علي القاسمي
علي القاسمي
كاتب سعودي

البالون الصوتي بـ«اسم إيران»

آراء

< لا يمكن لحسن نصر الـ... أن يتحدث من دون استدعاء العنوان الكبير الذي يسكنه، ويعيش في داخله أكثر من انتمائه العروبي المزيف حتى تاريخه، انتماؤه مستند إلى بضع فلاشات يدبّج بها خطبه وحواراته، فينساق معها القطيع المهووس بالعروبة المغناة على اللحن الفارسي، وإن صرخ وصاح وغضب زعيم اللحن وقال إنه رائد العروبة وقضاياها من دون أن يكلف نفسه تجاهها سوى بإجادة السبك والحبك والعزف على عمق الجذور، وضرورة ألا تموت هذه الجذور سوى على قضية «منيحه» تتكئ على قيم ومبادئ يراها لوحده. العنوان الكبير الذي يستلهمه لقاحاً مضاداً ضد ما هو عربي هو اللقاح الايراني، إذ يدخل معه وبه في نوبة من الهيجان، والإدمان لروائح ولوازم وتحضيرات العنوان وما رافقه من البهارات، يدندن المتحدث -البالون الصوتي- بين وقت وآخر على وتر قضية فلسطين، لأنها القضية التي تدغدغ العامة، وتسحب العواطف لا العقول، متى ما كانت الساحة منشغلة بقضية أكثر إرباكاً وخيانة وحسابات قذرة، يرتدي فلسطين بصفتها عمامة موقتة، فيما لا يعنيه وعشاقه دعس هذا الشعار طالما كان في الطريق نحو حبكة سياسية بالغة الخبث. مفتتن هذا الكوكتيل المصنوع على نسق «سمك تمر لبن هندي» بحكاية «ما حدا إلو على حدا جميل»، ولكنه لا يعرف الفرق بين الجميل والعميل، فهو يستخدم كلمة الجميل في هذه العبارة الشعبية فقط، فيما يستبدلها بالعميل في سائر الحكايات والإجابات وقصص الانفعال والغضب من وعلى كل شيء. الظاهرة الصوتية «الثرثارة» مزج بين القدرة على التأليف السياسي المبني على أزمات نفسية متلاحقة، والعشق الخارج عن سيطرته لإيران، للحد الذي يرغب فيه أن يبوح ويقفز ويبكي عنها، في ظل أن الحديث بالنيابة مهمة حصرية يقوم بها بتصاعد وحماسة، لا سيما وأن الأوراق التي يجمعها في إطلالاته مفتتنة بنهايات الألف والنون ونهايات الياء والألف واسألوا إيران ولبنان وسورية وروسيا. يستميت مَن له مِن اسمه العكس في تدمير علاقات لبنان السياسية والاقتصادية ليتناول اللقاح الذي لا يعيش إلا به بغض النظر عن تداعياته الخطرة، يحاول أن يبعد كل شيء عن الزاوية الدينية، وكأن المتابعين لانعدام توازنه لا يعرفون ولاءه الملخِص لعقله. غاية مناه أن تصبح خطبة الجمعة في لبنان منقولة من تلفزيون طهران، وأن لم يصرح بذلك. الرجل الديبلوماسي والسياسي كما يرى نفسه يكتفي بالخطوط العريضة في مقاوماته ومناضَلاته الحزبية، من دون المشاركة الفعلية لضرورات مشروعه العاري، ويرى أن الخلاص من خطر الحرب الإقليمية مرتهن بقوة إيران، وذاك مرده لكونه راعياً بلبنان ومرتزقاً بإيران، ومن ثم يصرخ بالديموقراطية، ويفكك الشؤون الداخلية الأخرى، فيما هو عاجز عن ختم اسمه بجنسية تتطابق مع نواياه واتجاه قلبه وعقله. خذوا هذا السطر عن حسن نصر الفُرس، والذي يرى لسورية معزة خاصة، ولفلسطين مثلها، ويخاف على العراق، ويحذر اليمن، ويتهم «السعودية»، ويشكك في دول الخليج بالمجمل، ولن أقول شيئاً عن «إيران»، لأنها المرضعة الطبيعية، وبيدها لقاح المعيشة، وسر جودة الحبال الصوتية، وفخامة العمامة، والإطلالة، يقول: «سورية دولة تأخذ قرارها باستقلال وتراعي مصالحها وتنطلق من قيمها ومبادئها...، وكل ما يجري في المنطقة لا يزعجها ولا يخيفها...»، دلوني على دولة عربية عندها هذه المميزات، لنتساءل هنا تحديداً عن الجو الذي يفكر فيه بمثل هذه التحليلات والقراءات السياسية، وعن الدواء المستخدم لعلو درجة مزاجه، وإحضاره مثل هذه الجمل المريضة الطريفة في آن، وإن كانت الحقيقة المرة تقول إن هذه الجمل فطيرة سياسية يعجنها: «حزب الله»، وتحشوها: إيران. المصدر: الحياة http://www.alhayat.com/Opinion/Ali-El-Ghasmi/8462908