الإرهاب يغتال الكاتب الأردني حتر أمام قصر العدل

أخبار

قُتل الكاتب الأردني اليساري، ناهض حتر «56 عاماً» أمام قصر العدل في منطقة العبدلي وسط عمّان صباح أمس الأحد، بعد تلقيه 3 رصاصات في الرأس قبيل دخوله قاعة القضاء لاستكمال جلسات محاكمته على خلفية نشره رسوماً على صفحته الإلكترونية عُدت مسيئة.

وألقت الأجهزة الأمنية القبض على القاتل عقب محاولته الهرب بعد إطلاقه أعيرة نارية كثيفة صوب حتر الذي حاول فريق الإسعاف إنقاذه، لكنه فارق الحياة سريعاً. وذكر شهود عيان أن حالة من الفزع والهرج والمرج سادت عند سماع دوي الرصاص قبل رؤية حتر ملقياً على الأرض وسط بركة دماء.

ووفقاً للمعلومات فإن القاتل الذي ضبطته الأجهزة الأمنية مع سلاح ناري «مسدس عيار 7 ملم» مُتشدد دينياً وملتح ويرتدي ثوباً بنيّ اللون ويضع «حطّة» على رأسه واسمه رياض إسماعيل عبد الله «49 عاماً» يسكن منطقة الهاشمي الشمالي في عمّان التي شهدت حملات أمنية سابقة. وذكرت معلومات أن القاتل إمام مسجد مطرود، وكان خارج الأردن وعاد إليها أخيراً، قادماً من الحج.

ولفت مصدر إلى أن التحقيقات تستمر مع القاتل لمعرفة إن كان هناك جهات تقف خلفه، في وقت تبادلت حسابات لمؤيدي تنظيم «داعش»الإرهابي التهاني باغتيال حتر الذي عرف أثناء حياته بعدائه للإرهابيين والإسلام السياسي.

وطوّقت قوات الأمن منزل أهل القاتل الذي أقرّ مبدئياً بارتكابه الجريمة بسبب المنشور الإلكتروني، وتوجّهت فرق من الدرك إلى مسقط رأس حتر في منطقة الفحيص غربي عمّان للسيطرة على احتجاجات ميدانية. وعقد وزير الداخلية سلامة حماد اجتماعاً طارئاً مع قيادات أمنية للوقوف على التداعيات.

ورفضت عائلة حتر استلام جثته وحمّلت الحكومة مسؤولية مقتله على اعتبارها لم تُحسن تأمينه، ووصفت العائلة عملية اغتياله بالعمل الإرهابي. ودعا ابن عمه، سعد حتر الحكومة إلى محاسبة المسؤولين عن هذا العمل، فيما أكد المدعي العام أن جلسة المحاكمة كانت سرية. وكشف تقرير الطب الشرعي عن تلقي حتر 3 رصاصات في الرأس أدت إلى تهتك الدماغ ووفاته فوراً، فضلاً عن رصاصة أصابت الرئة وخامسة في ساعده الأيمن.

وأفاد محمد الجغبير، مرافق حتر إلى المحكمة أنه كان مع مراسل إحدى القنوات الفضائية عندما تقدّم منه القاتل وأطلق أعيرة نارية من سلاح كان مخفياً في «كيس»، وذلك على بعد متر واحد.

وأكد مقرّبون من حتر تلقيه عشرات التهديدات مؤخراً وإخطار الجهات المعنية بذلك.

واتهم أحد أصدقاء حتر صحيفة تصدر عن جماعة «الإخوان» الفاقدة للشرعية بالتحريض ضده والتأجيج المتزايد.

وأوقفت الأجهزة الأمنية حتر منتصف أغسطس الماضي بتهمة الإساءة للذات الإلهية وإثارة النعرات المذهبية، لكنه أنكر تعمده ذلك وبرر نشره الرسوم الكاريكاتورية على صفحته الإلكترونية مرفقة بعنوان «رب الدواعش»، بأنها تصف مفاهيم مغلوطة للآخرة والجنة عند الإرهابيين.

وأضاف قبل أن يغلق صفحته الشخصية أن «الذين غضبوا من هذا الرسم نوعان: أناس طيبون لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين وتنزيه للذات الإلهية عما يتخيل العقل الإرهابي، وهؤلاء موضع احترامي وتقديري».

وتابع أن النوع الثاني «اخونج داعشيون يحملون الخيال المريض نفسه لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية. وهؤلاء استغلوا الرسم لتصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بما يزعمون».

وأُفرج عن الكاتب 8 الجاري بكفالة مالية مع استمرار جلسات محاكمته.

واستنكرت الحكومة الأردنية في بيان رسمي جريمة الاغتيال وأكدت أنها تتنافي تماماً مع قيم العدالة الواجب تحقيقها. وشددت على أن «اليد التي امتدت لقتل حتر ستلقى العقوبة والقصاص».

وونقلت وكالة الأنباء الأردنيّة (بترا) عنوزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمّد المومني ،قوله إنّ «الثقة بالقضاء الأردني وبأجهزتنا الأمنيّة عالية في متابعة ومحاسبة من اقترف هذه الجريمة النكراء»، مشدّداً على أنّ اليد التي امتدّت إلى الكاتب حتّر ستلقى القصاص العادل حتّى تكون عبرة لكلّ من تسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة الغادرة.

وشدد المومني على ملاحقة «من يستغلون الجريمة النكراء في نشر العصبية والفتنة والفرقة».

ودانت أطراف سياسية ودينية وفكرية وإعلامية بينها أحزاب المعارضة ونقابة الصحفيين و«تحالف الإصلاح» الذي يقوده حزب جبهة العمل الإسلامي اغتيال حتر و«عدم تحكيم لغة العقل وترك القانون ليأخذ مجراه».

ووصف مراقبون بينهم نوّاب الحادثة بأنها تحاول مس أمن واستقرار البلاد وتعبّر عن فكر إرهابي متطرف أسهم محرضون في تأجيجه طوال الفترة الماضية.

ونعتوا عملية الاغتيال بأنها «جريمة شنعاء تهدف إلى زرع الفتنة ضد التسامح والتعايش». وعبّر بعضهم عن مخاوف من تداعياتها.

كما استنكرت دائرة الإفتاء الأردني في بيان لها جريمة الاغتيال، مؤكدة أن الدين الإسلامي بريء من هذه الجريمة البشعة، ويمنع الاعتداء على النفس الإنسانية، ذلك أنه دين الرحمة والعدل والتسامح.

المصدر: الخليج