الإمارات تستعد لـ «مارس القراءة» لتعزيز ثقافة الفرد وتميز المجتمع

أخبار

«اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ *اقْرَأ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم»، آيات تحمل في مضمونها دلالة كبيرة وعميقة على أهمية القراءة كمحور أساسي للعلم والمعرفة، ومسار تنويري لبناء الأمم.

ولا شك أن جهود الإمارات مشهودة، في رحلة العلم والمعرفة، ودعم مسارات القراءة داخلياً وخارجياً، إذ تحمل بين ثناياها المزيد من الآثار الإيجابية في مستقبل الأجيال، وتسجل إنجازات نوعية تستحق التوثيق في تاريخ المعرفة، بفضل توجيهات القيادة الرشيدة للدولة، المتمثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

واليوم ونحن بصدد انطلاق فعاليات القراءة التي خصص لها مجلس الوزراء شهر مارس/آذار من كل عام، شهراً للقراءة، بدءاً من 2017، نتذكر مسيرة الإمارات في نشر مفاهيم القراءة، وتعزيز مكانتها ومساراتها في جميع ربوع الأرض، من خلال مبادرة نوعية تعبر عن أفعال تبدد ظلمات الجهل والأمية بمشاعل القراءة، التي تضيء الميادين بمبادرات العلم والمعرفة.

ولعل مبادرة «عام 2016..عاماً للقراءة»، جاءت تتويجاً لعدد كبير من المبادرات التي شهدتها مسيرة الثقافة والمعرفة في الإمارات، والتي من الصعب حصرها، ولعل من أبرز المبادرات التاريخية التي شهدها العام 2016، تتمثل في استراتيجية القراءة ل10 أعوام مقبلة، وصندوق ب 100 مليون درهم لدعم أنشطة القراءة، فضلاً عن «قانون القراءة»، المنظومة التشريعية المتكاملة، التي تعد الأولى من نوعها في العالم.

ومبادرة تحدي القراءة العربي التي جمعت تحت مظلتها أكثر 3 ملايين و583 ألفاً و817 طالباً وطالبة، وإجمالي الكتب التي تمت قراءتها 175 مليون كتاب من مختلف المعارف، بالإضافة إلى مؤشر القراءة العربي الذي أعدته مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، بالشراكة مع المكتب الإقليمي للدول العربية «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ووضع الدولة ضمن أفضل 5 دول تقدماً في القراءة عربياً، وبلور واقع المستوى العربي في القراءة، وحملة«أمة تقرأ» لتوزيعِ 5 ملايين كتاب على الأطفال في مخيمات اللاجئين وفي المدارس المحتاجة حول العالم.

وركزت جهود الإمارات على دعم القراءة بمساراتها كافة، إيماناً منها بأن تلك المبادرات تحاكي في مضمونها المهارة الأساسية والمرتكز الحقيقي، لجيل جديد من العلماء والمفكرين والباحثين والمبتكرين، وخطوة جادة نحو ترسيخ ثقافة العلم والمعرفة، واستكمالاً لسلسلة المشروعات الثقافية والفكرية والمعرفية التي أطلقتها الدولة منذ نشأتها.

رصدت «الخليج» عدداً من مبادرات الإمارات في العام 2016، التي أسهمت في رسم مسارات جديدة نوعية لتغذية العقول، وإحياء سبل الأهمية بالقراءة ومفاهيمها، واستعادت مكانتها وقدراتها بين الشعوب عربياً ودولياً.

البداية كانت مع «الاستراتيجية الوطنية للقراءة» (2016-2026)، التي جاءت في إطار عام القراءة 2016 الذي أعلن عنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، وساهم في إطلاقها 5 وزراء، يتمثلون في محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، وعبد الرحمن بن محمد العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع، وحسين بن إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، ونجلاء بنت محمد العور، وزيرة تنمية المجتمع، والدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر، وزير دولة، وعفراء الصابري، وكيل وزارة الثقافة وتنمية المعرفة.

وتضمنت الاستراتيجية محاور رئيسية ركزت على رسم السياسة الوطنية ووضع خطة استراتيجية للقراءة وإصدار قانون، وإقرار برنامج تعليمي وصحي وإعلامي، فضلاً عن برنامج صناعة المحتوى وصندوق وطني لدعم القراءة، بالإضافة إلى 30 توجهاً وطنياً رئيسياً في قطاعات التعليم والصحة والثقافة وتنمية المجتمع والإعلام والمحتوى.

وارتكزت الاستراتيجية على 7 محاور رئيسية تتمثل في«وضع قانون للقراءة»، وإطلاق 30 مبادرة وطنية تتولى تنفيذها 6 قطاعات، وإنشاء الصندوق الوطني لدعم القراءة، بقيمة 100 مليون درهم، فضلاً عن البرنامج التعليمي الذي تساهم به وزارة التربية والتعليم في تحقيق أهداف السياسية الوطنية للقراءة، ويصب في تغيير الأنظمة التعليمية لدعم القراءة، وثم البرنامج الصحي الذي تطلقه وزارة الصحة ويقوم على بناء الإمكانات الذهنية للأطفال والحفاظ على القدرات الذهنية لكبار السن، وبرنامج الإعلام والمحتوى الذي يشرف عليه المجلس الوطني للإعلام ويقوم على وضع سياسات إعلامية تدعم القراءة، وخطة وطنية تدعم النشر، بالإضافة إلى برنامج قراءة مدى الحياة الذي تطلقه وزارة تنمية المجتمع، ويقوم على تفعيل دور العمل التطوعي، ومبادرات المسؤولية المجتمعية لدعم القراءة.

قانون القراءة

وفي مبادرة تعد الأولى على مستوى العالم، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أول قانون من نوعه للقراءة، يضع أطراً تشريعية وبرامج تنفيذية ومسؤوليات حكومية محددة، لترسيخ قيمة القراءة في الدولة بشكل مستدامٍ، في بادرة حضارية وتشريعية غير مسبوقة في المنطقة، بهدف دعم تنمية رأس المال البشري، والمساهمة في بناء القدرات الذهنية والمعرفية، ودعم الإنتاج الفكري الوطني، وبناء مجتمعات المعرفة في الدولة.

ويكتسب القانون أهمية استثنائية، إذ جاء شاملاً على المستوى الوطني، يبرز اهتمام الدولة وقيادتها بالتنمية البشرية من الجوانب كافة، وسعيها إلى تطوير الأصول الثقافية لمواطنيها، بما يكفل إعداد وتأهيل أجيال قادرة على أن تؤسس لإرث فكري إماراتي يمكن تطويره والبناء عليه.

كما يضع أطراً ملزمة لجميع الجهات الحكومية في القطاعات التعليمية والمجتمعية والإعلامية والثقافية، لترسيخ القراءة لدى كل فئات المجتمع بمختلف المراحل العمرية.

ويغطي كل ما يتصل بالقراءة من تطوير ونشر وترويج وأنظمة داعمة، بما يضمن استمرارية جهود تكريس القراءة، ويعزز التكامل بين القطاعات والقوانين الرئيسية المعنية بالعلم والثقافة، وهي قوانين التعليم وحقوق الملكية الفردية والنشر والمطبوعات، ويتسم بالوضوح، عبر تحديد الجهات المعنية بتطبيق مواده، وتبيان أوجه التعاون في ما بينها، كما يوفر آلية تمكين محددة، عبر وضع خطط تنفيذية تخضع للمتابعة والمراجعة.

ويشكل ريادة على أكثر من صعيد، إذ يجعل القراءة حقاً ثابتاً ومتاحاً للجميع، يتم تكريسه من الولادة عبر توفير ثلاث حقائب معرفية تغطي احتياجات الطفل من مرحلة الرضاعة حتى الرابعة من العمر، بواقع حقيبة كل عامين.

مفهوم التطوع المعرفي

ويطرح لأول مرة مفهوم التطوع المعرفي، من خلال تشجيع فئات المجتمع على تخصيص جزء من أوقاتها للقراءة لكبار السنّ والمرضى والأطفال، ومن في حكمهم، ممن يعجز عن القراءة، ضمن مقاربة تعكس رقياً حضارياً.

ويسعى إلى تكريس القراءة كأحد المظاهر الثابتة في المرافق العامة في الدولة، عبر إلزام المقاهي في المراكز التجارية بتوفير مواد للقراءة لمرتاديها، فضلاً عن ترسيخ احترام الكتاب كقيمة أساسية بين الطلبة، يتعين صونها وعدم إتلافها، وإعادة استخدامها أو التبرع بها.

ويرتقي القانون بالمنظومة التعليمية، بحيث لا تكون منفصلة عن القراءة التثقيفية، من خلال إلزام المدارس والجامعات بتطوير مكتباتها، وتشجيع القراءة بين الطلبة عبر خطط سنوية تضعها المؤسسات التعليمية كافة.

ويعد أول تشريع يعطي الموظف الحق في القراءة التخصصية ضمن ساعات العمل الرسمية، بوصف الثقافة المهنية أو التخصصية شرطاً لتطوير الأداء وتحسين الإنتاجية، فضلاً عن تأكيد أهمية حفظ وأرشفة الإنتاج الفكري المقروء في الدولة، ويطرح مفهوماً مبتكراً للمكتبات العامة، من خلال تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال.

ويتضمن القانون، «18» مادة، ويستند إلى سبعة مبادئ توجيهية تستوجب مراعاتها، تتمثل في أن تنبع القراءة من صميم المبادئ الإسلامية والموروث الثقافي والحضاري للدولة، كما تشكل العنصر الأساسي لتحصيل العلم وتعزيز الإبداع الفكري، وبناء مجتمع قائم على المعرفة.

تمكين القراءة

وضمن تمكين القراءة في المجتمع.. ينص القانون على أن تعمل الجهات الحكومية المعنية في القطاعين الصحي والتعليمي في الدولة، على تطوير القدرات اللغوية للأطفال في المراحل العمرية المبكرة، ويركز على ضرورة التكامل التام بين المنظومة التعليمية والقراءة، حيث ينص على أن تتولى وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية بقطاع التعليم تطوير المناهج والأنظمة التعليمية، لتعزيز مهارات القراءة لدى الطلبة، وإلزام المنشآت التعليمية الخاصة بتطوير مناهجها الدراسية، لتمكين الطلبة من تطوير قدراتهم اللغوية، وإلزام المنشآت التعليمية كافة بتوفير مكتبات تتناسب مع احتياجات الطلبة واهتماماتهم.

ويضع معايير دولية لتقييم المكتبات في المنشآت التعليمية، والإشراف على تطبيقها، وإلزام جميع المنشآت التعليمية بوضع خطة سنوية لتشجيع القراءة بين الطلبة، وكذلك إلزامها بوضع برامج لتطوير مهارات المعنيين بالقراءة من العاملين لديها، بجانب اعتماد ثقافة وسلوك القراءة ضمن المعايير الخاصة بتقييم المنشآت التعليمية.

5 ملايين كتاب

ومن ضمن جهود الدولة لدعم القراءة ونشر ثقافتها في مختلف الميادين داخلياً وخارجياً، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في شهر رمضان المبارك أكبر حملة رمضانية معرفية ضمن مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، لتوزيعِ 5 ملايين كتاب على الأطفال في مخيمات اللاجئين وفي المدارس المحتاجة حول العالم.

وتأتي هذه الحملة في إطار حرص دولة الإمارات على أن تبقى سباقة في خدمة الإنسانية، حيث تنتقل هذا العام من إطعام الجائع وسقيا الماء، إلى سقيا العقول وتغذية الأرواح، وتهدف إلى تجهيز مكتبات في 2000 مدرسة في العالم العربي والإسلامي ب 2 مليون كتاب، ودعم مخيمات اللاجئين ب 2 مليون كتاب، فضلاً عن دعم البرامج التعليمية التي تقوم بها المؤسسات الإنسانية الإماراتية في العالم العربي والإسلامي بمليون كتاب.

أما مبادرة «تحدي القراءة العربي»، فتعد الأكبر عالمياً في التشجيع على القراءة لدى طلاب المدارس كخطوة جادة نحو التغلب على «هجرة المطالعة وأزمتها»، ودعوة صادقة لاستعادة أنشطة ميادين القراءة، وتعميقِ ثقافتها بين أفراد المجتمعات العربية، إذ تمثل القراءة وسيلةً فاعلة لتنمية قدراتِ الفرد الفكريةِ واللغوية، حيث نجحت في دورتها الأولى في استقطاب أكثر من 3 ملايين و583 ألفاً و817 طالباً وطالبة في 15 دولة عربية، وبلغ إجمالي الكتب التي تمت قراءتها 175 مليون كتاب من مختلف المعارف.

مؤشر القراءة العربي

وأبرز ما شهدته إنجازات الدولة في مسيرة القراءة، يتبلور في إطلاق مؤشر القراءة العربي، للمرة الأولى على المستوى العربي، حيث أعدته مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بالشراكة مع المكتب الإقليمي للدول العربية «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»، وكشف عن أن الإمارات ضمن أفضل 5 دول عربية متقدمة في القراءة، حيث تصدر لبنان الترتيب وجاء في المركز الأول، ثم جمهورية مصر العربية في المركز الثاني، يليها المغرب في المركز الثالث، ثم الإمارات في المركز الرابع، وأخيراً الأردن في المركز الخامس.

استخلص نتائج المؤشر من مسحٍ ميدانيٍّ، شملَ أكثرَ من 148 ألفَ شخصٍ من الدولِ العربيَّةِ كافة، منهم 5400 مشارك من الإمارات، بأن منسوب القراءة في الدولة بلغ 81%، ومعدل إلمام البالغين بالقراءة والكتابة وصل إلى 93%، ومتوسط ساعات القراءة سنوياً يقدر ب 51 ساعة، فيما بلغت نسبة إتاحة الفرصة للقراءة 84%..

وبلغ متوسط إتاحة الفرص في الأسرة 88%، و المدرسة 89%، فيما تقدر نسبة المجتمع 76%، ونسبة قياس السمات الشخصية فوصلت إلى 80%، أما القدرات بلغت 93%، والدافعية نحو القراءة فبلغت 80%، والاتجاهات 90%..

متوسط عدد الكتب

ويبلغ متوسط عدد الكتب المقروءة سنوياً في الإمارات باللغة العربية 18، وبلغة أجنبية 8، ومتوسط ساعات القراءة سنوياً خارج نطاق الدراسة والعمل 33 ساعة، وذات الصلة بالدراسة والعمل 20، ووثائق ورقية 24، ووثائق إلكترونية 28.

وحول نسب الاتجاهات نحو القراءة في الدولة، أفاد المؤشر أن 14 % من عبروا إيجابياً عن أن القراءة وهي النشاط المفضل لديهم، و11% منهم عضو في ناد أو مجموعة للقراءة، و81% رأوا أن القراءة ضرورة لا غنى عنها، و26% لديه حساب في مواقع متخصصة بالكتب والقراءة، و13% يشارك في مسابقات للقراءة 13%، و86% يرى أن القراءة لا تنتهي مع الدراسة، و80% أكد أن القراءة لا تقل أهمية عن الدراسة، و31% يتبع بانتظام المكتبات الرقمية، و24% يرى أن القراءة ممارسة ثابتة في الحياة، و 76% يحترمون القراء.

وبلغت نسبة الأطفال القراء في الأسرة يومياً 37%، و50% عبروا عن أن للقراءة مكانة مهمة في الأسرة، و7% يقدم الكتاب كهدية، و37% يخصصون وقتاً للقراءة، وبلغ متوسط عدد الكتب في مكتبة المنزل 30 كتاباً.

مستوى ثقافي وتنويري

وفي تصريحاته أكد حسين بن إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، أن قانون القراءة، يعد وجهاً حضارياً جديداً، يبرز دور الدولة الريادي على المستوى الثقافي والتنويري، ومسلكاً لإحداث تغيير جذري في المفاهيم التي تعلي من قيمة القراءة، باعتبارها مصدراً سخياً للمعرفة، بحثاً عن مجتمع يتمتع بخصائص إنسانية وحضارية، تتسم بالرقي والتجانس والتناغم.

وأوضح أن القانون يؤكد مجدداً أن التعليم والقراءة صنوان لا يفترقان، وهما السبيل الأوحد نحو تحقيق الريادة المعرفية، والتحول نحو مجتمع الاقتصاد المعرفي المستدام الذي يعد ضمن أهم مؤشرات الأجندة الوطنية ورؤية الدولة 2021».

وأضاف أن الحراك التنموي الذي تشهده الدولة في مختلف الحقول، وما تقتضيه متطلبات الحداثة والمعرفة والجهود الحثيثة نحو التحول إلى مجتمع الاقتصاد المعرفي المستدام، يتطلب غرس عادة القراءة في مختلف مفاصل المجتمع، وتحديداً الطلبة باعتبارهم اللبنة الأساسية والرهان الأصيل لمستقبل مشرق وواعد لدولة الإمارات.

وقال، إن مبادرة «تحدي القراءة العربي»، تشكل انطلاقة حقيقية لمشروع نوعي استثنائي متفرد في أسبقيته وأهدافه الطموحة، باعتباره أول مبادرة ضخمة على المستوى الإقليمي تستهدف هذا العدد الهائل من الطلبة والمدارس في الوطن العربي، وكذلك مكامن أهدافه التي تستند إلى تعزيز اللغة الأم في نفوس الطلبة في مختلف مراحلهم السنية، عبر السعي نحو تشربهم مفردات وجماليات ومكنونات اللغة العربية التي تعد الوعاء الجامع والشامل لحضارتنا وثقافتنا وإرثنا العريق.

إطار شمولي

من جانبها وضعت وزارة التربية والتعليم إطاراً شمولياً يندرج تحت مظلته معايير وتوجهات تعتبر ركائز أساسية لغرس القراءة في نفوس الطلبة والميدان التربوي، وذلك انطلاقاً من توجهات الدولة المستندة إلى رؤية القيادة الرشيدة الرامية إلى تعزيز مفهوم القراءة، بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للقراءة 2026،

واعتمدت الوزارة مبادرة واسعة لترسيخ ثقافة القراءة لدى الطلبة والحقل التربوي تتضمن حزمة من البرامج والأنشطة والفعاليات التي تسهم في دفع عجلة القراءة وتحقيق الأهداف المرجوة التي وضعتها الحكومة وجسدتها في رؤيتها العصرية لمجتمع يتصف بالريادة والثقافة والمعرفة والابتكار.

ويتسع حيز أهداف تلك المبادرة، لتشمل «الطالب، المعلم والإداري والتربوي والموظف»، وتتسم بكونها هادفة ونوعية واستثنائية في مضمونها عبر طرح مسابقات تحفيزية للطلبة، وربط تقييم سلوك الطالب وأداء المعلم بمحصلته القرائية في كل عام، فضلاً عن إدراج القراءة ضمن الخطة التشغيلية للمدارس.

وتبدأ وزارة التربية والتعليم تطوير 18 مركزاً لمصادر التعلّم في المدارس الحكومية، بواقع 6 مدارس في كل من رياض الأطفال، والحلقة الثانية، والحلقة الثالثة ضمن المرحلة الثانية من التطوير، في حين بلغت مشتريات الكتب في الفترة من نوفمبر/‏تشرين الثاني 2015 إلى مارس/‏آذار 2016 نحو 6 ملايين و800 ألف درهم، إضافة إلى مشتريات معرض أبوظبي للكتاب التي بلغت حتى الآن ما يقارب 4 ملايين و300 ألف درهم، بمجموع عام يبلغ 11 مليوناً و100 ألف درهم، وسيتم توريدها للمكتبات خلال الأيام المقبلة.

إشكالية الأرقام

من جانبه يرى جمال بن حويرب، أن أهمية مؤشر القراءة تكمن في أنه يأتي للإجابة عن إشكالية الأرقام المتداولة سابقاً عن القراءة في العالم العربي، والتي كانت ضعيفة التوثيق ولا تتمتع بمنهجية صريحة، والحديث عن القراءة يتم بالمفهوم المطلق.

وأظهرت نتائج مؤشر القراءة العربي معلومات مخالفة تماماً لما هو متداول سابقاً، من خلال أدلة ومنهجية واضحة ودقيقة وموضوعية، موضحاً أن الواقع القرائي في المنطقة العربية سجل إقبالاً ملحوظاً للمواطن العربي على القراءة، بصرف النظر عن الوحدة المعتمدة لقياس منسوب القراءة، على عكس ما جاءت به التقارير والإحصائيات والبيانات التي نشرت حول المنطقة سابقاً.

تعزيز المنجزات

وقالت منى الكندي، مديرة الفعاليات في مشروع تحدي القراءة العربي، إن الاستعدادات للدورة الجديدة من التحدي تسير على قدم وساق، وفقاً للمخطط التنفيذي المعد من قبل اللجنة العليا المنظمة، ونهدف في الدورة الثانية إلى تعزيز المنجزات التي تحققت في الدورة الأولى، ورفع كفاءة التحدي بهدف زيادة معدل التفاعل الشعبي والرسمي العربي والدولي بصفته محوراً لتغذية عقول الشباب، وتعزيز قيم التسامح والابتعاد عن التطرف، وتشجيعهم على تكريس القراءة كجزء من حياتهم اليومية والارتقاء به ليكون مورداً واسعاً للثقافة والآداب والعلوم المختلفة.

وأضافت: بعد قراءة الطلبة العرب لأكثر من 150 مليون كتاب على مستوى الدول المشاركة، نطمح إلى رفع هذا العدد من خلال مضاعفة عدد الطلبة المشاركين في الدورة الثانية، فضلاً عن تشجيع كافة مدارس العالم العربي التي لم تشارك في الدورة الأولى لتكون جزءاً من نجاح التحدي في دورته الثانية، وفي هذا الإطار فقد انتهينا من طباعة 10 ملايين جواز كدفعة أولى، تم توزيعها على الأقطار العربية، وسيتم طباعة المزيد منها قريباً بهدف تغطية متطلبات التحدي من قبل الأعداد الكبيرة من الطلبة المتوقع مشاركتهم في الدورة الثانية.

2.4 مليون كتاب في مدارس دبي الخاصة

بلغ إجمالي عدد الكتب في مكتبات مدارس دبي الخاصة أكثر من 2.4 مليون كتاب، حرصاً منها على التفاعل بإيجابية، مع عام القراءة 2016، وبحسب تقرير رسمي لهيئة المعرفة والتنمية البشرية احتلت المدارس المتميزة مركز الصدارة في عدد الكتب التي تحتويها مكتباتها، بإجمالي 29 ألفاً و575 كتاباً، يليها المدارس الجيدة، بواقع 20 ألفاً و750 كتاباً، فيما بلغ عدد الكتب في المدارس ذات المستوى «المقبول»، حوالي 8444 كتاباً، وفي المدارس ذات المستوى «الضعيف» 2959 كتاباً.

3 محاور رئيسية

بُني مؤشر القراءة العربي على 3 محاور رئيسية، ينبثق منها 10 محاور فرعية، تتمثل في «منسوب القراءة» ويتبعه محاور: القراءة الورقية والإلكترونية والقراءة خارج الدارسة أو العمل والقراءة ذات الصلة بالدراسة أو العمل، فيما يضم محور «إتاحة فرص القراءة»، الإتاحة على مستوى الأسرة والمؤسسة التعليمية والمجتمع»، أما محور السمات الشخصية المعرفية والوجدانية فينبثق منه «القدرات والمهارات القرائية والاتجاهات نحو القراءة والدافعية نحو القراءة».

المشروع الأول عربياً

يعد مؤشر القراءة العربي المشروع الأول على مستوى المنطقة العربية، حيث يعدّ إضافة نوعية من شأنها إغناء مشروع المعرفة العربي، فضلاً عن مواكبة الاستراتيجية الوطنية للقراءة لدولة الإمارات، التي تهدف إلى إعلاء قيمة القراءة والتحفيز على جعلها ثقافة يومية في حياة أبنائنا، من خلال مبادرات ومشاريع تضمن تحقيق هذا الهدف وفق خطط زمنية محدودة.

5 مهام أساسية

تضمنت مسؤوليات اللجنة العليا التي تشرف على مبادرة عام القراءة، 5 مهام أساسية، تتمثل في وضع خطة استراتيجية متكاملة، وإطار وطني شامل للتشجيع على القراءة، وإحداث تغيير سلوكي مجتمعي لنشر ثقافة القراءة في كافة المرافق والمجالات ولدى جميع الفئات، فضلاً عن تنسيق كافة الجهود وإطلاق المبادرات من أجل ترسيخ دولة الإمارات عاصمة للمحتوى والمعرفة في المنطقة وتنفيذ توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، بتخريج جيل قارئ ومطلع يستطيع قيادة تنمية تقوم على المعرفة.

المصدر: الخليج