إلزام شـركــــــــــات المـسـاهـمة الخـاصـة بـــــــــالإدراج مطـلب لتجديد دماء السوق الثانية

أخبار

بعد ما يقارب 800 يوم (تحديداً منذ منتصف شهر سبتمبر في العام 2014) من إطلاقها ظلت السوق الثانية مشروعاً متميزاً وفرصة استثمارية جيدة لكن من دون مستجدات، أو كما يقال «محلك سر». 3 شركات فقط انضمت للسوق (2 في أبوظبي وواحدة في دبي)، مع تصريحات تطلق كل فترة باستقطاب شركات جديدة لكن دون تطبيق على الواقع. ليكون السؤال المطروح ما السبب ؟. توقيت الإطلاق، الجهد التسويقي المبذول، الأوضاع الاقتصادية العالمية والإقليمية، ثقافة الإدراج، عدم وجود شركات مؤهلة، كلها أسباب عددها خبراء أسهم ومحللون ماليون لـ«البيان الاقتصادي».

أولاً علينا هنا التعريف بمعنى السوق الثانية: هي سوق مالي أطلقتها دولة الإمارات في 2014 لتكون مخصصة لتداول أسهم الشركات المساهمة الخاصة وفق آلية محددة، حيث يشترط أن تكون صفة الشركة «مساهمة خاصة» بعدد معين من المساهمين. ولا يتم التداول على أسهم هذه الشركات من العموم مثل ما يحصل مع شركات المساهمة العامة، بل يقتصر التداول على المساهمين أو من توافق الشركة نفسها على فتح المجال له للتداول. وتعد السوق الثانية منصة مثالية للشركات العائلية في الدولة الراغبة في التوجه نحو طرح أسهمها للاكتتاب العام، حيث تعد السوق الثانية مرحلة أولية تأهيلية قبل التحول للساهمة العامة. كما تعد خياراً مثالياً للشركات التي لا ترغب في التخلي عن حصة الأغلبية، حيث لا تتطلب السوق الثانية نسبة للطرح.

والفكرة في السوق الثانية أنها تمثل فرصة تمويلية معدومة التكاليف، وتغنيهم عن التوجه نحو البنوك. كما تمثل لها منصة لتداول أسهم محددة وإبرام صفقات على العلن ما يضمن الشفافية، خصوصاً وأن السوق الثانية يطبق عليها نفس أنظمة التداول والمقاصة والتسوية ونقل الملكية وحفظ الأوراق المالية مثلها مثل أسواق المال الرئيسية. وأخيراً وليس آخراً تمثل السوق الثانية فرصة جيدة للشركات الصغيرة والمتوسطة لتمويل خطط نموها وتوسعها، حيث إن شروط الإدراج في الأسواق الرئيسية صعبة على هذه الشركات خصوصاً في ما يخص رأس المال والحصة المطروحة.

بعد كل هذه الفرص والميزات التي ذكرناها، لا يزال الوضع كما هو، منذ الإطلاق 3 شركات فقط، منها شركتان، أدرجت عند إطلاق السوق وهي منازل والمستثمر الوطني، ما يعني أنه خلال عامين كاملين، تم إدراج شركة «وحيدة» هي الصفوة للخدمات المالية الإسلامية (نوفمبر 2015). الغريب في الأمر، أن الشركات الثلاث وخصوصاً منازل التي تعتبر أكبرها، حققت نموذجاً ناجحاً في الإدراج، وهو ما كان يفترض أن يشجع باقي الشركات للدخول في مغامرة الإدراج، وهو م لم يحصل، لنعود مرة أخرى لطر ح السؤال نفسه: ما السبب؟

مسألة وقت

عيسى كاظم، رئيس مجلس إدارة سوق دبي المالي، اعتبر أن الموضوع مسألة وقت فقط حين قال «قرار إدراج الشركات المساهمة الخاصة في السوق ينطوي على أهمية كبيرة، ويعتبر نقلة نوعية في مسيرة تطور أي شركة، وبالتالي فمن الطبيعي أن يأخذ وقتاً من حيث الدراسة والتقييم». مشيراً إلى أن السوق وخلال العامين الماضين «أبدت عشرات الشركات اهتماماً بالإدراج وتواصلت معنا».

ولتقييم تجربة إطلاق السوق الثانية، أكد كاظم أن إدراج «الصفوة» كان «ناجحاً» وقد تم إنجاز تداولات جيدة عليها منذ الإدراج في نوفمبر 2015. لكنه أكد أن تقييم النجاح من عدمه لا يقتصر على عمليات التداول، قائلاً:«التواجد في السوق هو وسيلة لغاية أهم تتمثل في تعزيز حضور الشركة في أوساط المستثمرين محلياً وخارجياً، علاوة على أن دخول تلك الشركات عالم أسواق المال يحفزها على التوسع في تطبيق أفضل ممارسات الشفافية والحوكمة وعلاقات المستثمرين، الأمر الذي يضعها في سياق مرحلة جديدة من التطور والنمو، كما يوفر لها آلية شفافة وعادلة لتداول الأسهم وتخارج المساهمين وزيادة الفعالية التشغيلية بفضل تطبيق أفضل ممارسات العالمية، كما أنه يعزز من فرص تنفيذ عمليات دمج واستحواذ، وهذه العوامل ذات انعكاسات طويلة الأمد على الشركات، وتمثل نقلة استراتيجية ونقطة انطلاق نحو تهيئة الشركة للإدراج في السوق الرئيسي مستقبلاً».

ولفت عيسى كاظم أن سوق دبي في حوار و«تواصل» دائمين مع مجتمع الأعمال بما يضمه من شركات مساهمة خاصة ومجموعات عائلية وشركات حكومية وشبه حكومية بهدف إبراز أهمية التحول إلى شركات مساهمة عامة والإدراج في السوق بوجه عام وإمكانية الإدراج في السوق الثانية بالنسبة لشركات المساهمة الخاصة.

حلان لا ثالث لهما

ملخص ما أفاد به رئيس مجلس إدارة سوق دبي المالي أن السوق في تواصل دائم، وأن الشركات تبدي اهتماماً بالفكرة. فهل هذا كافٍ لتحقق السوق الثانية الطموحات التي ذكرت عند الإطلاق؟

خبراء السوق أكدوا لنا أن هناك حلين لا ثالث لهما: إما الانتظار لتحسن السوق وتغير ثقافة الإدراج عند الشركات العائلية، أو التدخل وتغيير التشريع. طبعاً الحل الأول قد يحدث العام المقبل أو بعد سنوات طويلة. أما الحل الثاني فهو الأسرع والأسهل تطبيقاً، ويتمثل في إلزام جميع الشركات المساهمة الخاصة التي تستوفي شروط الإدراج، بإدراج أسهمها في السوق الثانية. وللتنويه، يبلغ عدد هذه الشركات في دولة الإمارات حوالي 160 شركة يبلغ إجمالي رؤوس أموالها أكثر من 149 مليار درهم وفق بيانات وزارة الاقتصاد.

محمد علي ياسين، العضو المنتدب لشركة أبوظبي الوطني للأوراق المالية أكد أن «الإلزامية» هي الحل، خصوصاً وأنها لن تضر هذه الشركات خصوصاً وأن التداول على أسهمها يرجع إليها.

مضيفاً أن هذه الخطوة يجب أن تكون ضمن المرحلة المقبلة من خطة هيئة الأوراق المالية لتطوير السوق الثانية. وعن أسباب الخمول الذي شهدته السوق الثانية خلال العامين الماضيين، أشار ياسين بأصابع الاتهام على الشركات نفسها قائلاً: «معظم الشركات ذات المساهمة الخاصة أو العائلية في الإمارات لا تملك ثقافة الإدراج، وتعتقد أنه لا فائدة منه أساساً.. غير مدركة أن التمويل منعدم التكلفة مطلب مهم لأي شركة في العالم تتطلع إلى النمو.

كما أن أهمية شفافية تسعير أسهمها بشكل عادل تضمنها السوق بشكل كامل، وهو ما يرفع ثقة البنوك في هذه الشركات ويسهل عملية حصولها على التمويل». كما لام ياسين الوضع العام أيضاً مشيراً إلى أن السيولة الموجودة في الأسواق لا تزال ضعيفة، وهو ما يجعل بعض الشركات تتردد في الإدراج خشية الفشل.

فكرة جيدة

يتفق حمود عبد الله الياسي، الرئيس التنفيذي لشركة هاييكس غروب، مع رأي ياسين، مشيراً إلى أن خطوة مثل إلزام الشركات ذات المساهمة الخاصة قد تكون فكرة جيدة، مشيراً إلى أنه يجب على الهيئة وأسواق المال دراسة السوق جيداً وحصر الشركات التي تستوفي الشروط التي تتطلبها السوق، ومن ثم محاولة تطبيق تدريجياً على هذه الشركات لغاية إنعاش السوق، لكنه في الوقت نفسه أكد أنه من الأجدى أن تعمل هذه الجهات على جعل السوق جاذبة بما فيه الكفاية لإقناع الشركات، وهو ما قد يغنيها عن اتخاذ خطوة الإلزام.

وأشار الياسي إلى أن العديد من الشركات العائلية الإماراتية رافضة بشكل قاطع مبدأ الإفصاح وإصدار نتائجها المالية الفصلية أو السنوية، حيث تدخل في فكرة «ثقافة العيب» على حد وصفه.

وأكد على ذلك أكبر ناكفي: المدير التنفيذي ورئيس قسم إدارة الأصول في الماسة كابيتال بقوله : «نعم إلزامية الشركات المساهمة الخاصة على الإدراج في السوق الثانية سيساعد، ولكن في النهاية يجب أن تكون حالة البنية التحتية والسيولة قوية من أجل أن تعتمد الشركات قائمة ثانوية، بالإضافة إلى العمل بمجموعة قوائم ناجحة بشكل مستمر. وأضاف أنه وبغض النظر عما إذا كان توقيت الإطلاق صائباً أم لا، فإن وجود مثل هذا السوق يجب أن يُنظر إليه بشكل إيجابي.

وبدلاً من التركيز على التوقيت، من الأفضل التأكد من أن المنتج قوي بما فيه الكفاية لتقديم خيار تمويل آخر جيد. في الواقع كان لابد من استغلال حالة الخمول خلال العامين الماضيين في جعل المنتج أكثر قوة. لذا فحين يعود النشاط مرة أخرى إلى السوق، ستكون هناك بنية تحتية سليمة وقوية.

وعن أسباب عدم وجود زخم على السوق الثانية، أكد أنها تتمثل في التجارب غير الموفقة مع عدم وجود العديد من القوائم واستمرار المخاوف بشأن السيولة. ولكن هذا أيضاً بسبب أن الأسواق الإقليمية مرت خلال العامين الماضيين بالكثير من الأحداث المضطربة، حيث انخفضت معظم الأسواق بنسب كبيرة عما كانت عليه في 2014. فعلى سبيل المثال، انخفضت سوق دبي 35%. وفي مثل ذلك المناخ السلبي من الصعب مزاولة النشاط في السوق سواء كانت أولية أو ثانوية.

توقيت الإطلاق

قال ياب مايير، رئيس قسم الأبحاث في أرقام كابيتال، إن توقيت إطلاق السوق الثانية لم يكن مدروساً، حيث مرت الأسواق بفترات من التصحيح وكان سوق الإصدارات الأولية في الأسواق الرئيسية (دبي وأبوظبي) هادئاً جداً، وعليه فكرة إطلاق سوق إصدارات ثانوية كان عليه انتظار انتعاش سوق الإصدارات الأولية. وأضاف أن أهم التحديات التي تواجه السوق الثانية حالياً ضعف السيولة وعملية تقييم الأسعار العادلة، والذي في العادة ما يحد من السيولة.

فوائد السوق

تقوم فكرة السوق الثانية على إدراج أسهم الشركات المساهمة الخاصة في سوق يتم إنشاؤها داخل كل سوق من أسواق المال في الدولة وبحيث تتم عمليات التداول والتقاص والتسوية في شاشات منفصلة عن السوق الرسمية. فيما تكون هذه السوق مفتوحة لكل من الشركات المحلية والخليجية والعربية. ومن أهم الفوائد التي تحققها السوق توفير آليات رقابية أكثر فاعلية في مكافحة أنشطة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ومعايير حكومة الشركات. وتعتبر السوق تمهيداً لإجراء عمليات طرح عام أولي في مرحلة تالية.

شركات إماراتية تؤكد الإدراج ثم تؤجل والسبب: ظروف السوق

أكدت عدة شركات في وقت سابق نيتها إدراج أسهمها في أسواق المال، لكنها عادت وأكدت التأجيل بسبب ظروف السوق. أهم هذه الشركات طبعاً شركة الحبتور التي كانت قد أعلنت قبل الأزمة اعتزامها طرح أسهمها للاكتتاب العام لتعود في العام 2012 مؤكدة التراجع والتأجيل، ثم تعود خلال العام 2013 لتؤكد مرة أخرى على لسان رئيسها خلف الحبتور عزمها الدخول إلى السوق وأنها تتوقع أن تجمع 10 مليارات درهم من الاكتتاب، إلا أن السوق تفاجأ مرة أخرى في العام الذي سيليه بتأجيل القرار.

وعادت الشركة للإعلان عن أن 2016 سيكون سنة الاكتتاب بالتزامن مع افتتاح مشروع الحبتور سيتي، إلا أن المشروع افتتح والشركة لا تزال «عامة».

شركة أخرى هي نخيل العقارية التي أكد رئيس مجلس إدارتها علي لوتاه في 2010 أن الشركة ستتحول مساهمة عامة في 2011، وهو ما لم يحدث، إلا أنه عاد وأكد في 2014 أن 2016 سيكون عام الاكتتاب وهو أيضاً ما لم يحدث، ومؤخراً أكد لوتاه أن الشركة لا تدرس في الوقت الراهن أي خطط تماماً لطرح أسهمها للاكتتاب العام.

أيضاً ضمان للاستثمار أكدت أكثر من مرة نية التحول إلى مساهمة عامة إلا أنه لم يحدث والسبب أيضاً ظروف السوق سواءً الاقتصادية أو الجيوسياسية بالإضافة إلى هبوط سعر النفط وندرة السيولة.

بدوره، أكد خالد بن كلبان، العضو المنتدب وكبير المسؤولين التنفيذيين في شركة دبي للاستثمار، أنه كان مقرراً طرح شركة الإمارات ديستريكت كولينج «إيميكول» التابعة لها في سوق دبي خلال 2016، ولكن ظروف السوق أجلت الفكرة.

شركة أخرى هي «جلف كابيتال» أكدت أكثر من مرة أنها تستعد لطرح أسهمها للاكتتاب العام، وفي 2014 أطلقت بيانات الاكتتاب، وأكدت عزمها طرح 55% من أسهمها لجمع حوالي 1.1 مليار درهم، وأنه من المتوقع الانتهاء من عملية الطرح بنهاية الربع الأول 2015. إلا أننا قاربنا على نهاية 2016 ولم يحدث شيء. وينطبق هذا الأمر على كل من موارد للتمويل ومجموعة بايبر وشركة تسويق للتطوير العقاري، التي أكدت في 2014 أنها ستطرح 55 إلى 65 % من أسهمها في أي من سوقي دبي أو أبوظبي.

غياب الوعي والخوف من الفشل والاقتصاد العالمي أهم التحديات

أكد خبراء أن غياب الوعي وعن السوق الثانية والخوف من الفشل والاقتصاد العالمي أهم التحديات التي تواجه هذا المشروع، حيث ارتأت رشا الخواجة، رئيس إدارة المؤسسات في شركة ميناكورب، أن تتحدث عن أسباب عدم وجود إقبال على الإدراج في السوق الثانية، حيث لامت الجهات الحكومية المسؤولة عن ذلك قائلة:«لا يوجد هناك دراية واسعة من المستثمرين عن الفرص التي تقدمها السوق الثانية، والسبب عدم استثمار الجهات المسؤولة في التعريف عن السوق».

وأضافت «أكاد أجزم أن العديد من المستثمرين لم يسمعوا قط بوجود سوق ثانية، حيث كان هناك تسليط إعلامي مكثف عليها عند الإطلاق ثم هدأت الأوضاع كثيراً… على الجهات المسؤولة إطلاق حملات واجتماعات مع الشركات وشركات الوساطة والمستثمرين للتعريف بأهمية هذه السوق».

بدوره، أكد وضاح الطه عضو مجلس الاستشاري الوطني لمعهد الأوراق المالية والاستثمارات البريطاني في الإمارات أن السلوك العام من المستثمرين كان من أسباب عدم نشاط السوق الثانية، فحتى المحافظ الكبرى صارت تتعامل مثل الأفراد وهو ما جعل شركات المساهمة الخاصة تتردد في الإدراج.

وأضاف أن الشركات العائلية أيضاً لا تريد الإدراج لأنها لا تريد إضافة مساهمين إليها. خصوصاً وأن السوق الثانية من متطلباتها أن يكون عدد المساهمين لا يقل عن 50 مساهماً. وأشار أيضاً إلى أن النموذج الذي قدمته منازل عندما أعلنت إدراجها كان ناجحاً لكنه يكون كافياً وأضاف «ربما السبب في القطاعات التي تعمل بها الشركات المدرجة… لا يوجد هناك تنوع قطاعي في السوق الثانية».

بعبع الفشل

أما زياد الدباس مستشار بنك أبوظبي الوطني للأوراق المالية فأكد أن الشركات العائلية والمساهمة الخاصة غالباً ما ترفض فكرة الإدراج خوفاً من خسارة الأغلبية، كما أنها تتحسس جداً من فكرة الإفصاح عن بياناتها المالية بشكل دوري، مشيراً إلى أن هذه الشركات تتمتع برقابة أقل من الشركات المدرجة وهي راضية على هذا الوضع. وأشار أن فترة الخمول لا تشمل فقط السوق الثانية، فقد مرت أكثر من سنتين وسوق الإصدارات الأولية شبه متوقف، والأسباب كثيرة أهمها الوضع الاقتصادي العالمي وانخفاض سعر النفط بشكل كبير ما ساهم في ترشيد الإنفاق وإحجام المحافظ الاستثمارية على الدخول بقوة إلى السوق إلا بانتقائية دقيقة.

مشيراً إلى أن «بعبع» الفشل لا يزال يتحكم في رغبة الشركات على الإدراج. طلال طوقان، مدير الأبحاث والاستشارات في شركة الرمز للأوراق المالية، اختلف قليلاً عن الآراء السابقة، عازياً الزخم الضعيف على السوق الثانية إلى الأوضاع العالمية فقط، مشيراً إلى أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة ترقب، وهو ما تمر به الأسواق في الإمارات، مشيراً إلى أن تحديد وقت لعودة النشاط صعب ورهين بتحسن الأوضاع الاقتصادية عموماً وسعر النفط بشكل خاص. وأكد تفاؤله بأن الاقتصاد الإماراتي يملك من المرتكزات القوية ما يتيح له العودة سريعاً إلى النشاط سواء في التداول أو سوق الإصدارات الأولية.

15 % من الشركات العائلية ستنجح في الانتقال بثرواتها إلى الجيل الثالث

قال كريستوف لالندريه، رئيس بنك لومبارد أودييه السويسري المختص في إدارة الأصول في دبي، إن الشركات العائلية في الإمارات تشكل حوالي 80% من إجمالي الشركات، مضيفاً أن 15% من تلك الشركات فقط تنجح في تحقيق انتقال سلس لثرواتها إلى الجيل الثالث.

تحضير الانتقال

وأضاف لالندريه في تصريحات خاصة للبيان الاقتصادي: «بحكم خبرتنا، لتتمكن الشركة من ضمان انتقالها بشكل سلس من جيل إلى آخر، يجب أن تبدأ تحضيرات الانتقال في مرحلة مبكرة جداً. ولكن الأهم من ذلك، يجب أن يكون أبناء أصحاب هذه الشركات العائلية مدربين بشكل جيد. لقد لفت انتباهنا أنّ بعض أصحاب الأعمال في المنطقة يدخلون أبناءهم للعمل في الشركة بعد التخرج من الجامعة، حيث يضعونهم في مناصب رفيعة لغرس شعور الهيبة والأهمية ومحاولة تقديم الفرصة لهم لتأمين مواردهم المالية. وهذا يعني أن هؤلاء الأبناء لم تتح لهم الفرصة للحصول على المهارات اللازمة ليكونوا قادرين على المساهمة في تنظيم الشركة، ولن يكونوا قادرين أيضاً على تطوير أعمالها ضمن الظروف الاقتصادية الصعبة التي نواجهها حالياً.

ولفت لالندريه إلى أنه قد يكون من المفيد أيضاً لأبناء أصحاب هذه الشركات العمل خارج نطاق الشركة العائلية لبعض الوقت، وذلك للحصول على فهم أوسع للصناعة ومعرفة كيفية إدارة الشركات، حيث يمكن لهذا أن يقدم أفكاراً جديدة في الشركات العائلية ويساهم في تحسين العمليات.

حجم الثروات

وحول حجم ثروات الشركات العائلية في الإمارات قال لالندريه: «يصعب تقدير حجم ثروات الشركات العائلية في دولة الإمارات بدقة، وذلك نظراً إلى أن العديد من هذه الشركات لا تزال تفضل عدم الكشف عن أصولها علناً، ولكن صدر تقرير صادر عن شركة إرنست ويونغ في العام 2014 قدّر القيمة السوقية لأكبر 14 شركة عائلية في المنطقة بحوالي 90 مليار دولار، كما قدّر التقرير ذاته أرباح هذه الشركات بما يقرب من 120 مليار دولار».

وأوصى لالندريه بشدة على تشجيع الأبناء على المشاركة في الأنشطة التجارية بسن مبكرة، فمن المهم جداً للجيل القادم أن يبدأوا حياتهم المهنية من الأساس والعمل لكسب فهم أعمق لكيفية عمل رجال الأعمال وتطوير مهارات إدارية قوية من خلال تطوير شخصيتهم. والطريقة الوحيدة لتحقيق هذه العوامل هي التدريب العملي للحصول على الخبرة.

وحول جدوى تحويل الشركات العائلية إلى مساهمة عامة قال لالندريه: «غالباً ما يكون قرار عرض سندات الشركات العائلية للبيع لعامة الناس قراراً صعباً جداً بالنسبة للشركات العائلية، فهو يقلل من سيطرة واستقلالية ملاكها من أفراد العائلة. ومع ذلك فإنه من الضروري في بعض الأحيان مثل الحاجة إلى رأس المال خارجي، حيث يمكن لهذا القرار أن يساعد على نمو الشركة. في الوقت الحالي، قد يكون من الأفضل تأجيل طرح أسهم الشركات العائلية إلى حين استقرار أسواق المال العالمية بسبب الأحداث الاقتصادية والسياسية على الصعيد العالمي.

الاعتقاد بندرة السيولة «خاطئ» والمستثمر يترقب الفرصة الجيدة

قال مجد المعايطة، رئيس دائرة الأوراق المالية في بنك أبوظبي الوطني، إن تأجيل قرار الإدراج لبعض الشركات العائلية في التحول إلى شركات مساهمة خاصة أو عامة بسبب ظروف الأسواق المالية، والاعتقاد بأن ضعف السيولة يمثل عائقاً هو اعتقاد غير صحيح، لأن السيولة متوافرة ولكنها تترقب الفرصة الجيدة. وأضاف أن أسباب عدم التوجه نحو الإدراج بالنسبة لهذه الشركات تتعلق بالأساس بالتكلفة المادية العالية للتحول، وتخوف ملاك تلك الشركات من التعرض إلى ضغوط من الجهات الرقابية التي ستطالب الشركات بقواعد رقابية صارمة من أجل التحول.

وأضاف أن من الأسباب الأخرى تخوف رؤساء الشركات العائلية من تدخل حملة الأسهم في القرارات الاستثمارية الخاصة بالشركة نظراً لمشاركة عدد منهم كأعضاء في مجلس الإدارة وفقاً لنسبة الأسهم المطروحة من رأس المال، وكذا إلزام الشركات العائلية حال تحولها إلى مساهمة عامة بالإفصاح عن النتائج المالية وكل التطورات والأحداث الجوهرية ما يجعل أصحاب تلك الشركات يتخوفون من إطلاع الشركات المنافسة على التفاصيل الخاصة بالشركة. وأوضح المعايطة أن في المقابل تستفيد الشركات العائلية من التحول إلى مساهمة عامة من خلال ضمان مؤسسي تلك الشركات استمراريتها في العمل وانتقال الملكية من جيل إلى آخر.

وأشار إلى أن خضوع الشركات المساهمة لقواعد الحوكمة يضمن إدارة الشركة بشكل سليم ما يعني نجاح الشركة حتى في حال غياب الجيل الأول المؤسس، لافتاً إلى أن الشركات العائلية تستفيد أيضاً من خلال حصولها على خيارات تمويلية للتوسع ومنها طرح أسهم لزيادة رأس المال أو إصدار صكوك وسندات أو حقوق الامتياز كبديل عن الاقتراض.

وأضاف أن المشكلة التي تواجه تلك الشركات هي خشية الإدارة من عدم تقييم السوق والمكتتبين لسعر عادل للسهم عند الطرح، وهي مشكلة تم التغلب عليها عبر اتباع آلية البناء السعري للورقة المالية، حيث يتم تحديد نطاق سعري للسهم ثم يتم تحديد السعر النهائي من خلال الطلبات الفعلية للجهات الراغبة في المشاركة في الاكتتاب.

ضمان: النفط سبب تأجيل طرح الأسهم للاكتتاب العام

قال أحمد سيف الدين، مدير عام، ضمان للأوراق المالية، إنه وفي الفترة الماضية تحديداً خلال العامين الماضيين أدى انخفاض أسعار النفط الى التأثير بشكل مباشر وغير مباشر على الأسواق المحلية والعالمية وانخفاض السيولة المتداولة لأسباب عديدة منها أسباب جيوسياسية بالمناطق المجاورة ما أدي لانخفاض السيولة المتداولة في الأسواق والتي بتداعياتها تجعل هذه الشركات تعيد النظر في اتخاذ عملية الإدراج وعلى صعيد آخر وجود بعض الأحداث التي أدت بدورها في تراجع النشاط الاقتصادي عالميا وانعكاساته على السوق المحلية مثل مشروع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتبعياته. كل هذه العوامل شاركت في خفض حجم السيولة المتداولة وبالتالي اعادة النظر من قبل هذه الشركات في توقيت الإدراج.

وكانت الشركة قد أعلنت في شهر نوفمبر من العام 2014، عزمها طرح 55 % من أسهمها للاكتتاب العام، وإدراج أسهمها في سوق دبي المالي خلال الربع الأول من 2015. لكن ومنذ ذلك الوقت لم يتحقق الطرح إلى الآن ولم تصدر من الشركة أية تصريحات عن أنها أجلت الفكرة أو ألغتها. أحمد سيف الدين عاد وأكد أن الفترة المقبلة «سنشهد عودة الزخم مرة أخرى وإقبال العديد من الشركات على الإدراج في أسواق المال».

«مباشر»: الانتقال من السوق الثانية إلى سوق دبي قريباً

قال وائل درويش، مدير عام مباشر للخدمات المالية، إلى أن السوق الثانية تمثل فرصة كبيرة وممتازة للشركات الصغيرة والمتوسطة من فئة المساهمة الخاصة، مؤكداً أن شركة مباشر قد اندمجت مع الصفوة للدخول إلى السوق تمهيداً لاكتتاب عام في سوق دبي المالي قريباً. وقال:«هدفنا أن نستحوذ على حصة كبيرة من السوق المحلية والإقليمية ثم بعد ذلك نتجه نحو طرح أسهمنا في سوق دبي».

المصدر: البيان