الإمارات دولة التسامح والانفتاح والتعايش المشترك

أخبار

بينما يعاني المسلمون من الدعاية السيئة بانتشار الإرهاب في دول غير إسلامية ودول عربية، ليلتصق بالإسلام، فإنه يجب على قادة العالم التلاقي والحوار، للتفاهم على موقف يفيد الإنسانية عامة، والعمل لتخليصها من العنف والتشدد والعنصرية والتفرقة بين الشعوب، بسبب الدين والجنس والعرق، وهنا تأتي زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للفاتيكان، ولقائه بابا الفاتيكان فرنسيس، لتكتسب أهمية كبيرة، لتكريس التسامح والتواصل والحوار بين الأديان، في هذه الفترة المشحونة بالصراعات، التي طفت فيها إلى السطح نوازع التشدد والغلو في صفوف أبناء أديان وحضارات عدة.

للقاء صاحب السمو ولي عهد أبوظبي والبابا فائدة عملية تضاف إلى أبعادها المعنوية، وتتمثل في تعديل نظرة الغرب إلى الإسلام والمسلمين، والتخفيف من حدة ظاهرة ما يعرف ب «الإسلاموفوبيا»، الناجمة عن تصرفات بعض العناصر التي تدعي انتماءها لأمة الإسلام، وهي ظاهرة تنعكس بشكل سلبي ومباشر على أبناء الجاليات المسلمة في الغرب وأوروبا، بما فيها إيطاليا، حيث يرى المراقبون أن دولة الإمارات تمتلك دوراً تستطيع من خلاله مواجهة الإرهاب والتطرف، ونشر ثقافة الحوار والتسامح، بالاعتماد على نموذجها السياسي والاجتماعي والفكري القائم على الاعتدال.

إن حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على تجسيد قيم التسامح والحوار، ظل بارزاً من خلال المبادرات العالمية التي تطلقها الإمارات خدمة للإنسانية، مثل: مركز مكافحة التطرف العنيف «هداية»، وغيرها من المبادرات الرائدة في مجال التعاون الدولي والتكامل العالمي، وترسيخ قيم التماسك والترابط والاحترام في العالم أجمع.

ويمثل هذا الاهتمام دعوة لجميع الأديان لاحترام الآخر والتعايش السلمي في أمان وبث القيم المشتركة، وتبادل الثقافات والخبرات في التصدي لما يواجه العالم من عنف وإرهاب، فما نواجهه حالياً من أعمال عنف وإرهاب يرجع معظمها للتستر بالدين.

دولة التسامح

وتعد دولة الإمارات حاضنة لقيم التسامح والسلم والتعددية الثقافية، وكفلت قوانينها للجميع الاحترام والتقدير، وجرمت الكراهية والعصبية وأسباب الفرقة والاختلاف، كما أن الدولة تعد شريكاً أساسياً في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز. 

وتحتضن الدولة كنائس ومعابد عدة تتيح للناس ممارسة شعائرهم الدينية، ولدى الدولة مبادرات دولية عدة ترسخ الأمن والسلم العالمي، وتحقق الرخاء والرفاهية والعيش الكريم للجميع، ومن أبرز الجوائز في هذا المجال «جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمية»، التي تنطلق من التعاليم الإسلامية السمحة، وتتجلى فيها معاني التسامح والاعتدال والوسطية، فضلاً عن دورها في خلق قنوات للتواصل مع الشعوب كافة، تعزيزاً للعلاقات الدولية، وتحقيقاً للسلام العالمي.

وخلد التاريخ وسيخلد الحكمة العظيمة التي حبا الله، عز وجل، بها الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي امتلك فكراً وحدوياً عز نظيره، استطاع به تأسيس دولة الإمارات، والارتقاء بأبنائها خلال وقت قياسي، وبموازاة ذلك سعى، طيب الله ثراه، إلى ترسيخ ما يتحلى به شعب الإمارات من قيم الإسلام الحنيف والعادات العربية الأصيلة، فجعل العدل والمساواة والتآلف والتسامح واحترام الآخر، من جميع الأديان والأعراق والثقافات، نهجاً ثابتاً لا يقتصر على الداخل بين مكونات المجتمع فقط، وإنما يحكم علاقات الدولة بالعالم الخارجي.

إلى اليوم، وبحسب نشرة «أخبار الساعة»، وفي عهد قيادتنا الرشيدة، ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، باتت الإمارات نموذجاً فريداً في تعزيز قيم التسامح والانفتاح على الآخر، والوسطية والتعايش، حيث ينعم أبناء أكثر من 200 جنسية بالحياة الكريمة والمساواة والاحترام على أرضها الطيبة. كما غدت، بفضل الرؤى الاستثنائية لقيادتنا الرشيدة، عاصمة عالمية تلتقي فيها حضارات الشرق والغرب، لتعزيز السلام والتقارب بين الشعوب كافة.

وضمن هذا الإطار جاءت الدعوة التي وجهها صاحب السمو رئيس الدولة، مؤخراً إلى البابا فرنسيس، لزيارة الإمارات، تأكيداً لسماحة الأديان السماوية والقيم الإنسانية المشتركة، التي تجمعنا للتعايش في سلام وتعاون ووئام.

وذكرت النشرة أن هذه الدعوة الكريمة تأتي لتجسد شاهداً جديداً يضاف إلى سجل لا يحصى من الشواهد الشامخة، التي تترجم المكانة المرموقة التي تحظى بها الإمارات، كنقطة مضيئة للتسامح والمحبة على الخريطة العالمية، حيث تبرهن على وعي قيادتنا الرشيدة وإدراكها أن تصاعد وتيرة العنف والصراعات في المنطقة والعالم، يعود في المقام الأول إلى تراجع ثقافة الحوار والتسامح والاحترام، لخدمة محاولات المتطرفين تشويه الأديان والتحريض على الكراهية الدينية، ما تتصدى له الإمارات محلياً وإقليمياً وعالمياً بكل حزم وإصرار.

الإمارات بهرت العالم باستحداث وزارة للتسامح، وأصدرت قانون مكافحة التمييز والكراهية الذي يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، وتحتضن مراكز فاعلة ومبادرات ضخمة، لتعزيز حوار الحضارات ومكافحة التطرف، وتمد يدها بالخير إلى جميع الشعوب دون تمييز، فاستحقت تتويجها مؤخراً في المرتبة الثالثة عالمياً في مؤشر الثقافة الوطنية المرتبط بدرجة التسامح والانفتاح وتقبل الآخر، ضمن الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2016، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية، ومتقدمة 5 مراتب عن العام الماضي، كمؤشر إضافي إلى اعتزامها مواصلة مسيرتها المكللة بالنجاح.

الإمارات والإرهاب

جددت دولة الإمارات في كل مناسبة التزامها بمكافحة التطرف والإرهاب بكل أشكاله وصوره، داعية المجتمع الدولي لمضاعفة جهود المكافحة الكفيلة بالوصول إلى مجتمعات آمنة وخالية من التطرف والإرهاب.

وخلال المناقشة العامة التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، بشأن استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، تجدد موقف الدولة المؤكد أن الإرهاب ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والثقافات والأديان، حيث لم تعد هناك دولة أو مدينة في العالم بمأمن من خطره، فقد تسببت الهجمات الإرهابية التي حصلت في السنوات الأخيرة في أضرار هائلة، منها وقوع آلاف القتلى والجرحى من المدنيين، وتفاقم أزمة المهاجرين، وتدمير الممتلكات والتراث الثقافي، ما يُحتم علينا أن نطور من الاستجابة الدولية لمواجهة الإرهاب.

وأكدت الإمارات في كلمتها، أن تبني المجتمع الدولي لاستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، وفر الفرصة للمجتمع الدولي لتقييم إنجازاته في هذا المجال، ووضع آليات لمواكبة التطورات الجديدة في مجال مكافحة الإرهاب والتحديات الجديدة، أهمها انتشار الأيديولوجيات المتطرفة والمقاتلين الإرهابيين الأجانب، واستخدام الجماعات الإرهابية لوسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة، لتحقيق أجندتها الخبيثة. ولفتت إلى أن الإرهاب ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه تتطلب من المجتمع الدولي اتباع أساليب مختلفة لمواجهتها، تتعدى العمليات العسكرية، وإنما تتم معالجته في كل مراحله بدءاً من معالجة جذور الراديكالية والتطرف إلى مكافحة عمليات التجنيد، وصولاً إلى تطبيق الحلول والقضاء على الفكر المتطرف.

نهج الدولة

وفيما يتعلق بالسياسات وأساليب الوقاية التي تنتهجها الدولة لمنع أعمال الإرهاب، وكل أشكال التطرف، قبل أن يتحول إلى تطرف عنيف حرصت دولة الإمارات على تمكين فئات المجتمع من بناء الدولة، وتقديم بدائل لهم عن الخيارات التي تطرحها الجماعات الإرهابية، حيث قامت الدولة مؤخراً بتعيين وزيرة شابة تمثل صوت الشباب، إيماناً بقيمة الشباب، كما حذرت دولة الإمارات من أن عدم الاستجابة لتطلعات الشباب هو سباحة عكس التيار، وبداية النهاية للتنمية والاستقرار، كما عملت على تعزيز دور المرأة ومشاركتها في المجتمع، بما في ذلك إدماجها في جهود مكافحة التطرف والإرهاب.

وشددت الإمارات على أهمية ترسيخ الوسطية والتسامح والتعددية في المجتمعات، لمنع الجماعات المتطرفة من استغلال الطائفية والعنصرية، لتجنيد الأفراد، وفي هذا الصدد يبرز مرسوم القانون رقم /‏2/‏ لسنة 2015 الصادر عن صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، القاضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة كل أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية، كما عينت الدولة وزيرة للتسامح، تعمل على نشر قيم التسامح والتعايش السلمي، فضلاً عن دعمها الخطاب الديني المعتدل، ورعاية كثير من المبادرات في هذا الشأن، منها «مجلس حكماء المسلمين»، الذي يهدف إلى معالجة جذور الطائفية.

وتحظى مسألة إصدار القوانين والتشريعات الرادعة للتطرف والإرهاب، بأهمية بالغة، حيث عملت الإمارات على وضع إطار عمل قانوني شامل، للتعامل مع التطرف، كما أقرت في عام 2014 تعديلات على قانون الإرهاب، بحيث بات يوفر أدوات جديدة لمحاكمة الإرهابيين، ويقدم في الوقت نفسه الفرصة لإعادة تأهيل أولئك الذين رفضوا الإرهاب وتخلوا عنه فكراً ومنهجاً.

كما أصدرت الإمارات، منذ عام 2004 قوانين جديدة واسعة النطاق، تكفل مكافحة تمويل الإرهابيين، وتجريم كل من يمولهم، فضلاً عن انضمامها إلى معاهدات دولية مهمة بهذا الشأن.. لافتة إلى أهمية تضمين جهود التغلب على المتطرفين والإرهابيين، جهوداً منسقة تكفل تنفيذ استراتيجيات بعيدة المدى، تضمن هزيمتهم فكرياً، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تستغل لنشر التطرف والإرهاب.

وتعمل الإمارات على كشف رسائل الجماعات المتطرفة، من خلال مركز «صواب» الذي أطلقته الدولة في مارس/‏آذار 2015 لمكافحة «دعاية» التنظيم المتطرف، ورفع صوت الاعتدال عالياً، وإحباط أصوات المتطرفين في المنطقة والعالم، وشددت الدولة على أهمية توحيد جهود الدول إقليمياً ودولياً، لاجتثاث تهديدات التطرف، بما في ذلك تبادل أفضل الممارسات والخبرات، وبناء شراكات دولية وتنسيق الجهود.

وشاركت الإمارات بفاعلية في أعمال مجموعة العمل التابعة للائتلاف الدولي لمحاربة «داعش»، والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وأصبحت رئيساً مشاركاً لمجموعة عمل مكافحة التطرف العنيف، ودعت المجتمع الدولي إلى توفير الأدوات والخبرات التي تسهم في بناء طاقات وقدرات الحكومات، للقضاء على تهديدات التطرف والإرهاب، حيث حرصت على استضافة مركز «هداية» الدولي الذي يعمل على تقديم الدعم والتدريب والبحوث، ومساعدة المجتمع الدولي، على بناء القدرات وتبادل أفضل الممارسات لمكافحة الإرهاب.

البابا فرنسيس: ليس من الصواب الربط بين الإسلام والعنف

كان للبابا فرنسيس، مواقف مشهودة وتصريحات واضحة، حيال ربط الإسلام بالعنف، أبرزها تصريحه الذي قال فيه: «إنه في جميع الأديان، تقريباً، يوجد «أصوليون»، حتى بين الكاثوليك»، مؤكداً أنه ليس من الصواب الربط بين الإسلام والعنف، محذراً من الأحزاب الشعبوية التي تنشر العنصرية والعداء للأجانب. وبذلك فض البابا فرنسيس الربط بين الإسلام والإرهاب، مؤكداً أنه يمكن للكاثوليك، كما للمسلمين، أن يكونوا عنيفين، محذراً أوروبا من أنها تدفع قسماً من شبابها نحو الإرهاب.

وقال للصحفيين، على متن الطائرة التي عادت به من بولندا، «ليس صحيحاً أو حقيقياً أن الإسلام هو الإرهاب، ولا أعتقد أنه من الصواب الربط بين الإسلام والعنف»، رداً على سؤال عن سبب عدم ذكره بتاتاً الإسلام في كل مرة يدين فيها هجوماً جهادياً، ولا سيما ذاك الذي نفذه أخيراً جهاديان داخل كنيسة في فرنسا وذبحا خلاله كاهناً مسناً.

وتابع البابا في كل يوم حين اقرأ الصحف أرى أعمال عنف في إيطاليا: «أحد يقتل صديقته، آخر يقتل حماته، وهؤلاء كاثوليك معمدون»، مضيفاً «إذا تحدثت عن أعمال عنف إسلامية يتعين علي أيضاً أن أتحدث عن أعمال عنف مسيحية، في كل الديانات تقريباً هناك دوماً مجموعة صغيرة من الأصوليين، هم موجودون عندنا أيضاً».

وشدد، على أن الدين ليس الدافع الحقيقي وراء العنف. وقال «القتل يمكن أن يتم باللسان تماماً كما بالسكين»، محذراً من صعود الأحزاب الشعبوية التي تنشر العنصرية والعداء للأجانب. وأكد أن الإرهاب «يزدهر عندما يصبح رب المال هو الأول، وعندما لا يكون هناك خيار آخر». وأضاف: «كم تركنا من شبابنا الأوروبيين، من دون مثال أعلى، ومن دون عمل، فتوجهوا إلى المخدرات والكحول وإلى الجماعات الأصولية».

د. عتيق جكة: الزيارة رسالة حضارية للتسامح

أكد الدكتور عتيق جكة المنصوري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات، ومدير «مركز السياسة العامة والقيادة»، أن الزيارة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، إلى الفاتيكان ويلتقي خلالها البابا فرنسيس، في مقر البابوية، تأتي في توقيت مهم جداً، لما تمر به المنطقة من احتقان طائفي وإثني وديني، أججته تيارات متطرفة تحاول اختطاف القرار العربي والإسلامي، وتقدم نموذجاً مشوهاً للإسلام والمسلمين. 

وأضاف: لذا فإن سموه يرسل رسائل حضارية مميزة للعالم، بأننا في الإمارات نمثل نموذجاً مستنيراً للإسلام والمسلمين، وأننا مجتمع متسامح يضم كل الطوائف والإثنيات التي تعيش بتناغم وسلام، ونقدم نموذجاً حضارياً للتعايش السلمي.

وأشار إلى أن الإمارات تمثل، من خلال رؤيتها، نموذجاً تقدمياً للمجتمعات المتحضرة التي يتساوى فيها الإنسان أمام القانون، بغض النظر عن دينه وعرقه.

المصدر: الخليج