الاحتراق الوظيفي

آراء

ربما يعاني الكثير منا مشكلة كبيرة تؤثر في حياتنا العملية والاجتماعية دون أن ندري، ألا وهي مشكلة «الاحتراق الوظيفي» أو Burnout، وبحسب مجلة «هارفارد بنس ريفيو»، فإن «الاحتراق الوظيفي» هو حالة نفسية تصيب الموظف، وتُفقده الرغبة في العمل، وتقلل إنتاجيته فيميل إلى تأجيل المهام، ويؤديها في اللحظات الأخيرة، وقد تستمر هذه الحالة من بضعة أسابيع إلى أكثر من عامين في بعض الأحيان. وبعملية بحث بسيطة، حصلت على إحصاءات صادمة عن هذه الظاهرة.

فبحسب بوابة «Indeed»، يعاني 52% من العاملين «الاحتراق الوظيفي»، ويعتقد 67% من الموظفين أن «الاحتراق الوظيفي» قد تفاقم خلال فترة وباء «كورونا»، وقال 36% من الموظفين إن مؤسساتهم لا تفعل أي شيء للمساعدة في التغلب على «الاحتراق الوظيفي». إن الموظفين الذين يعانون «الاحتراق الوظيفي» هم أكثر عرضة بنسبة 63% لأخذ يوم مرضي، و2.6 مرة أكثر عرضة للبحث عن وظيفة أخرى. وتشير التقديرات إلى أن هذه الظاهرة تكلف الاقتصاد الأميركي أكثر من 500 مليار دولار سنوياً، مع فقدان 550 مليون يوم عمل. لقد عانى 84% من جيل الألفية، الإرهاق في وظائفهم الحالية، مقارنة بـ77% من جميع المشاركين. وتؤكد هذه الإحصاءات الحاجة المُلحة للمؤسسات لمعالجة الاحتراق من خلال استراتيجيات تعطي الأولوية لرفاهية الموظفين، وخلق بيئات عمل داعمة.

إذاً، ما الذي يسبب تلك الظاهرة؟ أولاً: كثرة ضغوط العمل، خصوصاً عندما تكون المهام كثيرة، ويُطلب إنجازها في وقت قصير. ثانياً: قلة الصلاحيات، حيث يحتاج الموظف إلى قرارات سريعة في بعض الأمور، لكن ليس لديه الصلاحيات الكافية، وبالتالي يؤثر ذلك بشكل سلبي في عمله، خصوصاً عندما يكون الموظف في مواجهة العملاء، ويتحمل لومهم أو شكواهم وحده. ثالثاً: غياب التقدير والتحفيز، خصوصاً للموظفين المجتهدين الذين يتحملون صعوبات العمل، ويأتون بحلول مبتكرة للمشكلات، ويضيفون قيمة للعمل، ثم تعاملهم الإدارة كبقية الموظفين دون كلمة «شكراً»، ولو حدث وتم تقديرهم، فإن ذلك يأتي متأخراً بعد فوات الأوان، وأذكر شخصياً أحد الأمكنة التي عملت بها في السابق، وحصلت على جائزة الموظف المثالي، لكن استلمت الشهادة بعد أن كنت قدمت استقالتي. رابعاً: انعدام أو ضعف الحياة الاجتماعية في بيئة العمل، حيث لا توجد أنشطة، ولا يتم الاحتفال بالنجاح والإنجازات، وبالتالي يصبح الموظف مثل الآلة، ويصبح مكان العمل بلا روح، بل مجرد جدران ومكاتب وأجهزة. خامساً: الظلم الوظيفي، حيث يطلب من الموظف القيام بمهام كبيرة، ولا يمنح الأدوات والموارد اللازمة لإنجازها، في حين أن موظفين آخرين لا يبذلون جهداً يُذكر، ويحصلون على مزايا أكثر. سادساً: صراع القيم، حين لا تتفق القيم الشخصية مع القيم المؤسسية، كأن يُطلب من الموظف الكذب أو التملق. وللحديث بقية.

المصدر: الامارات اليوم