طلال الفليتي
طلال الفليتي
كاتب إماراتي

التلاحم الوطني المجتمعي

آراء

كلنا نعلم بأنه منذ انتخاب المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيساً للاتحاد، وأخيه المرحوم راشد بن سعيد آل مكتوم رئيساً للوزراء، تم التجسيد الحقيقي للتلاحم الوطني، وتذليل كافة الصعاب التي تواجه المواطنين، فالشعب الإماراتي أحب القيادة الرشيدة..

والتف حولها بجد وتطلع دائم نحو الأمام لاستشراف المستقبل للإسهام في تحقيق الحلم المشترك والمصير الواحد، وترسيخ دعائم الدولة الحديثة ومشاطرة أبنائها خيراتها، فعم الأمن والرفاه آنذاك وحتى يومنا هذا.

وها هو النهج يستمر، فصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، رسخ نهج الآباء المؤسسين للاتحاد، بالتواصل المباشر مع المواطنين والوصول إليهم في شتى بقاع الدولة، وتلبية احتياجاتهم ومشاركتهم كافة المناسبات كأسرة واحدة متماسكة، وبيت واحد من السلع إلى الفجيرة.

ولا يزال الشعب الإماراتي يسطر للتاريخ أجمل صور التلاحم بين أفراده وبين الشعب وقيادته، وتاريخ الوفاء والشهادة في مسيرة الإمارات، بدأ منذ مطلع السبعينيات، حين سطر الشهيد سالم سهيل بن خميس، اسمه في طليعة الشهداء المدافعين عن أرض الوطن، فبات تاريخ استشهاده «يوماً للشهيد»..

وفي مارس من العام الماضي، بعد بدء عاصفة الحزم، واصل أبناء الإمارات البواسل مسيرة الشهادة بحزم وعزم على طريق النصر، حيث استشهد السابقون، ثم تلتهم قافلة الشهداء الخمسة والأربعين في الرابع من سبتمبر الجاري. ليقف الجميع على ذكرى المدافعين عن الحق والأرض والأمان، ولنتذكرهم ونتعلم من وفائهم وولائهم.

إن الزيارات التي قام بها أصاحب السمو الشيوخ والقادة والمسؤولون لأداء واجب العزاء لشهداء الإمارات البواسل في كل إمارات الدولة، والجرحى المصابين في المستشفيات، والقبلات على جباههم، تملؤها عبارات الفخر والاعتزاز والإقدام والقوة والإشادة، مستبشرين بالنصر القريب بإذن الله، لهو دليل حي ونموذج في التلاحم الوطني المجتمعي، نابع من اهتمام قيادتنا بالشعب والمجتمع الإماراتي، وفي إطار ترسيخ مفهوم الترابط الأسري والتعاضد الاجتماعي بين مختلف شرائح وفئات المجتمع..

هذه الزيارات خرجت من القلب، فلامست القلوب والعقول، وتبناها الجميع، لأنها ارتكزت على معان سامية، ترتبط بقيم التلاحم الوطني والمجتمعي، ومفاهيم التماسك الأسري والتكافل الاجتماعي، في إطار القيم والأخلاق العربية والإسلامية للمجتمع الإماراتي الوفي الأصيل، المحب لقادته وأرضه، ويرخص لأجلهما كل غال.

الوحدة كممارسة، لا تعني القوة المجردة فقط، وإنما تعني الخيارات الإنسانية والمحبة والتوافق والأمل بالمستقبل، وتجسيد التلاحم المجتمعي، والتجربة الإماراتية الوحدوية، خير دليل على تجسد اللحمة وعمق التفكير الاستراتيجي لصانع هذه الوحدة، وبعد نظر عميقة، وبصيرة ثاقبة، واستقراء صحيح للمستقبل، مثلما جسدت هذه التجربة المعنى العميق لها على أهمية تحقيق مصلحة الوطن فوق كل شيء، والأخذ بمبدأ الإيثار والثأر، ونكران الذات في بناء الإمارات.

لقد اتسم أبناء زايد بكثير من الشيم التي غرستها أياد طيبة، وضعت بذرة التآخي بين أبناء الشعب، وعلى رأسهم المغفور له بإذن الله، الوالد المؤسس، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي حكم شعبه بالحب.

فبادله الشعب حباً بحب، وتولى هذه البذرة بالرعاية والسقيا، جيل من القادة، يرأسهم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، فحملوا الأمانة بصدق وإخلاص، واتبعوا سياسة الباب المفتوح، فلم يغلقوا بابهم دون شعبهم، ولم يكونوا يوماً بمعزل عنهم، بل شاركوهم أفراحهم وأتراحهم، وضربوا النموذج والقدوة في التصاق القيادة بشعبها دون حاجب أو حاجز، عندئذ، تشكلت البيئة الصحية لتعميق مفهوم التلاحم الوطني..

وقوة التلاحم بين القيادة والشعب، وما تمثله هذه العلاقة من أساس متين لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أصبحت مثالاً يحتذى به في جميع أنحاء العالم. فجميع المواطنين في كل إمارات الدولة، ينتمون إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، ولا فرق بين إمارة وأخرى، أو بين مواطن وآخر، بل نحن جميعاً نستظل بقوة الاتحاد، فهو حاضرنا ومستقبلنا.

وفي الختام، وفي هذه المحنة وهذه الأيام… علمتنا نحن كمواطنين، الكثير، ورأينا الكثير… فبقدر حزننا وصبرنا على الفقد وعلى شهدائنا، إلا أننا أثبتنا للعالم، مدى قوتنا وشجاعتنا وثباتنا وتلاحمنا مع قادتنا وشيوخنا، وكل الإمارات أسرة واحدة وبيت واحد، حفظ الله وطني الإمارات، وحفظ قادتنا وأبناءه الأوفياء من كل شر.

المصدر: صحيفة البيان