها؟!

ان كان الأمر كذلك.. فعلينا أن نمشي بالموضوع الى آخره. ففي حال ان تصل المرأة السعودية الى ديارنا «العامرة»، نطلب منها موافقة ولي أمرها على دخولها الكويت، باعتبار أنها ممنوعة من السفر الا بتصريح منه، الذي تصله رسائل هاتفية تنبهه في كل مرة تخرج فيها من البلد. ولنمنع المرأة السعودية من الخروج من دون العباءة، وان تجرأت وفعلت، نستأجر «مطوع» وسيارة «جيمس» سوداء ليلاحقها بــ «الخيزرانة» ويؤدبها. وان «هف على نفسها» أن تجلس في مطعم أو مقهى لا يحوي مكانا مخصصا للعائلات، نمنعها بحجة قانونهم، أو نضع حولها حاجزا «يكتم على نفسها». ويمكننا ان نذهب أبعد، فنمنع السعوديين والسعوديات من الدخول الى السينما، ونمنع شبابهم من دخول المجمعات. ونمنع الايرانيات من الخروج من دون «شادور»، والأفغانيات من التعليم (حسب قانون «طالبان»)، وبالمرة.. نستورد «شرطة دينية» تابعة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تتكفل بتأديب رعاياها على أراضي دولة ذات سيادة!

ان القوانين في الدول المدنية، ينبغي ألا تعدّل وتصرّف وفق الأهواء وعلاقات الجيرة والصداقة والزمالة والمفاهيم «الغامضة»، فأسلوب «المعايير المزدوجة» يمكنه ان ينجح في السياسة، الا أنه سيخفق في المسائل الدستورية والقانونية وأسس العلاقات الخارجية بين الدول. فان حصل «خرق» قانوني أو دستوري، فسيعتبر «سابقة صغيرة»، ولا أحد يمكنه التكهن بالخروقات والمفاجأة التي ستليه.

للجارة والأخت الكبيرة كل الحب والاحترام، وهي دولة مستقلة لها قوانينها التي نحترمها. في المقابل، نحن أيضا دولة مستقلة ذات سيادة، وعلى الآخرين احترام قوانيننا، وليس من المفروض أن «نعوج» قوانيننا لتلائم غيرنا!

المصدر: صحيفة القبس