الاحترافية بديلاً للولاء المؤسسي

آراء

تركز كثير من المؤسسات على أهمية الولاء المؤسسي، أي ولاء الموظف للمؤسسة أو صاحب العمل، ولكن البعض يسيء فهم الولاء المؤسسي، معتقداً أنه التغني بحبه للمؤسسة، أو قضاء ساعات أطول في العمل، أو تفضيل مصلحة العمل على أولاده وأسرته، وما إلى ذلك من صور المبالغة.

لن تستفيد المؤسسة إذا احترق الموظف في العمل، أو لم يتمتع بإجازاته الاعتيادية أو وقته الخاص، فيمكن للموظف أن يفيد مؤسسته بطرق كثيرة بخلاف العمل خارج مواعيد العمل الرسمية، أو مجاملة الإدارة وإظهار الحب المفرط للمؤسسة. إن مفهوم ولاء الموظفين يجب أن يتم استبداله بالاحترافية، وهو نهج أكثر حداثة ونضوجاً للعلاقة بين المؤسسة أو صاحب العمل والموظف، حيث تركز الاحترافية على التزام الموظف دوره. ومن الأسباب الداعمة للتحول نحو الاحترافية بدلاً من الولاء المؤسسي أولاً: الطبيعة المتغيرة للعمل، في الماضي كان الموظفون غالباً ما يظلون في شركة واحدة طوال حياتهم المهنية، ولكن اليوم يفضل الموظفون الوظائف التي توفر فرص التعلم والنمو، ومن الطبيعي أن يغيروا وظائفهم إذا شعروا بأنهم لا يتقدمون مهنياً، وبالتالي يجب التركيز على الاحترافية، لأنها تتوافق بشكل أفضل مع واقع سوق العمل الحديث.

ثانياً: تغير توقعات الموظفين، لدى الموظفين اليوم توقعات أعلى عندما يتعلق الأمر ببيئة عملهم، حيث يبحثون عن وظائف تتحداهم فكرياً، وتوفر فرصاً لتنمية مهاراتهم، وتدعم التوازن بين العمل والحياة. والولاء الذي غالباً ما يعني التزاماً طويل الأمد تجاه صاحب عمل واحد لا يتماشى دائماً مع هذه التوقعات. ثالثاً: العولمة والتنوع: مع ازدياد عالمية المؤسسات وتنوعها، أصبحت القوى العاملة تتكون من خلفيات ثقافية مختلفة، وهنا تُقدم الاحترافية معياراً عالمياً موحداً للسلوك والأداء يتجاوز الاختلافات الثقافية، ما يجعلها مفهوماً أكثر شمولاً وقابلية للتطبيق في أماكن العمل متعددة الثقافات. رابعاً: العلاقة بين صاحب العمل والموظف: أدى المفهوم التقليدي للولاء في بعض الأحيان إلى علاقة أحادية الجانب بين صاحب العمل والموظف، حيث كان من المتوقع من الموظفين إظهار الولاء دون التزام متبادل من صاحب العمل. في المقابل، تعزز الاحترافية الشراكة المتبادلة. خامساً: التكنولوجيا والأتمتة: مع دخول التكنولوجيا بعمق في بيئة العمل، تتطور المهارات والكفاءات المطلوبة للعديد من الوظائف بسرعة، وهذا يعني أنه يجب على الموظفين التكيف باستمرار وتحسين مهاراتهم، فالبقاء للأصلح وليس لمن لديه ولاء أكثر. وبالتالي تمثل الاحترافية نهجاً أكثر استدامة ومفيداً لكل من الموظفين وأصحاب العمل.

المصدر: الامارات اليوم