ياسر الغسلان
ياسر الغسلان
كاتب و مدون سعودي

احتجاج الحجاب السويدي

آراء

تعرضت فتاة مسلمة يوم الأحد الماضي في العاصمة السويدية ستوكهولم لاعتداء عنصري بسبب ارتدائها الحجاب، مما دفع عددا كبيرا من سيدات المجتمع السويدي غير المسلمات لإطلاق حملة باسم “احتجاج الحجاب” اشترك فيها سياسيون ومقدمو برامج تلفزيونية، وذلك من خلال نشر صور لهن في مواقع التواصل الاجتماعي وهن لابسات الحجاب تضامنا مع الفتاة، وكذلك من أجل حث الحكومة السويدية على ضمان حقوق النساء المسلمات في المجتمع السويدي.

الحملة شهدت تلبية أكثر من 4 آلاف شخص للدعوة عبر موقع تويتر بعد يوم واحد من إطلاقها، وقام كذلك أكثر من 100 شخص في موقع إينستاغرام بنشر صور لهن ورؤوسهن مغطاة بالحجاب، فيما انضم أكثر من 8500 شخص بعد ظهر الثلاثاء إلى مجموعة تحمل اسم حركة “انتفاضة من أجل الحجاب” في موقع الفيسبوك.

وقد استقبلت وزيرة العدل السويدية بياتريس اسك يوم الثلاثاء الماضي، أي بعد يومين من إطلاق الحملة، ناشطات في تلك الحركة التي تمكنت بدورها من إقناع النساء السويديات بتغطية رؤوسهن بالحجاب، وذلك بهدف طرح مسألة وجود تمييز بنيوي، ولكي توصل رسالة للوزيرة بأن هناك شعورا لدى الحركة بأن هذا النوع من الجرائم يزداد تفشيا في ظل الحكومة الحالية.

في ستوكهولم، حيث أقضي بضعة أيام برفقة زوجتي، يلفت نظرك عدد لا محدود من مظاهر التحضر والمدنية، ليس فقط في الطرق والمباني والمرافق، بل كذلك في طريقة تعامل البشر مع بعضهم، وخصوصا مع الأغراب أمثالنا، وإن كانت حالة الاعتداء العنصري قد حدثت وربما لن تكون الأخيرة، إلا أن الشعب السويدي ما زال يبهرني يوما تلو الآخر بمستوى تمسكه بالمبادئ الإنسانية في التعامل وحقوق الإنسان وحق المواطنة للجميع من خلال التعايش الواضح مع المسلمين وغيرهم وانتشار مظاهر لثقافات شعوب تأتي من بعيد.

لم أستغرب أن تقوم سيدات في السويد من جميع الأديان والمذاهب، بمن فيهن لا دينيات، بمساندة فتاة تختلف عنهن جذريا في المعتقد والعادات والتفكير، لأنهن رغم ذلك الاختلاف ينطلقن من رؤية متأصلة في تربيتهن بأنهن جميعا يتساوين أمام الوطن وحقوقه عليهن وواجباته تجاههن، وذلك في تجل واضح لماهية أن يكون الوطن البيت الكبير للجميع.

أترك السويد وفي ذهني أمنية شخصية، وهي أن تصل روح حق الجميع في الوطن التي ألهمتها حملة (احتجاج الحجاب) لوطننا العربي الكبير المشتت بين تكفير ومزايدة وبين مذهبيين وعنصريين.

المصدر: الوطن أون لاين