عبده خال
عبده خال
كاتب و روائي سعودي

البحث عن خلخلة المجتمع بـ 5% إلحاد

آراء

لا شك أن صدمة عنيفة سوف يجدها المرء حينما يقرأ تقريرا بأن نسبة الإلحاد في بلادنا تصل إلى 5% وهي النسبة التي نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» نقلا عن معهد غالوب الدولي.

وبعد أن تزول صدمة المفاجأة يمكنك تكذيب هذه النسبة لأسباب عديدة قد يكون أهمها أن هذا المعهد ليس هو ذاته المعهد الشهير في واشنطن ومن هذه المغالطة المبدئية يمكن تتبع بقية المغالطات وأولها معرفتنا بأنفسنا إذ لا يمكن أن يكون بين كل مائة مواطن خمسة ملاحدة.

ثم من أين استقى المعهد معلوماته عن وجود هذا العدد المهول الذي يصل تعداده إلى ما يقرب من المليون ملحد، فهذا العدد يستوجب أن استبانة وزعت على ملايين من المواطنين حتى تصل نتيجة الاستفتاء إلى وجود مليون ملحد، فإن قيل حدث هذا عبر وسائل التواصل الاجتماعي فهو افتراء يدحضه الواقع، إذ أن المستخدمين للإنترنت في المملكة يقدرون بثلاثة عشر مليون مستخدم بينما عدد سكان المملكة ما يقارب 19 مليون نسمة وإذا أضيف لهم الوافدون يكون التعداد في حدود الـ28 مليونا، فكيف استطاع المعهد تحديد نسبة الـ 5% من السعوديين تحديدا بهذا يسقط الادعاء على مستوى الأرقام.

ثم ماذا قصد المعهد بالإلحاد؟

هل قصد به إنكار وجود الله عز وجل أم قصد به اللادينيين أم قصد العصاة أم قصد الانتماء إلى أفكار يتم التعبير عنها بمفردات إلحادية تعود لجهل القائل بها أم قصد – المعهد – تيارات فكرية تقترب وتبتعد من الأفكار الإلحادية أم قصد بها تبادل تهمة التكفير.

لنقل إن قصدية الإلحاد كما جاءت في النسبة المذكورة هي الإنكار وهذا الادعاء لا يمكن قياسه لأسباب عديدة قد يكون أهمها أن الملحد لا يمكن التصريح بإلحاده في مجتمع مسلم 100% خشية على نفسه وإن قيل إن التصريح تم من خلال استجواب عبر مواقع التواصل الاجتماعي فسوف نقول أن من يستخدم النت بالمملكة 13 مليونا (مواطنين ووافدين) فإن كان الاستبيان شاملا هذا العدد فبالضرورة أن النسبة سوف تكون أكبر بكثير من 5% مقارنة بتعداد السكان الإجمالي 28 مليونا، إذن تهافت وسقوط آخر لنسبة 5%.

والذي أريد أن أقوله إن تمرير مثل هذه النسب هي محاولة لاكتساب مساحة كبيرة من خلخلة المجتمع وزرع بؤرة جديدة للفتنة بين أطياف المجتمع لكي تتعدد بؤر الاختلاف والاحتراب بين أطياف المجتمع.

ولكي لا نكون منزهين للمجتمع من أي شائبة لنفترض أن هناك من جنح به فكره للإلحاد (أعدادا ضئيلة ومقطوعة وليس نسبا عالية) فهذا يستوجب وجود دعاة على قدر من الوعي بالمسببات التي جرفت هذه الأعداد وأن يكون الدعاة حاملين لثقافة عميقة تمكنهم من المحاورة والمجادلة والإقناع وهو الأمر الضروري إيجاده بين الدعاة، خاصة أن هناك من يتلقى معارف جديدة يستوجب معها فتح قنوات الحوار.. قنوات تستهدف الإقناع البرهاني وعدم الاقتصار على الدليل النصي.

المصدر: عكاظ