محمد الحمادي
محمد الحمادي
رئيس تحرير صحيفة الرؤية

الإرهاب ورمضان المسلمين

آراء

قبل أن تغمض أعين الناس في هذه المنطقة، كان الكل يتساءل أين سيضرب الإرهاب في اليوم الرابع من رمضان؟ فبعد استهداف الإرهاب في صباح أول يوم من رمضان مقر المخابرات الأردنية بمخيم البقعة، الذي استشهد فيه خمسة من أفراد المخابرات العامة، تلقى العالم خبر الهجوم على حافلة قوات مكافحة الشغب في صباح الثاني من رمضان في حي بيازيد في اسطنبول، والذي راح ضحيته 11 بينهم سبعة من رجال الشرطة بالإضافة إلى 36 جريحاً، وبالأمس في ثالث أيام شهر رمضان المبارك استهدفت سيارة مفخخة مقر الشرطة في محافظة ماردين جنوب شرق تركيا، وأسفرت عن سقوط ثلاثة قتلى و30 جريحاً، ومن البديهي أن يكون سؤال ليلة البارحة قبل أن ينام الآمنون هو: على ماذا سيستيقظ الناس هذا الصباح؟ وأي مدينة ستضربها يد الإرهاب الغادرة في هذا الشهر الفضيل؟! الذي هو شهر الرحمة والإيمان والتسامح والعفو، والذي حوله الإرهابيون إلى شهر القتل والتفجير والغدر والخوف!

منطق الإرهابيين مقزز، ومجرد استعدادهم للقتل في شهر رمضان أمر يدعو للأسف، فكيف أصبح منا ومن بيننا من نال منه الجهل والكره والحقد والإجرام حداً جعله مستعداً كي يقتل الأبرياء في هذا الشهر المبارك، وأن يروع الآمنين ويدخل الرعب في قلوب الصغار والكبار؟ فأي دين يدين به هؤلاء وأي شرع يتبعون؟

رمضان المسلمين مختلف تماماً عن رمضان الإرهابيين، ففي رمضان المسلمين، المؤمنون يستعدون ليومهم التالي بالصلاة والقيام والسحور وقراءة القرآن، ولا يتوقفون عن الابتهال بالدعاء، وهم يتزاورون ويتراحمون ولا يفرقون بين مسلم وغير مسلم في العطاء والرحمة، أما رمضان الإرهابيين فليله في تغذية كره الآخرين، وفي تفخيخ أنفسهم أو تفخيخ السيارات لقتل الآمنين في النهار.

في الإمارات، شهد مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بالأمس المحاضرة الرمضانية الأولى، والتي كانت حول موضوع في غاية الأهمية وهو «حماية المجتمع من التطرف»، وألقاها الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري، والذي أثار نقاطاً مهمة، وأكد فيها أن الفكر الإرهابي يشكل خطراً على الدين والوطن والإنسانية، وأكد المحاضر أنه ليس فقط علينا تجديد الخطاب الديني، بل تجديد مناهج التعليم والخطاب الثقافي والإعلامي.

وكم نحن بحاجة إلى مثل هذه الجلسات التي تعكس الحرص على نشر قيم التسامح والوسطية والاعتدال، وقيم قبول الآخر مهما كان دينه أو طائفته أو عرقه أو لونه، فخطاب السلام هو الذي يجب أن يسود وينتشر، وأن يقف بقوة في وجه خطاب الإرهاب، ويجب أن نحمي أبناءنا من فكر الإرهابيين الذين يزينون للواهمين قتل أنفسهم ويخدعونهم بالجنة وبالحور العين من خلال تفجير أنفسهم في نهار رمضان وهم صائمون، أو باللحاق بالإفطار مع الرسول «صلى الله عليه وسلم»، كما وصى الانتحاري الذي فجر نفسه في أحد مساجد الكويت العام الماضي.

المصدر: الإتحاد