أين إختفت مادلين؟

آراء

في عام 2007 اصبحت مادلين تلك الطفلة البريطانيه البريئه ذات السبعة اعوام حديث الصحافة البريطانيه لعدة اعوام . اين اختفت مادلين التي تركها والداها الطبيبان في غرفة الفندق مع اختها الرضيعه ليكملا سهرتهما في المنتجع البرتغالي بعد ان اتفقا على المرور عليهما بين الحين والاخر للتأكد من ان الطفلتين بخير. ولكن حدث ما كان يقلقهما اثناء السهره, اختفت مادلين وانقلبت الاجازه الى جحيم واصيب والداها بالهلع والخوف وتأنيب الضمير, فالمجتمع البريطاني والقانون والصحافه لا ترحم عندما يكون للإهمال علاقه بالحدث . لقد خاف الطبيبان من ان يفقدا الرضيعة ايضا بأمر القانون ولكن كانت فاجعة مادلين اكبر من اي شيء.لا زالت الصحافة البريطانيه تتحدث عن الفاجعه الى وقت قريب . اختفت مادلين ولم يعثر عليها الى الان حسب علمي.. اتساءل احيانا كم مادلين اختفت او عنفت في مجتمعاتنا المسلمه ويكون الخبر في بعض صحفنا المحليه مجرد خبر عادي وكأنه شيئ متوقع ! لم يحرك فينا اي شعور بالمسؤليه او استشعار بخطورة الوضع. نقرأ بين الحين والاخر اخبارا يقشعر منها البدن, وان سمعنا بايقاف المجرم لا نعلم ماذا صدر بحقه الا في حالات معينه يكون العقاب فيها احيانا محزن وغير رادع للاخرين في الوقت الذي يغيب فيه القانون الذي يجب ان يعرفه الجميع.

اطفال الامس هم اباء وامهات اليوم , واطفال اليوم هم اباء وامهات لأطفال الغد . كلنا نعرف ذلك ولكننا لا نريد ان نفهم او نعترف بحجم المشكله. البذور التي نغرسها اليوم ستنتج لنا ثمارا في المستقبل . لا اتحدث عن ضرورة جودة التعليم او الصحه للاطفال فهذا مهم جدا ولكن الأهم حاليا هوالخطر الذي ستكون عقباه اشد واعنف واصعب احتواءا عندما نستيقظ من غفوتنا.

في استراليا شاءت الاقدار ان اكون هناك عام 2002 للعمل والدراسه. ورغم حصولي على كل الرخص المعتمده للعمل في مجال تخصصي ، ارغمت على الالتحاق بدوره الزاميه عن حقوق الطفل والطريقة الأمثل للتعامل معه، دورة كان لزاماً عليّ الالتحاق بها قبل استلام العمل رسميا في المستشفى . كان الحضور في الدوره كل العاملين الجدد في المستشفى الذين ربما يحتم عليهم طبيعة عملهم التعامل مع الاطفال كالأطباء و فريق التمريض وهذا مطبق ايضا على العاملين في المدارس والشرطه وغيرهم . فبمجرد انهاء الدوره بنجاح يحق لك العمل ويسجل الاسم كعضو في هيئة حماية الطفل. العجيب في الامر ان دورك لا ينتهي هنا او في محيط العمل بل يمتد معك ما دمت داخل الحدود الاستراليه! فالعضو مسؤول قانونيا للتدخل والابلاغ عن اي حالة عنف يشاهدها في الشارع او السوق او حتي في بيت من بيوت الحي . فلديك بطاقه تخولك قانونيا بإيقاف اي اب او ام او اي حاله تشاهد فيها اعتداء نفسي او جسدي على اي طفل في الارض الاستراليه حتى لو كانت مجرد اشتباه ! وفي حالة عدم التدخل وانت تعلم فالمسؤول الاول والاخير انت ! كل الاستراليين يعرفون هذا القانون وكل ما عليك هو ابراز البطاقه ولن يدخل المعنف معك في اي نقاش حاد لأنهم يعرفون عواقب عدم التعاون معك ! لقد نجح الاستراليون في ضم الممارسين الطبيين وكل العاملين في التعليم ليكونوا جيشا ضد من يحاول ان يؤذي اي طفل هناك. بهذه الطريقه اصبح نصف الشعب مجندا لحماية الطفل والنصف الاخر يعرف ان هناك مجندين كثر في كل مكان في السوق او في اي مكان عام يستمدون قوتهم من قانون صارم وواضح للجميع.

لا اعرف اذا كانت دولا متقدمة اخرى تطبق نظاما كهذا ولكن اذا كان المستقبل هو الأهم في المجتمعات المتقدمه فهي تلك الدول المهتمه برعاية الأطفال و حقوق الأطفال.

عربيا ، دولة الامارات هي الأمل والمستقبل للطفل العربي والدليل حادثة ظهور الشيخ القاسمي حاكم الشارقه فضائيا ووقوفه بحزم امام حالة عنف واحده من خادمه واصداره قانونا فوريا لصالح الطفل الإماراتي ولصالح الأم الاماراتيه التي تسقي بذرة المستقبل لدولة الامارت . فمن وضع المستقبل المشرق امام عينيه وزرع بذرة صالحه في الأمس وحرص على سقياها اليوم وكل يوم سيجني ألذ الثمار غدا وبعد غد والى الابد.

خاص لـــ (الهتلان بوست)