الحوادث المرورية تبلغ ذروتها في رمضان والسائقون السبب الأساس

منوعات

93aa

محمد الأمين (أبوظبي)

طالبت مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي السائقين بتوخي الحذر في رمضان، خاصة في الفترات من الساعة الثانية عشرة ظهراً حتى الساعة الواحدة ظهراً، ومن الرابعة مساء إلى الخامسة مساء، مشيرة إلى ارتفاع عدد الحوادث خلال الفترة ما بين الحادية عشرة والثانية عشرة ليلاً.

وشددت المديرية على أن هذه الفترات تم تحديدها بناء على دراسة تحليلية لـ «حوادث الطرق ومستوى السلامة المرورية بإمارة أبوظبي خلال شهر رمضان الكريم» في الفترة (2009- 2012)، وأكدت الدراسة أن معظم الحوادث الجسيمة في الشهر الكريم تقع خلال هذه الأوقات، منها 68% من الحوادث المرورية على الطرق الخارجية، ونحو 32% على الطرق الداخلية.

وتبلغ الحوادث المرورية والإصابات والوفيات المرورية ذروتها في شهر رمضان المبارك بحسب المقدم جمال سالم العامري، رئيس قسم العلاقات العامة في مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي.
وإذا كان رمضان مناسبة لترسيخ الأخلاق الحميدة وتعزيز مبدأ الإيثار في كل مسلك، فإن سلوك بعض السائقين في الشوارع يشير إلى خلاف ذلك، فتزداد العصبية عند بعض الأشخاص خلال أيام الصوم، خاصة في الساعات الأخيرة وبأساليب متعددة، وفي نهار رمضان، بل وتزداد الحوادث المرورية الناجمة عن الإهمال والتشنج، ما يتنافى مع مقصد الصوم والغاية منه، ويعتبر الغروب وقتاً ينطوي على مشاكل كبيرة، حيث يسرع السائقون ليصلوا في الموعد المحدد للإفطار دون مراعاة لمتطلبات الطريق، فهل تعود السلوكيات السلبية لبعض السائقين في رمضان إلى سوء إدارة للوقت أم إلى الجهل بمتطلبات الصوم أم أن هناك عوامل أخرى وراء هذه الظاهرة؟ وفي السطور التالية نستطلع آراء عدد من قائدي السيارات.

قبل المغرب الأصعب

قال حمدان علي: إن الوقت الذي يسبق المغرب يعد الأصعب على الصائم المستخدم للطريق، لافتاً إلى أن ساعة ما قبل الإفطار تعد مزيجاً من النزعات النفسية والحاجات البدنية، وقد يستغل السائقون هذا الأمر كحجة لإساءة التصرف في القيادة على الطريق، لتتحول الطرقات إلى فضاءات للانفعال تحت ذريعة الصوم والصوم براء.

وأضاف أن الحرارة المرتفعة والازدحام وعدم انتباه البعض وتغير العادات الغذائية، كلها عوامل تؤدي إلى ضيق الخلق وسرعة الامتعاض والتبرم، إلا أن الهدف من الصيام هو الصبر، وبالتالي فالسلوك العدواني مناف للغاية من الصوم، حيث يطبع تصرّفات بعض السائقين.

وأشار إلى أن هذا السلوك قد يمتد إلى ما بعد التراويح، حيث يقوم البعض بقفل الطريق على البعض في مواقف المساجد، لافتاً إلى أن بعض الصائمين قد يدخل المسجد ليصلي العشاء فقط، وينطلق في سفر أو شغل ليصلي التراويح لاحقاً، غير أنه يضطر للانتظار ساعة ليخرج إليه آخر كان قد سد عليه الطريق.

وقت خاص

واعتبر سعيد المزروعي، أن لرمضان وقتاً خاصاً يحب المرء أن يكون فيه مع المقربين منه لحظة الفطور والسحور، ما يتسبب في كثير من الازدحام في لحظات، كون الجميع يسعى للوجود في هذه اللحظة ضمن عائلته، منبهاً إلى أن ما يجري في الشوارع خلال شهر الصيام هو نسخة لما يجري طيلة العام، وإنْ كان الجوع أو العطش قد دفعا البعض إلى إظهار سلوكه لحظة كان ينبغي إخفاؤه.

ولفت إلى أن بعض السائقين تزداد محنته بسبب حالة الازدحام التي تكون عليها معظم الشوارع، خاصة في الساعات القليلة التي تسبق موعد الإفطار، وتكون الرغبة لديه في الوصول المبكر إلى مائدة الإفطار سبباً مباشراً في وقوع صدامات كثيرة بينه والسائقين، ما يتسبب في وقوع حوادث سير جديدة علاوة على التجاوزات اللفظية.

الوصول في الوقت المحدد

وأضاف لو حاول كل واحد أن يحافظ على النظام ويضبط نفسه ويصبر قليلاً لتجاوزنا معضلة الازدحام في الشوارع، ولكنّ الجميع يريد الوصول في الوقت المحدد، الأمر الذي يُحدِث بعض الارتباك في شوارع كثيرة ويتبادل بعض السائقين الشتائم، دون مراعاة خصوصية هذا الشهر، فهم يعتقدون أن الصيام يزيد من حالة التوتر.

واعتبر الصديق محمد أحمد الشيخ، السهر إلى فترة متأخرة من الليل والاستيقاظ باكراً، السبب المباشر لتشنج الأعصاب لدى فئة واسعة من الصائمين. وقال أنا أنصح بعدم السهر وبالحفاظ على المدة المعقولة للنوم، فالكثير من الصائمين يقضون ساعات طوال في السهر، ما يحرمهم من أخذ الراحة، وهو ما يؤثر سلباً على حياتهم العادية، فيكونون أكثر الناس عرضة للغضب السريع.

ونفى علي سهيل العامري، وجود أي رابط بين الصوم وما تشهده الشوارع من ضيق في الخُلق، مؤكداً أنه لا علاقة للصوم بتغيير السلوك ومزاج الصائم إلى الأسوأ بل العكس، فالسلوك العدواني للبعض مرده عدم إدراكه للتغيرات التي يتطلبها رمضان. وقال إن طبيعة الحياة في رمضان تترك آثارها على سلوكنا ولكن بالمعروف والحسنى والقول الطيب.

الجميع يغضب

وترى فاطمة البلوشي أن رمضان يغير المزاج وأن النساء هن الأكثر عرضة لهذا الأمر، مشيرة إلى أن بعض السلوكيات تسهم في زيادة المشهد احتقاناً، فالبعض لا يقوم بشراء حاجياته إلا بعد صلاة العصر، خاصة الأسر الجماعية والعزاب، وبالتالي يكون الشارع مزدحماً، والجميع يريد الوصول إلى بيته قبل المغرب.

وأقرت البلوشي، بأن سلوك ضيق الخُلق والكلام النابي وعدم الانتباه وإطلاق منبه السيارة، سلوك يتنافى مع الحكمة من رمضان التي تفترض أن تغير الكثير من عاداتهم وسلوكياتهم السيئة.

أهمية إدارة الوقت

وأضافت «على السائقين إدراك أهمية إدارة الوقت ليغادروا قبل مدة كافية ويصلوا في الوقت المناسب، واستخدام المؤشرات الضوئية حتى يدرك المشترك معك في الطريق قراءة سلوكك وتصرفاتك بشكل صحيح، ما يجنبنا الازدحام الشديد».

التاكسي تحاشياً للحافلات

ويفضل البعض استخدام التاكسي مع دخول شهر رمضان وارتفاع درجات الحرارة تحاشياً للحافلات العامة في الساعات الأخيرة قبل الإفطار، لكنهم يفاجأون بسلوك عدائي من قبل أصحاب التاكسي أو رفض التوقف لنقلهم، كما أن السائق ينفعل لأتفه الأسباب وأحياناً الزبون بحسب علي الحضرمي، الذي يقول إنه لا يملك سيارة، لذلك يلجأ إلى التاكسي إلا أن الطلب يتزايد على النقل، خاصة أن الجميع يخرج في الساعة نفسها قبل الإفطار، ما يجعل الحصول على تاكسي أمراً صعباً للغاية، وبعضهم قد لا يقف أو يرفض نقلك لبعض الجهات، متعللاً بالاختناق المروري في بعض الشوارع وإنْ فرضت عليه ذلك يصبح سلوكه عدوانياً.

الطقس سبب

ويتابع الحضرمي «حرارة الطقس والتشنج والاكتظاظ المروري عوامل مؤثرة في سلوك السائق، وكذلك انقطاع الكثير من المدخنين عن السجائر في فترة الصيام، ما ينعكس سلباً على سلوكهم وانفعالاتهم، لا سيما المدمنين على التدخين».

للحافلات نصيب

كما يتسبب عدم وقوف السائق في المحطة التي كان الراكب يرغب في النزول فيها، في مشكلة لتتطور وتصل حد الشتم والسب، فالصوم بالنسبة للبعض ليس مناسبة لضبط النفس والتحكم في الأعصاب، ما يحول هذا الشهر من مناسبة دينية يستحضر فيها الإنسان كل الطباع الحميدة والأخلاق الجليلة، إلى وقت يسفر فيه البعض عن ما فيه من تشنج.

نصائح طبية

من جهتها، قالت الدكتورة نسرين مصطفى السعدوني، المتخصصة في الطب النفسي بمستشفى النور، ليس كل الصائمين لديهم حالات انفعال وتعصب، وإنما بعض من تعودوا على عادات محددة كالإكثار من القهوة أو التدخين، مشيرة إلى أن العصبية تزيد عند البعض بسبب نقص السكر في الدم، وكذلك الإمساك عن الأكل والشرب في هذه الأجواء الحارة.

ونصحت السعدوني، الصائمين بالإكثار من شرب الماء وتقليل السكريات في السحور لأن أثرها سيئ على الصائم، حيث تسبب شعوراً بالعطش، ما يزيد من عصبية البعض، كما نصحت الصائم بالتمرن على الإقلاع عن بعض عادته كالتدخين بشراهة أو كثرة شرب القهوة قبل رمضان. وأكدت أن الصيام في الأصل مدعاة إلى تهذيب النفس وتعلم الانضباط والالتزام.

الشرطة تقدم وجبات إفطار في المحطات والتقاطعات

وجه المقدم جمال سالم العامري، رئيس قسم العلاقات العامة في مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي، عناية السائقين، وبالتحديد في فترة ما قبل الغروب، إلى أن مديرية المرور والدوريات في شرطة أبوظبي قد قامت بمشاريع ومبادرات عدة، بالتعاون مع الشرطة المجتمعية، وكذلك جمعية الإحسان الخيرية، وعدد من المؤسسات التي تهتم بتقديم وجبات الإفطار في مواقع عدة، منها محطات الوقود والتقاطعات ودور العبادة بمدينة أبوظبي وضواحيها، بهدف التخفيف من الازدحام وتأثيرات الصيام التي قد تؤثر على التركيز بالنسبة للصائمين، ومن أجل رفع درجة السلامة المرورية كذلك على الطرقات الداخلية والخارجية في آن واحد، ولحماية مستخدمي الطريق من السائقين والمرافقين والمشاة. وكشف العامري عن أن المديرية ستقوم طيلة الشهر الفضيل بالتوعية والتنسيق المروري عبر دوريات تقف أمام المراكز التجارية من بعد صلاة التراويح في أبوظبي وضواحيها.

مركز الإفتاء: السلوكيات السلبية في رمضان تدل على الجهل بحقيقة الصوم

قال المركز الرسمي للإفتاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، حول رأي الشرع في ظاهرة الغضب والانفعال والعصبية وارتفاعها في رمضان عند السائقين الصائمين، إن الصائم لا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد فليقل إني صائم، فالمراد من الصوم الإمساك عن كل ما لا يرضي الله، والصوم أشمل من الامتناع عن الأكل والشرب، بل هو صوم البصر وغضه عما لا يرضي الله، وصوم السمع عن الكلام السيئ، وصوم اللسان عن التجريح أو السب أو الشتم، واستخدام الحركة في كل ما هو نافع فقط.

وأضاف المركز أن المسلم صاحب خلق حسن، سواء كان ذلك في شهر رمضان أو في غيره، وفي شهر رمضان يحتاج المسلم إلى التمسك بالخلق الحسن أكثر من أي وقت آخر، فالرسول عليه الصلاة والسلام، وصى الصائم إن سابه أحد أو قاتله فليقل «إني صائم إني صائم»، بمعنى أن الصائم قادر على الرد، لكنه يعيش عبادة، والصوم في أدق معانيه صبر، فكما أن الصائم مطالب بالصبر على الجوع والعطش والشهوة، فهو مطالب كذلك بالصبر على أذى الغير. وما يشاهد في الشوارع من غضب وسب في نهار رمضان، يدل على جهل الصائم بحقيقة الصوم والغاية منه، إذ يظن الصائم أن الصوم هو فقط الامتناع عن الطعام والشراب والشهوة، وقد يكون الدافع إلى حدوث مثل هذا الأمر هو عدم تعود الإنسان على الصيام قبل رمضان، خاصة في الأيام الأولى من الشهر، إذ يشعر الصائم بحاجته الشديدة للأكل والشرب، فتشتد عليه عوامل الاستثارة وهذه نتيجة طبيعية لما يعانيه الإنسان من نقص في الغذاء والمواد الضرورية لجسمه كالسكريات وغيرها.

ونبه المركز إلى أن الصوم درجات، منها درجة العوام التي يترك فيها الإنسان الطعام والشراب والشهوة فقط، وهذا أقل المسلمين درجة، وهناك درجة الخواص وهم من تصوم جوارحهم عن معصية الله فلا ينظر بعينه لمحرم ولا تصدر عنه عبارات نابية أو ألفاظ جارحة، وإنما يقول الذي هو أحسن ويتخير من الكلام أطيبه.

وأضاف أن ميل الإنسان إلى الخطأ في القول والعمل، ما يؤثر على مستوى أخلاقه، قد يكون سبباً في كبه في النار، والله سبحانه وتعالى يقول «لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس»، فيجب التزام ما ورد في هذه الآية الكريمة من الأمر بالصدقة والمعروف والابتعاد عن السب والتجريح، لأن الرسول «صلى الله عليه وعلى آله وسلم» يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»، إذاً فالصمت هو خير من التلفظ بألفاظ قد تؤثر على صاحبها وتسبب التضايق للآخرين.

الصدم والدهس والتدهور والانحراف المفاجئ والسرعة

الزائدة أبرز الحوادث المرورية في رمضان

قال المقدم جمال سالم العامري، رئيس قسم العلاقات العامة في مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي، إن الحوادث المرورية التي تقع خلال شهر رمضان الكريم تتصدرها حوادث الصدم والدهس والتدهور والانحراف المفاجئ والسرعة الزائدة، وتجاوز الإشارة الضوئية الحمراء وعدم ترك مسافة كافية ودخول طريق رئيسي دون التأكد من خلوه وانفجار الإطارات.

وبين العامري أن القيادة وسلوك السائقين يتأثران بالصوم بسبب أن بعض الصائمين يطيل السهر إلى ساعات متأخرة من الليل مما يؤثر على تركيزه أثناء القيادة وكذلك بالنسبة للناس الذي يتناولون حبوب السكري وضغط الدم وقد يسبب الصوم لهم ارتفاع السكري مما يؤثر على تركيزهم.

وأهاب العامري بالسائقين في حال شعورهم بتأثيرات بدنية تؤثر على تركيزهم توخي الحذر والاتصال مباشرة بغرفة العمليات المركزية، لافتا إلى أن مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي منعت دخول الشاحنات، التي تزن طنين ونصف الطن من الدخول إلى مدينة أبوظبي والعين، خلال ساعات الذروة في شهر رمضان الكريم من السابعة والنصف صباحاً حتى التاسعة والنصف صباحاً، ومن الواحدة والنصف ظهراً حتى الثالثة والنصف بعد الظهر، بما يسهم في توفير انسيابية سير الحركة المرورية.

وطالب السائقين بالحرص وتوخي الحذر، في الفترات من الساعة الثانية عشرة ظهراً حتى الساعة الواحدة ظهراً، ومن الساعة الرابعة مساء إلى الساعة الخامسة مساء، مشيراً إلى ارتفاع الحوادث من الساعة الحادية عشرة إلى الساعة الثانية عشرة ليلاً، لافتاً إلى أن تلك الفترات تم تحديدها بناءً على دراسة تحليلية لـ«حوادث الطرق ومستوى السلامة المرورية بإمارة أبوظبي خلال شهر رمضان الكريم» خلال الفترة من (2009- 2012)، والتي نوهت بأن معظم الحوادث الجسيمة خلال الشهر الكريم تقع خلال تلك الفترات.

المصدر: الاتحاد