الأميركيون ينتفضون ضد تجسس «وكالة الأمن القومي»

أخبار

تظاهر آلاف المحتجين في واشنطن، الليلة قبل الماضية، للمطالبة بإقرار قانون لإصلاح برامج المراقبة التي كلفت بها وكالة الأمن القومي المتهمة بانتهاك الحياة الخاصة، وهم يرفعون لافتات أمام الكونغرس كتب عليها «كفوا عن مراقبتنا» و«أوقفوا الأخ الأكبر» و«أوقفوا التجسس على الجماهير»، فيما كشفت وثائق مسرّبة أن الوكالة تجسست على نحو 125 مليار اتصال هاتفي ورسائل نصية خلال شهر يناير من العام الجاري، كانت أغلبيتها على دول شرق أوسطية.

وتفصيلاً، بعد 12 عاماً تماماً على تبني الكونغرس للقانون الوطني (باتريوت اكت) لتوسيع عمل الاستخبارات في مجال مكافحة الإرهاب، بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001، دعا المحتجون الى وقف «التجسس الأميركي» و«الأكاذيب».

وتأتي هذه التظاهرة وسط فضيحة نجمت عن تسريب مستشار سابق في الاستخبارات الأميركية لمعلومات تتحدث عن تنصت على اتصالات داخل الولايات المتحدة وخارجها، بما في ذلك على قادة اجانب. وأثار كشف المعلومات عن برامج المراقبة الواسعة هذا القلق في الولايات المتحدة بشأن دور وكالة يعتقد البعض انها اصبحت خارجة عن السيطرة.

وتجمع المتظاهرون الذين بلغ عددهم بحسب المنظمين 4500 شخص امام مبنى الكابيتول مقر الكونغرس، واطلقوا هتافات ضد وكالة الامن القومي، من بينها «وكالة الامن القومي يجب ان ترحل» و«اوقفوا الحكومة السرية وكفوا عن التجسس وكفوا عن الكذب». كما رفعوا لافتات كتب عليها «كفوا عن مراقبتنا».

وقدم المتظاهرون الى الكونغرس عريضة وقعها عبر الانترنت اكثر من 575 ألف شخص تطالب البرلمانيين بـ«كشف الحجم الكامل لبرامج التجسس لوكالة الامن القومي» المكلفة اعتراض الاتصالات على انواعها.

ومنذ يونيو كشفت تسريبات ادوارد سنودن المستشار السابق في الوكالة المكلفة مراقبة الاتصالات، تسجيل معطيات هاتفية لمواطنين اميركيين ومراقبة مكالمات ملايين الفرنسيين والتنصت على الهواتف الجوالة لعدد من قادة الدول، وأبرزهم المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيسة البرازيلية ديلما روسيف. وأدى الكشف عن هذه المعلومات الى احراج كبير لإدارة الرئيس باراك أوباما.

وجرت التظاهرة في ذكرى مرور 12 عاماً على اقرار قانون «باتريوت اكت» الذي منح وكالات الاستخبارات صلاحيات موسعة لمكافحة الارهاب وحماية الأمن القومي.

وقال رئيس مجموعة الاعلام والتكنولوجيا الحرة كريغ اهارون، امام الحشد ان «الاميركيين ليسوا وحدهم العالقين في هذه القضية. نحتاج الى اتخاذ موقف من اجل بقية العالم ايضاً». وأضاف ان «الامر لا يتعلق باليمين واليسار بل بالخير والشر».

وأشار تريفور تيم (28 عاماً) من مجموعة الحقوق الرقمية «الكترونيك فرنتير فاونديشن» السبت الى انها المرة الاولى التي يتجمع فيها الناس من اجل الدفاع عن حياتهم الخاصة. وقال تيم إن «الرأي العام الاميركي غير كثيراً في نظرته الى وكالة الامن القومي والخصوصية». و«الكترونيك فرنتير فاونديشن» واحدة من نحو 100 منظمة تجمعت في تحالف متنوع انشئ للضغط على الكونغرس. ومع كشف المعلومات عن عمليات التنصت اضطرت ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما لاتخاذ اجراءات في اغسطس من اجل ضمان شفافية اكبر في برامج المراقبة، بما في ذلك البرنامج الذي سبب اكبر صدمة للأميركيين ويتعلق بجمع المعطيات من تسجيل اتصالات هاتفية.

وينوي الكونغرس الاميركي عقد جلسات استماع بشأن برامج المراقبة في الاسابيع المقبلة بينما طُرح عدد من مشروعات القوانين لتعديل هذا النظام. وفي رسالة وجهها الى المتظاهرين، قال سنودن «اليوم، لا يجري احد في اميركا اتصالاً من دون ان يكون له تسجيل لدى وكالة الامن القومي. اليوم لا عملية شراء عبر الانترنت تدخل الى اميركا او تخرج منها من دون ان تمر على وكالة الامن القومي». وأضاف ان «ممثلينا في الكونغرس يقولون لنا ان هذا ليس مراقبة وهذا خطأ».

في السياق نفسه، ذكر موقع «كريبتوم»، المتخصص في نشر الوثائق السرية، أنه جرت 7.8 مليارات عملية تجسس على الاتصالات في المملكة العربية السعودية، ومثلها في العراق. فيما وصل سقف عمليات التجسس على مصر إلى 1.9 مليار اتصال، و1.6 مليار اتصال في الأردن.

وأكبر عمليات التجسس كانت في أفغانستان، حيث تم التنصت على 21.98 مليار عملية اتصال فيها، وأتت بعدها باكستان بـ12.76 مليار اتصال، والهند بـ6.28 مليارات اتصال. وأتت في رابع مرتبة بين دول الشرق الأوسط إيران مع التنصت على 1.73 مليار اتصال في إيران، بحسب الوثائق.

وذكرت صحيفة «ميل أون صندي» أمس، أن الولايات المتحدة استخدمت قاعدة جوية في بريطانيا للتنصت على المكالمات الهاتفية للمستشارة الألمانية، انغيلا ميركل، والعشرات من زعماء العالم الآخرين.

ونقلت صحيفة «بيلد ام سونتاغ» الألمانية أمس، عن مصادر في الاستخبارات الأميركية، ان رئيس وكالة الامن الاميركية كيث الكسندر ابلغ اوباما بعملية تنصت على اتصالات ميركل في 2010. وقال مسؤول في وكالة الامن القومي الاميركية للصحيفة، ان «اوباما لم يوقف هذه العملية بل سمح باستمرارها».

من جهتها، ذكرت مجلة «دير شبيغل» انها تملك وثائق من وكالة الامن القومي الاميركية تفيد بأن المستشارة الالمانية مدرجة على لوائح التنصت منذ عام 2002، وكانت مازالت على هذه اللوائح قبل زيارة الرئيس الاميركي الى برلين في يونيو الماضي.

وكانت ميركل صرحت خلال قمة قادة الاتحاد الأوروبي نهاية الاسبوع في بروكسل «التجسس بين اصدقاء، هذا غير مقبول على الاطلاق».

وتساءلت صحيفة بيلد «هل ان اوباما عديم الاخلاق او تجاوزته الأحداث؟»، بينما تحدثت صحيفتا دي فلت المحافظة و«فاز» عن «افول اسطورة» باراك اوباما، وأفادت بأن الرئيس الاميركي اكد الاربعاء للمستشارة انه لم يكن على علم بالتنصت على هاتفها النقال. وقالت «دير شبيغل» ان اوباما قال لميركل انه لو علم بذلك لأوقف العملية فوراً.

وبدأت ألمانيا حملة دبلوماسية اثر كشف معلومات عن تجسس الولايات المتحدة على هاتف ميركل النقال، ما اصابها بخيبة امل بعد اكتشاف الوجه الجديد لـ«الصديق الأميركي».

المصدر: عواصم – وكالات